خبر دروس قضية بولارد.. هآرتس

الساعة 09:11 ص|08 سبتمبر 2009

بقلم: عاموس هرئيل

تقرير مراقب الدولة عن المساعي لتحرير الجاسوس جونتان بولارد، والذي نشر الاسبوع الماضي حظي فقط باهتمام قليل. في جزء منه، نبعت التغطية الضيقة للتقرير في وسائل الاعلام من خلفية كتابته. فقد طلب التقرير كخطوة سياسية للنائب زبولون اورليف في حينه رئيس لجنة رقابة الدولة الذي سعى الى احراج حكومة اولمرت والاثبات في نفس الوقت لمحبي بولارد، معظمهم من اليمين، بان الجاسوس لم ينسَ. في جزئه الاخر أدت الى ذلك قيود النشر. لاعتبارات امن الدولة (وعمليا منعا لحرج آخر مع الولايات المتحدة) نقل المراقب ميخا ليندنشتراوس الى الصحافة صيغة خاضعة للرقابة فقط، من ثلاث صفحات من التقرير الكامل.

ولكن حتى في صيغته المقلصة يتضمن التقرير استنتاجات مشوقة، لا تنحصر بهذه القضية. فالمراقب يشخص ثلاث ظواهر اشكالية على مدى 23 سنة مرت منذ حبس بولارد: في كل المشاورات شارك فقط مساعدو رئيس الوزراء ومستشاروهم، دون أن تتشكل حتى ولا لجنة وزارة ضيقة. لا توجد "مذكرة تنظيمية" رسمية، والمحادثات والمشاورات التي عنيت بالقضية لم توثق على الاطلاق. ونقلت الدروس، هذا اذا نقلت، كـ "توراة شفوية" من رئيس الوزراء الى خلفه. فقد خشي الزعماء من الاستعانة بخبراء خارجيين.

ويدرج ليندنشتراوس في التقرير فتوى خبير، البروفسور كينت مان، الذي يعتقد بان القانون الامريكي يسمح لبولارد بالمطالبة باعادة المحاكمة بدعوى انه تضرر حقه الدستوري في اجراء سليم (Due Process). وسواء كان محقا ام مخطئا فالحقيقة هي انه لم تطرح فكرة مشابهة لتحرير بولارد حتى اليوم. فالدولة ليس فقط لم تتشاور مع رجال قانون من امريكا، بل ان وزراء العدل لم يشاركوا في المداولات على بولارد. عندما بدأ ليندنشتراوس فحصه وجهت اليه سهام الهزء المتوقعة: ماذا لديه من جديد ليقدمه؟ يتبين ان الفحص الخارجية يمكنه أن يؤدي الى توجهات فكرية مفاجئة.

الادعاء بانعدام عملية مرتبة لفحص البدائل والحسم بينها لا ينحصر في قضية بولارد. لجنة فينوغراد خصصت صفحات على صفحات لوصف التفكر المخلول والاعتباطي الذي ورط اسرائيل في حرب لبنان الثانية. وللقيادة في البلاد سجل طويل من القرارات المصيرية التي اتخذت على عجل، دون فحص كاف لاثارها.

كيف تعالج الان الحكومة مسائل مثل التهديد النووي الايراني او، على سبيل الفرق، شراء الطائرة القتالية المستقبلية؟ هل تنقل اليوم كل المعلومات ذات الصلة من القائد الى خلفه؟ يهدئوننا بان مداولات السداسية، اللجنة الوزارية العليا في حكومة نتنياهو، جدية ومعمقة. ولكن التجربة المتراكمة لدى المواطن الاسرائيلي تستدعي على الاقل طرح الشك. التفكير بان "احد ما فوق لا بد يعرف ماذا يفعله" بشكل عام يتبين انه مخطىء.

في الموضوع الايراني ايضا اطلقت تلميحات من ناحية ايهود اولمرت، وكأنه في فترة ارئيل شارون لم تجري استعدادات كافية لتطوير الخيار العسكري ضد المنشآت النووية. اما مستشار بنيامين نتنياهو، عوزي أراد فقد ادعى بان الحكومات السابقة تركت وراءها ارضا محروقة في المسألة الايرانية. وهل الان كل شيء على ما يرام؟ السنة القريبة القادمة ستضع أمام نتنياهو والوزراء الكبار معضلة لا يمكن التقليل من اهميتها. المسألة الايرانية صعبة ومعقدة بلا قياس اكثر من قضية محددة كتحرير بولارد. ينبغي للمرء أن يعود نفسه على عادات التفكير الايجابي على نحو خاص كي يؤمن بانه اذا ما وقع هذا مرة اخرى، فسيكون الحال مغايرا. وانه في المرة التالية بالذات، والتي هي الاهم بينها جميعا، كل شيء سيخطط ويسير كما ينبغي.