خبر في مديح التذبذب.. يديعوت

الساعة 09:13 ص|08 سبتمبر 2009

بقلم: عاموس كرميل

سهل جدا الضحك على المناورات التي يقوم بها الان رئيس الوزراء في موضوع البناء في المستوطنات. سهل جدا لخصومه، مثلا لكديما ورئيسته، عرضه كسياسي صغير، يحاول ارضاء الجميع بدلا من أن يحسم ويقرر. سهل جدا تشبيهه – سلبا بالطبع – بالفتى الاعجوبة اوباما، الذي يصطدم مع معارضيه في واشنطن ولكنه يواصل الكفاح في سبيل افكاره. سه جدا الهزء بانعدام التوازن للذبذبة بين كبار رجالات الادارة للقوة الاعظم في العالم وبين الجالسين على المقاعد الخلفية في كتلة الليكود. من السهل اتهامه بالجريمة الفظيعة للرغبة في البقاء في منصبه.

سهل جدا عمل كل هذه الامور الى لحظة التذكر، قبيل رأس السنة، للمسألة الاساسية في ليل الفصح: ماذا تغير عليه الوضع الحالي لبنيامين نتنياهو عن وضع كل رؤساء وزراء اسرائيل ممن كانوا مطالبين باتخاذ قرار غير مريح، برأيه؟

مثل كل أسلافه في المنصب يمكنه أن يعارض هذا القرار بحزم وان يصل الى مواجهة جبهوية مع الولايات المتحدة. ومثل كل اسلافه، فانه يرى "من هنا" كل النتائج السلبية الفورية لمثل هذه المواجهة وغير مستعد للتورط فيها. ومثل كل اسلافه، هو ايضا يعرف الفارق الطفيف بينه وبين الرجل من البيت الابيض. فله، خلافا لاوباما، لا يوجد ثبات في مكان عمله لاربع سنوات. هو، خلافا لاوباما يحتاج الى اغلبية في الحكومة وفي المجلس التشريعي، وليس فقط من أجل اقرار مشاريع قوانينه بل وايضا من أجل البقاء وراء الدفة: كي يضمن بقائه وكي يمنع المواجهة مع الولايات المتحدة على حد سواء دون التورط بخطوات لا مرد لها قبيل الانسحاب الكامل الى خطوط حزيران 1967.

والاغلبية التي لديه هي اغلبية ائتلافية هزيلة. لالف سبب وسبب، ولكن كحقيقة. كتلته هي فقط اكثر بقليل من ثلث هذه الاغلبية، ولما كان هو ليس بن غوريون في أوجه، فان صلاحياته في هذه الكتلة ليست أمرا مسلما به. لاعتبارات ديمقراطية أولية يتعين عليه أن يحقق موافقة اعضائها على الخطوات التي يتخذها، سواء كانوا وزراء كبار ومجربين واعضاء في "السداسية" مثل بيني بيغن وموشيه يعلون أم كانوا نوابا "خضر" يسمون تسيبي حوتبيلي وداني دانون وفهمهم السياسي يحتاج الى اثبات. بالتوازي مع موافقتهم، فانه يحتاج ايضا الى مواقفة باقي الشركاء الائتلافيين. دون أن يجندهم، سيجد نفسه في وضع السياسية "غير الصغيرة" تسيبي لفني، قبل قرابة سنة (عندما استقال ايهود اولمرت) والان ايضا – خارج مكتب رئيس الوزراء.

فضلا عن الرياضيات الاولية هذه، من الصعب على نتنياهو أن ينفعل لمنطق سياسة ادارة اوباما في الشرق الاوسط. صعب عليه – عليه فقط؟ - ان يرى المهمة المركزية لوقف البناء في المستوطنات في احباط الجهود لانتاج قنابل نووية ايرانية. صعب عليه – عليه فقط؟ - ان يرى كيف تساهم هذه الخطوة التظاهرية والمغطاة اعلاميا بشكل كبير في حل كل المشاكل الجسيمة التي منعت حتى الان اقامة دولة فلسطينية مجردة من السلاح ترغب في العيش بسلام مع اسرائيل. صعب عليه – عليه فقط؟ - ان يرى المطلب الامريكي بتجميد البناء كجملة واحدة كل من يساوم عليها يقع في خطيئة تدنيس المقدسات.

في ظل جمع كل هذه المعطيات لا يتبقى لرئيس الوزراء غير المناورة، أي التذبذب. لا ينفذ مهمة متعذرة بفضل تعريفها ويرضي كل الاطراف، بل يصل الى النقطة التي يتحقق فيها حل وسط عملي بين مطالبهم. قد لا يكون يفعل ذلك بالخبرة المناسبة تجاه واشنطن. قد لا يكون بوسعه العمل بحزم اكبر لاقناع معارضته الداخلية. قد يتورط دون مخرج لدرجة أن تسقط الحكومة وتحل الكنيست. ولكن محاولته الامتناع عن هذا الوضع مشروعة تماما.