خبر هناك حاجة لتعزيز ايجابي.. هآرتس

الساعة 07:58 ص|06 سبتمبر 2009

بقلم: روت درديغمان – عيرون

(هي اخصائية نفسية تعد رسالة الدكتوراة في النرويج)

دعوة الدكتور نيف غوردون لمقاطعة اسرائيل يعتبر بمثابة اطلاق رصاصة على أرجل مؤيدي السلام في اسرائيل. مثل هذه الخطوة لن تجلب السلام. نتائجها الاكثر احتمالا هي تعزيز الاصولية في الجانب الفلسطيني وتقوية النزعة الشوفينية في الجانب الاسرائيلي.

في اساس الدعوة لمقاطعة اسرائيل افتراض، بأن مفتاح حل الصراع موجود في جيب اسرائيل، وان الضغط الدولي القوي الكافي سيجبرها على اتخاذ خطوات لانهاء هذا الصراع. الكثيرون منا بما فيهم اولئك الذين صدقوا هذا الادعاء في الماضي، شاهدوا بألم كيف أن طريق الحل اكثر تعقيدا، وان على الجانبين ان يصلا اليه بالاتفاق. دعوة غوردون انما تعزز النظرة المجردة بأن اسرائيل هي الطرف المعتدي والقوي وان الفلسطينيين هم المساكين والضعفاء وان مسؤولية انهاء الصراع ملقاة على كاهل اسرائيل وحدها.

انهاء نظام الابارتهايد في جنوب افريقيا كان خطوة احادية الجانب، ولذلك كان بامكان الضغط الدولي ان يحقق هذا الهدف. تجربة اسرائيل بالانسحاب من طرف واحد كلفت لاسفنا دما كثيرا من الجانبين. انهاء الصراع يحتاج التفاوض والحوار وهذه مسألة لا يمكن فرضها بالاكراه خصوصا ليس عندما يمارس الضغط على طرف واحد بعينه.

مقاطعة اسرائيل ستؤدي فيما تؤدي اليه الى تقليل الصادرات وتقليل الاطلاع على البضائع والمعلومات الاسرائيلية في العالم. هذه المقاطعة ستمس باقتصاد اسرائيل بسبب تقليص مداخلها واستعدادية الاطراف للتبرع لها، الامر الذي سيؤدي الى تقليص الاستثمارات في تعليم اكثر جودة ومشاريع التعاون بين الشعبين. المس الاقتصادي ومشاعر الاهانة الوطنية تؤدي في العادة الى التطرف والنزعة الوطنية الشوفينية. تعزيز القوى المثقفة على حساب القوى الاصولية هو وحده القادر على انهاء الصراع. الطريق الى ذلك يمر عبر التعليم ورفع مستوى الحياة خصوصا في الجانب الفلسطيني واللقاءات بين اشخاص يعيشون من جانبي المتراس. من يرغب بالسلام عليه ان يدعو الاسرة الدولية للتبرع من اجل هذه الاهداف.

انا اعيش في النرويج منذ عدة سنوات، الدولة التي يطرح فيها اقتراح مقاطعة اسرائيل كل عدة اشهر. خلال حديث مع الناس اكتشف مدى قلة المعلومات لدى النرويجيين العاديين – وكذلك المثقفين – حول اسرائيل وكم هم متحمسون للسماع من شخص موثوق عن رأي آخر غير الذي يسمعونه عادة في وسائل الاعلام.

استعدادية المنظمات النرويجية للتبرع لاهداف تعترف بمعاناة واحتياجات الجانبين بدلا من تكريس المعاناة الفلسطينية وحدها يزداد اثر هذه اللقاءات. على سبيل المثال: خلال عملية "الرصاص المصهور" جرت هنا مظاهرة كبيرة مناهضة لاسرائيل. احد المبادرين لهذه المظاهرة كان منظمة "انقذوا الاطفال" التي تحرص على حقوق الاطفال في العالم. حركة الشبيبة في هذه المنظمة قررت عدم المشاركة في المظاهرة رسميا وانما السماح للاعضاء المعنيين فقط بالمشاركة فيها كافراد. رئيسة حركة الشبيبة عبرت عن تضامنها مع معاناة الاطفال في الجانبين. ليس واضحا ما الذي دفعها للانحراف عن الخط الرسمي لهذه الحركة، ولكن ربما حقيقة ان احدى عضوات الحركة هي شابة اسرائيلية كان لها وزن في هذا الحسم.

وملاحظة اخيرة بصدد الطريق الموصل الى تحقيق الهدف: التعزيز الايجابي هو طريق اكثر  نجاعة لتحقيق الهدف بالمقارنة مع العقوبة. المعاقب ينشغل على الاغلب في مشاعر الغضب والاهانة التي شعر بها وهو اقل تفرغا واهتماما بالتفكير باعماله. التعزيز الايجابي يرسم الطريق بينما تظهر العقوبة الامور التي يجدر الامتناع عنها فقط. غوردون يدعي في مقالته ان هذا هو الطريق الوحيد الذي يتيح للاجيال القادمة ان تعيش هنا. انا لا اعتبر هذا طريقا وانما زيادة للمعاناة والغضب والكراهية. الطريق الوحيد للعيش هنا معا يمر عبر التعارف والاحترام المتبادل والتعاون.