خبر المستوطنات جيدة للسلام.. هآرتس

الساعة 07:59 ص|06 سبتمبر 2009

بقلم: رافي يسرائيلي

(أستاذ في الجامعة العبرية)

احد المبادىء الثابتة لـ "عملية السلام" يقول بأن "المستوطنات هي عقبة في طريق السلام" وكأن ازالتها كانت لتتمخض عن السلام فوق الارض دفعة واحدة. نحن نعرف عن يقين ان هذه المستوطنات لم تكن موجودة قبل عام 1967، ومع ذلك لم يكن السلام متاحا ايضا. الا ان كان المقصود التجمعات السكانية الاسرائيلية داخل اراضي اسرائيل، والتي اعتبرها العرب حينئذ "منطقة محتلة". ان كان الامر كذلك فان الامر الاكبر الذي تجسده المستوطنات الجديدة هو انها قد ازاحت مستوطنات داخل البلاد من مكانتها كمناطق محتلة وحلت محلها، باستثناء موقف حماس واجزاء لا بأس بها من العالم العربي، التي تواصل الترديد بأن حكم هذه التجمعات كحكم المستوطنات خارج حدود اسرائيل. الصيغة التي تقول ان السلام لن يقوم من دون المستوطنات هي ايضا صيغة هزلية ولا اساس لها.

موقف العرب السلبي من اسرائيل لم يعلق ابدا على اي جزء من المستوطنات القائمة فوق الارض. هم ينظرون بصورة سلبية لكل الاستيطان اليهودي في ارض اسرائيل عموما هذا الاستيطان الذي تتجذر من خلاله فوق الارض. يكفي التمعن في المناهج الدراسية التابعة للسلطة الفلسطينية "المعتدلة" حتى نرى بأن حيفا ويافا تعتبران هناك مدنا فلسطينية بينما تقول حماس ان من الواجب مصادرة ارض فلسطين الوقفية كلها من الدولة اليهودية، وانها لا تمتلك حق السيطرة على اي جانب من جانبي الخط الاخضر رحمة الله عليه.

في عام 2000 اقترح على ياسر عرفات انسحاب بنسبة 95 في المائة من المناطق ان كلف خاطره فقط ووقع على انهاء الصراع. الا انه رفض لان تسوية كهذه في نظره لم تكن لتضع حدا للسيطرة الاسرائيلية على ارض فلسطين. رغم ان اسرائيل قامت بخطوة اخرى من خلال انسحابها من غزة ولم تتوقف فقط عن البناء في المستوطنات بل اخلتها كلها من هناك، ردوا عليها بحرب جديدة ودمار جديد – وليس للسلام الذي كان من المفترض ان يأتي مع ازالة "العقبة" القائمة في وجه السلام. اي ان المستوطنات القديمة في اسرائيل بالمقارنة مع الجديدة التي "تشكل خطرا على السلام" لن تمتلك المناعة بل انها معدة ايضا لهجمات العرب مع شن المعركة على المستوطنات الجديدة ايضا.

اليوم نحن نعرف ان احد الحوافز التي دفعت السادات للقدوم الى القدس كان خوفه من ازدياد مستوطنات رفح وسيناء ان لم تقتلع متحولة الى تجمعات سكانية كثيرة العدد ولا يمكن لاي اتفاق سلمي ان يزحزحها من مكانها.

السوريون والفلسطينيون اعتقدوا في المقابل انهم لن يخسروا شيئا ان واظبوا على رفضهم لان المناطق تنتظرهم مجمدة الى ان يكلفوا خاطرهم ويستعيدوها من اسرائيل وفقا لشروطهم، وعندئذ سيحاولون مرة اخرى من خلال نفس المواقف تركيع اسرائيل وهزيمتها. لم يخطر ببالهم انهم فقدوا الاراضي بسبب عدوانيتهم، وانه ليس من الاخلاقي اعادة المواقع للمعتدي الذي يمكنه من خلالها ان يستأنف اعتداءاته لان حقيقة انه يخرج في كل مرة بلا ضرر تشجعه على شن هجماته مجددا. بامكان الردع ان يكون قائما فقط عندما يدفع المعتدي الثمن الذي يمنعه من العودة لشن الهجمات كما يشاء. هذا ما حدث مع المانيا.

وعليه، والى ان يقوم السلام الدائم، يمكن للنشاطات الاسرائيلية فقط ان تشكل حافزا للعرب كما كانت للسادات والمسارعة للبحث عن السلام والا فان خسارتها ستزداد كلما تقاعسوا. نحن نعرف من تجربة غزة ان هدف العرب لم يكن استلاب اسرائيل من اجل الفوز بالارض العزيزة وانما اقتلاع اليهود ومقاتلتهم من فوق الاراضي التي يتم اخلاؤها. من الافضل اذا المواظبة على التنمية الباني للسلام في المستوطنات التي تقع خلف حدودنا وعلى طولها، وفقط عندما نرى علامات السلام الحقيقية وان هناك ثقافة سلام وحسن جوار تبنى الى جانبا، سيكون من الممكن التحدث عن الاخلاء مع اخذ الوضع الجديد الناشىء بالحسبان ان لم يبكر العرب في الاستجابة للتسوية.