خبر أوباما في مرآة الصهيونية: «خطوة جديدة في اللعبة الخطيرة ضد إسرائيل» ..ليف روجانسكي

الساعة 01:48 م|08 سبتمبر 2009

أوباما في مرآة الصهيونية: «خطوة جديدة في اللعبة الخطيرة ضد إسرائيل» ..ليف روجانسكي

 

ـ ترجمة: نوفل نيوف ـ السفير 8/9/2009

سبق أن كتب جيمس زغبي في «السفير» مقالة أشار فيها إلى الحملة التي قادتها الأقلام الصهيونية، ضد أوباما، بسبب منحه ميدالية الحرية لماري روبنسون. وهنا نص مقال من حملة العداء لأوباما.

يوم 30 تموز/ يوليو الماضي قلد (الرئيس الأميركي) باراك أوباما أرفع وسام مدني في أميركا (الولايات المتحدة)، وهو «ميدالية الحرية» (للسيدة) ماري روبنسون التي سبق أن كانت رئيسة الجمهورية الإيرلندية، ثم رئيسة لجنة حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة.

دخلت السيدة روبنسون تاريخ السياسة العالمية في العقد الأول من هذا القرن بوصفها، قبل كل شيء، المنظم والرئيس لما يسمّى بـ«المؤتمر العالمي ضد العنصرية» في دوربان 2001 . فقد كان ذلك المؤتمر منبراً لتوجيه اتهامات سافرة بل عنصرية ضد إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية ودول الغرب الأخرى من جانب ممثلي العالم الثالث، والدول الإسلامية أساساً. إذ انقلب المؤتمر عملياً إلى هَرَجٍ عالمي معادٍ للسامية، بل على قدْر من السفور أرغم ممثلي الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل على الانسحاب من المؤتمر، مثلما أرغم حكومتي البلدين على إعلان إدانة رسمية للمؤتمِرين والمشاركين فيه، والمسؤولين عن عقده. على أن ماري روبنسون هي من كانت المسؤولة الرئيسة عن عقد المؤتمر. فموقفها تحديداً هو ما أدّى، رغم احتجاجات وزير الخارجية الأميركية يومها كولن باول، إلى جعل جدول أعمال المؤتمر يتحول من مكافحة العنصرية إلى خطابية معادية للسامية. على أن أحد زعماء الديموقراطيين في الكونغرس، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، وهو الراحل توم لانتوس الذي أُنقِذ في طفولته من معسكرات الموت النازية، ألقى يومها مسؤولية ما جرى على روبنسون مؤكداً أنها بتبنيها مَن حوّل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني إلى موضوع رئيس في المؤتمر إنما خانت هدف المؤتمر، وشجَّعت القوى التي كانت تنوي استغلاله لمصالحها الشخصية.

يمكن القول إن ماري روبنسون بالنسبة لإسرائيل هي كقطعة القماش الحمراء بالنسبة للثور (في صراع الثيران.ـ م). بل انظر أيضاً إلى الموقف الذي اتخذته روبنسون من الولايات المتحدة الأميركية وسياستها! إن كل ما فعلته إدارة (الرئيس) بوش بعد 11 أيلول/ سبتمبر في الحرب ضد الإرهاب جعلته روبنسون مرمى نقد بوصفه «هدراً للتفوق الأخلاقي»، وعجزاً عن «كسب العقول والقلوب». وفي عام 2006، عندما أقرّ مندوبو الأمم المتحدة تشكيلة جديدة لمجلس حقوق الإنسان، بعد أن أخرجوا منه الولايات المتحدة الأميركية، وأدخلوا فيه الدكتاتوريتين الليبية والسودانية، كان طبيعياً أن يسمّي الأميركيون الأشياء بأسمائها، مثلما كان طبيعياً أن تدين ماري روبنسون الموقف الأميركي إدانة قاطعة. ويمكننا أن نواصل قائمة المجابهات بين روبنسون وأميركا. على أننا نعيد إلى الأذهان أن الرئيس الأميركي يقلّد في العادة «وسام الحرية» للشخصيات التي «قدَّمت خِدمات جُلّى لأمن الولايات المتحدة الأميركية ومصالحها الوطنية، وللسلام في العالم أجمع، وللمبادرات الثقافية والاجتماعية الهامة الأخرى، أو الشخصية».

وفي هذه الحال، فبناء على أي اعتبارات قلّد باراك أوباما هذه السيدة «وسام الحرية»؟ «وفيمَ كان يفكر وهو يرتقي المنصة، كما يقال؟»، يتساءل الأديب والكاتب الاجتماعي ديفيد سولواي في مجلة الإنترنيت (الإلكترونية) FrontPage Magazine ، ثم يجيب: «كان يفكر بتسجيل هدف آخر لمصلحة اليساريين!».

أمّا جيل وتيوي تروي في مقالهما في صحيفة New York Post فلا يستبعدان بنسبة 100% أن يكون مساعدو أوباما قد فاتهم شيء ما مرّة أخرى. ولكننا نظن، للأسف، أن اختيار ماري روبنسون كان عن وعي كامل، بل وكان ـ فوق ذلك ـ تنبيهاً قاسياً آخر لإسرائيل، مثلما كان إشارة تضامن مع أعدائها.

خلال أقل من سبعة أشهر من الحكم قال أوباما وفعل ما يكفي لاستخلاص عدد من الاستنتاجات حول تصوره عن العالم. فلا مكان في هذا التصور للقيم التي نشأت عليها أميركا وتكوّنت، بل هو بالمقابل متفهِّم ويستقبل بالأحضان من لا يطيق تلك القيم، ولا سيّما الحرية الفردية والمسؤولية الفردية. ففي عالمه ذي الخصوصية، عالمِ زعيم القبيلة الذي يحرّض الجماهير على السلطة من أجل ابتزاز أكبر قدْر ممكن من الفوائد والامتيازات المالية، كان يُنظَر دائماً إلى نظام الدولة في بلاده الأم كمملكة معادية تساند الأغنياء وتزدري المحرومين. ونضيف إلى ذلك أن أقرب الناس من أوباما كانوا أشخاصاً من طراز القس جيريماي رايت المعروفين بعدائهم الحيواني للسامية.

وفي صحيفة New York Post أيضاً يقول فيكتور ديفيس هانسون الباحث في معهد جوفر: «ثم يمضي كل شيء كنص مكتوب. فاليهود في بلادنا مصّاصو دماء، تغتني متاجرهم على حساب حارات (غيتوهات) السود، سواءٌ في ذلك نمطُ المرابي القديم والنموذجُ الجديد في صورة مدير عام يقتطع لنفسه حصة الأسد مما يكسبه عباقرة غناء «الرِِّب» السود؛ أمّا اليهود في الخارج فهم إسرائيل الصغيرة ذات التوجه الغربي، الخالية من النفط، والإرهابيين، ورومانتيك العالم الثالث، والتي تخيف قليلاً أو لا تخيف أصلاً، أو تمثل مجمل الصورة الجمعية لليهودي الغني الفائق النشاط والاستغلال».

وينظر الصحافي الكندي هوارد روتبرغ إلى تقليد ماري روبنسون «وسامَ الحرية» على أنه «انتقال بالولايات المتحدة الأميركية من موقع الزعامة في العالم الحر، وبالتالي من قوة تدافع عن العدالة والحرية في العالم كله، إلى موقع تسويغ الظلم على الطريقة الأوروبية».

وقد سبق لصحيفة The Washington Post أنْ لفتتِ الأنظار إلى أن الدولة الوحيدة التي ساءت علاقات الولايات المتحدة الأميركية معها بعد وصول أوباما إلى سُدّة الحكم هي إسرائيل.

فإذا ما تذكرنا إعلان أوباما عن أنه قبل انتهاء ولايته يجب أن يتم تحقيق السلام في الشرق الأوسط، لا نكون مضطرّين لأن نفكر طويلاً على حساب من تنوي إدارته بلوغ ذلك.