خبر هذه المصيبة، شليت.. هآرتس

الساعة 08:00 ص|06 سبتمبر 2009

بقلم: تسفي بارئيل

"لا يمكن للدولة ان تضمن سلامتك او حياتك وعدم سقوطك في الاسر كجندي. انت تلتحق بالجيش حتى تقاتل. وهذا مكان لا يشبه اوروبا او غرب اوروبا. هنا من لا يرمش قبالة النار وصواريخ القسام وعمليات الاختطاف والمقابر العسكرية – وحده الذي يحافظ على بقائه".

اي نص وأية قصيدة هذه. كلنا أمل بأن يكون الضباط السريعون قد وجهوا الاوامر لجنودهم الذين يحتمل سقوطهم في الاسر او الاختطاف، بأن ينقشوا هذه الكلمات بالازرق الغامق في غرف الطعام بجانب عيونهم ويفضل ان تكون بدلا من السطور الخالدة "فلتعرف كل أم عبرية..." و "التدريب صعب والمعركة سهلة". بين مزدوجين مرسومين جيدا سيكتب تحت هذه الكلمات اسم قائلها. باراك، ايهود. وزير مليء بالثقة والامن. يقف هذا الشخص الموهوب بدرجة رهيبة والذي لا يفهم حتى اليوم كيف حدث ان الجمهور لم يؤمن به تماما ولم يسر وراءه ولم يعتبره قائدا وينظر بالايديولوجيا على فتيان المرحلة الثانوية. سبارتاكوس الاسرائيلي يؤنب الشعب الواهن ضعيف النفس الذي يرمش في مواجهة القسام ويصاب بالخوف من المقابر العسكرية.

"آن الاوان لنقول باستقامة: المقاتلون والجنود يأتون مع العلم بأن تنفيذ المهمة ينطوي على الاستعدادية للتضحية بأنفسهم". هو واصل التغريد بقصائده في صبيحة اليوم التالي. وكأننا ولدنا حقا في مكان آخر. وكأن المقابر العسكرية ليست مليئة بآلاف جثامين الجنود، الذين عرفوا انهم ذاهبون للتضحية بأرواحهم وضحوا بها. وكأن الجنود الاسرائيليين وحدهم يعرفون كيف يموتون في المعركة. "هنا اوروبا وغرب اوروبا" وحتى في امريكا، يقتلون في حروب غريبة الاطوار في العراق وافغانستان ويخطف جنود يتحدثون بالانجليزية. ولكن لم يقم اي وزير دفاع بتوبيخ جمهوره ولم يذكر أي قائد لجنوده ان عليه ان يموتوا بكرامة والا يحرجوا وزراء حكومتهم.

"متى نظمت الحكومات العربية مظاهرات ضخمة لممارسة الضغط من اجل اطلاق سراح اسير عربي او اطلاق سراح بعض مواطنيهم المسجونين في سجون العالم؟ هل سمعتم عن دولة عربية ما تهب من اجل اطلاق سراح سجين من سجن غوانتانامو الفظيع؟ طبعا لا. الدول  العربية صامتة صمت القبور" اتهم الصحفي العربي فيصل القاسم من شبكة الجزيرة في صيف 2008 الحشد الجماهيري والحكومي من اجل جلعاد شليت ألهب خيال هذا الصحفي واثار غضبه على القادة العرب. ولكن بامكانه الان ان يكون هادئا. باراك ينضم الى سلسلة القادة في المنطقة التي ليست "اوروبا او غرب اوروبا" والتي يعتبر الجندي المخطوف فيها مسألة سيئة جدا.

شليت ايضا عرف انه قد يموت في المعركة. ولكنه لم يعرف انه ان بقي حيا مخطوفا ومعذبا، سيتحول في نظر باراك الى مصيبة المصائب. الى قائد للتباكي الشعبي، والذي يهز عامود الشعب اليهودي الفقري المنتصب حتى سحقه سحقا. لانه لا يستجيب للقيمة العليا القاسية جدا "النصر او الموت". هو مجرد مخطوف.

"ثمن جدير" حدد باراك تسعيرة الجندي المخطوف. "جدير" لمن ولماذا؟ للحفاظ على كرامة الحكومة وماء وجهها؟ للحفاظ على مكانة الدولة الاعتبارية؟ جدير في نظر والداي شليت وآلاف الجنود الذين يخدمون وسيخدمون في هذا الجيش؟ وعملية "الرصاص المصهور" تلك التي لم تنجح في اعادة شليت الى بيته، هل هي ثمن ملائم؟ والطوق القاسي الذي فرض على مليون ونصف انسان والذي لم يستبدل ضرورة التفاوض مع حماس، فهل هو ايضا "ثمن جدير"؟

نحن لم نعد موجودين في بداية المفاوضات، هذه المرحلة التي تطرح فيها قضايا مثل اطلاق سراح مخربين مع دم على اليدين بنوع من الاهتمام السحيق. نحن نعرف جيدا ما هو الثمن حتى وان لم يكن ملائما لذوق باراك. ولكن تبقى قضية المكانة الاعتبارية. فهل يمكننا ابراز الاتفاق كانتصار. من اجل هذا يواصل شليت بقاءه في حفرته. ومن اجل ذلك يتلقى الجمهور صفعة من المعلم والاستاذ باراك.

جيش رفاق جلعاد ليس صرعة اعلامية. انه تعبير عن أماني الجمهور وتطلعاته، هذا الجمهور الذي يعرف ان الحكومة لا تستطيع ضمان حياة كل جندي او كل مواطن. ولكنه ليس مستعدا للجلوس مكتوف اليدين عندما ينتظر جندي حي ثلاث سنوات صدور المناقصة على حياته من اجل "الثمن الملائم".