خبر التهديد الحقيقي للمستوطنات.. هآرتس

الساعة 11:42 ص|07 سبتمبر 2009

بقلم: يهودا بن مئير

على مستوطني يهودا والسامرة ان يسألوا انفسهم عن سبب زوال المستوطنات عن جدول الاعمال. من الصعب اليوم ايجاد موضوع يوحد العالم كله اكثر من معارضة المستوطنات. ليس من الممكن تفسير ذلك بسوق الذريعة البالية واتهامهم باللاسامية او القول بأن " كل العالم ضدنا" اصدقاء اسرائيل البارزين ايضا وهم ليسوا قلائل، شركاء في هذه المعارضة الحازمة شبه الاستحواذية للاستيطان، ناهيك عن قطاعات واسعة من الشعب اليهودي في البلاد والخارج. معارضتهم لا يمكن ان ترفض ايضا بالذريعة البالية "الكراهية الذاتية".

السؤال هو من اين تنبع هذه المعارضة القوية. رئيس الوزراء محق في قوله ان المستوطنات ليست سبب الصراع وانما نتيجة له. وكل ذي عقل لم يتعرض للرشوة ولم يصب بجرثومة كراهية اسرائيل يعترف بان المشروع الاستيطاني في يهودا والسامرة ليس السبب وراء الصراع وانه بعيد جدا على ان يكون السبب الاساسي لاستمراره. المشروع الاستيطاني هو نتيجة مباشرة لحرب حزيران التي كانت وفق كل الاراء حربا دفاعية مبررة وبطولية قد فرضت على اسرائيل. وبالنسبة للتسوية المستقبلية قد برهنت اسرائيل مرتين عن انها تعرف كيف تخلي كتلا استيطانية كاملة عندما ترغب بذلك. فهل يقوم مستقبل الشرق الاوسط فعلا على بناء بيت جديد في مستوطنة عيلي او حي في شيلا؟

ورغم ذلك، معارضة استمرار الاستيطان جارفة والضغط الممارس على اسرائيل في هذه القضية سيزداد قوة. ان صحت الانباء القائلة بان رئيس الوزراء سيوافق في الواقع على تجميد مؤقت للاستيطان، فهذا لانه اقتنع بانه لا يوجد اليوم شيء يلحق الضرر باسرائيل وبمكانتها واهدافها السياسية اكثر من المستوطنات.

الرد على سؤال لماذا تسير الامور على هذا النحو هو ان هذه المعارضة العميقة ليست موجهة ضد الاستيطان ذاته. معارضة الاستيطان هي نتيجة مباشرة للتفريط وثقافة الغمز واللمز والاحتيال واجواء ازدواجية المعايير السائدة منذ عشرات السنين في يهودا والسامرة. حتى ان كانت هذه الافعال محصورة بقلة من الناس الا انها تتسبب بأن تبدو مناطق يهودا والسامرة في  نظر العالم كله كالغرب الوحشي ومكانا ليست فيه سلطة للقانون وان السكان الفلسطينيين يعيشون فيه عرضة للاعتداءات والاحتيالات والتخويف واستلاب الاراضي. واقعا تقوم فيه مجموعات صغيرة من المتطرفين بكل ما يحلو لها مستخفة بالاخرين من دون ان يلمس ببنت شفة.

دولة اسرائيل تظهر كدولة غير قادرة او غير راغبة على فرض ارادتها على هؤلاء المتطرفين. البؤر الاستيطانية ومن يقيمونها باسلوبهم المتغطرس والمثير للغضب والهيجان، لا يمثلون مستوطني يهودا والسامرة ولكنهم يشكلون في   نظر العالم صورة للمشروع الاستيطاني ويسيئون سمعته في كل ارجاء المعمورة. الف مختص في الدعاية والعلاقات العامة لن يستطيعوا اصلاح هذا الوضع.

الخطر الحقيقي الذي يحدق بالمشروع الاستيطاني الهام والتهديد الاساسي لمستقبله لا يتمثل بالسلام الان ولا بالمنظمات اليسارية الاخرى وانما باليمين المتطرف على شاكلة "النساء بالاخضر" وشبيبة الجبال واشباههم. عدم استعدادية دولة اسرائيل لكبح جماحهم وعدم استعداد الاستيطان في يهودا والسامرة للفظهم من جوفه يغذيان نار المعارضة لكل المستوطنات برمتها.

على حكومة اسرائيل ان تعلن عن تجميد المستوطنات خارج القدس لمدة عام خلال هذه الفترة تقوم بفرض النظام مرة والى الابد في يهودا والسامرة. هذا الامر يخدم بؤبؤ عين الاستيطان وروحه.