خبر هذه مسألة يسمح الإصابة بالصدمة منها.. هآرتس

الساعة 11:32 ص|03 سبتمبر 2009

بقلم: جدعون ليفي

فجأة اصبح قول كلمة عنصرية مسموحا. موجة من الصدمة ألمت بالمجتمع الاسرائيلي اللامبالي:- بضع عشرات من التلاميذ الاثيوبيين لم يقبلوا في المدارس الدينية في بيتح تكفا. هذا امر فظيع حقا والجميع تمتموا بالسنتهم وهم يرون صورة استشالو ساما الطفل الاثيوبي الذي لم تكن لديه مدرسة، حتى رئيس الدولة شمعون بيرس شعر بالصدمة. من المسموح للجميع ان يشعروا بالصدمة من ذلك. هذا امر سليم من الناحية السياسية.

يا لجمالنا، وكم نحن حضاريون في نظر انفسنا، ها نحن نكافح بلا هوادة ضد العنصرية، لا نتنازل ولا نقبل التسويات. ولكن بعد قليل سيمر هذا الامر المخجل المعيب ويطويه النسيان، ونبقى مع مظاهر العنصرية الكثيرة الاخرى في المجتمع التي نتعامل معها بلا مبالاة وتثاؤب. هذا لاننا على هذا النحو: بين الحين والاخر يرتفع مستوى المجاري فتبدأ الروائح الكريهة بالانتشار ولا يعود من الممكن اغلاق الانف، فنصرخ كلنا هبة واحدة الى ان يعود غطاء انابيب المجاري الى مكانه. هذه المجاري ستواصل تدفقها وعفونتها النتنة الا انها مغطاة ومكبوتة.

من الصعب ان نعرف مثلا عدد الاهالي الذين يدعون التمسك بالحقيقة والحق ويعبرون عن امتعاضهم من مشكلة الاطفال الاثيوبيين ولكنهم في نفس الوقت يوافقون على تسجيل ابنائهم في صف يكون اغلبية تلاميذه من الاثيوبيين. وكم منهم سيوافقون على تأجير شقة لطالب عربي؟ ولكن هذا الامر لن يعتبر عنصرية بالنسبة لهم لا سمح الله. وكم هو عدد الاهالي الذين يشعرون بالصدمة مما يحدث في الليالي في النوادي الليلية المختارة والتي يقضي ابناؤهم اوقاتهم فيها؟ بين حين واخر وبشكل شبه روتيني يتم سد الطريق امام شبان "آخرين" ويمنعون من الدخول كالاثيوبيين والعرب والدروز واحيانا الشرقيين حتى. يقولون لهم ان الدخول "للغرباء" والاجانب محظور فقط بسبب لون بشرتهم القاتمة ومع ذلك لا نسمع اي احتجاج ضد هذا الامر.

في كل يوم يقوم مسؤولو الامن في مطار بن غوريون بالتحقق من القادمين الى البلاد وفقا للهجتهم، فان بدا لهم هذا الشخص عربيا، وهذه مسألة لا يشتكي منها احد، لا يعتبر ذلك عنصرية. بهذه الطريقة نرتب لانفسننا شيفرة اخلاقية تقوم كلها على الاخلاقيات المزدوجة والثلاثية: نكافح ضد مظاهر قليلة ونغلق اعيننا امام مظاهر كثيرة اخرى واحيانا اشد خطورة بكثير.

قضية اطفال بيتح تكفا هي طرف جبل جليد العنصرية فقط. الاطفال يثيرون دائما في نفوسنا عواطف جياشة خاصة، والمظاهر المخجلة المعيبة في مؤسسات التربية والتعليم هي دائما مسألة للفضائح. ولكن في نفس الاسبوع الذي هبت فيه عاصفة التلاميذ الاثيوبيين في البلاد نشر نير حسون في صحيفة "هآرتس" ان بلدية القدس تصرف 577 شيكل في العام على الطفل في شرقي القدس و 2372 شيكل على الاطفال في غربيها. اي اربعة اضعاف على الاقل فقط بسبب اصولهم القومية. هذا لا يعتبر هنا عنصرية. ومثله ايضا حقيقة ان شرقي المدينة يفتقد الى 1000 صف تعليمي فقط لان سكانه من الفلسطينيين. ولكن احد لا يحتج ازاء هذه المظاهر ولا ينتفض بما فيهم رئيسنا المكافح المناضل ضد العنصرية.

ان اصبح من المسموح استخدام مصطلح العنصرية اخيرا، فقد آن الاوان بالاعتراف: مجتمعنا هو مجتمع عنصري مفتخر وكل عناصره ملوثة مصابة. الجهاز القضائي مثلا ملوث بدرجة لا تقل عن مدرسة "موراشا" في بيتح تكفا: في حالات كثيرة جدا يسن في هذا الجهاز حكم لليهودي وحكم آخر للعربي. بنك اسرائيل المؤسسة الرسمية التي لا تقل عن موراشا والتي توظف 900 موظف "نظيف" طوال كل سنواته من الموظفين العرب باستثناء عامل او اثنين احيانا. 70 الف مواطن اسرائيلي كلهم من العرب طبعا يعيشون في القرى غي رالمعترف بها من دون ماء وكهرباء وطرق موصلة واحيانا من دون مدارس. لماذا؟ فقط لانهم عرب. في ملاعب كرة القدم تتردد في احيان كثيرة اصوات واغان عنصرية، من تلك التي تعاقب عليها الفرق الرياضية في اوروبا بشدة كبيرة، وهنا لا يكلف حكام كرة القدم انفسهم حتى لتقديم تقرير حول ذلك. في المرة الاخيرة حدث ذلك في يوم السبت الماضي في ستاد الدوحة في سخنين خلال مباراة بين ابناء سخنين وبيتار القدس.

هذا من دون ان نقول كلمة حول الموقف والمعاملة التي يلقاها العمال الاجانب على الشارع الذي يعتبر وكر العنصرية الاكبر وكذلك النظرة للشرقيين خلال كل سنوات الدولة. القائمة طويلة طويلة ومخجلة. عندما سيجد اطفال بيتح تكفا كلهم مدرسة يتعلمون فيها حتى وان كان لون بشرتهم اسود، لن يكف هذا المجتمع عن عنصريته. ولكنه سرعان ما يعود الى روتينه اليومي وبالاساس الى شعوره بالرضا عن النفس: ها هي العنصرية قد ظهرت هنا الا اننا ناضلنا ضدها فاختفت وكأنها لم تكن.