خبر العنف الواقع خارج الإحصائيات .. هآرتس

الساعة 08:27 ص|02 سبتمبر 2009

بقلم: عميرة هاس

الامر المذهل حقا في موجة القتل التي شهدتها الاسابيع الاخيرة هو ذلك الاستغراب الاسرائيلي الجماعي من ظاهرة العنف المتفشية في اوساطنا. مرة اخرى تظهر قدراتنا على ازالة العنف اليومي من الجدل السائد هذا العنف الذي يرتبط بسيطرتنا الطويلة على الفلسطينيين وعلى ارضهم.

حتى عندما لا يكون هناك قتلى وجرحى فلسطينيين على يد الجيش الاسرائيلي، ليست هناك فترة استراحة في ممارسة القوة الروتينية التي يقوم عليها نظام الاحتلال. اسرائيليون كثيرون يشاركون في كل قيد يفرض على الحركة او امر مصادرة: من الوزراء المسؤولين، مرورا بالقضاة الذين يبيحون ويمهدون ويقدمون الصياغات، فالضباط المنفذون فالمترجمين والسكرتيرات اللواتي يتولين الطباعة. كل جندي يحرس مستوطنة وكل حاخام يخدم فيها وكل معلمة روضة شركاء في عملية العنف الممأسسة القديمة – اقامة كل ذلك فوق ارض فلسطينية سواء كانت عامة او خاصة فالكل سواء. هذا عنف يستنسخ نفسه بين الحين والاخر لان عملية السلب الاولية ما زالت تفعل فعلها وتلحق أذاها.

للجهاز القضائي العسكري الذي يحاكم الفلسطينيين فقط من سكان الضفة، دور هام في استنساخ العنف. في جهاز القضاء المدني الاسرائيلي مجموعات اجتماعية ليست جزءا من الحكم وتسعى لمنع الجهاز القضائي من تفضيل مصالح مراكز القوة. في المقابل في جهاز القضاء العسكري يقوم الحاكم باستخدام قوته من دون ازعاج تقريبا حتى يضمن سيطرته وحقوقه المتميزة. المحتل يقوم بابتداع قوانين تهدف الى معاقبة وردع الطرف الخاضع تحت الاحتلال الذي يتجرأ على المقاومة والاعتراض.

العنف ضد الاطفال في المجتمعات الطبيعية يعتبر ظاهرة تقشعر لها الابدان بصورة استثنائية. وها هم الجنود الاسرائيليون (من الذي سيحصي عددهم)؟ يعتقلون ويوقفون الاطفال الفلسطينيين منذ عشرات السنين وفي احيان كثيرة تحت جنح الظلام على اساس اعترافات اطفال اخرين كانت قد اعطيت قبل اشهر وسنوات من تنفيذ مخالفة ضد الاحتلال. هم يتعرضون للتحقيق تحت جنح الظلام ويعتقلون حتى انتهاء  الاجراءات القضائية حتى عندما يكونون في الثالثة عشرة او الرابعة عشرة من عمرهم. القضاة العسكريون لا يجدون غضاضة في ذلك. وفي العادة من الافضل للاطفال ان يسارعوا للاعتراف بالتهم المنسوبة اليهم (مثل رشق الحجارة بين 2001 و 2004 من دون ذكر تاريخ ومكان محددين) والتوقيع على صفقة. المحاكمة الحقيقية، تمتد اكثر من فترة السجن المتوقع.

في اواخر تموز صدر امر عسكري يأمر باقامة محكمة عسكرية للاحداث. بعد 42 عاما ادرك الجيش حتى ان هناك شيئا مرفوضا في القاضي العسكري  الذي يصدر حكمه على شخص عمره 35 عاما وعلى فتى عمره ثلاثة عشرة عاما. ولكن ووفقا للقانون الاسرائيلي لا يعود الفلسطيني حدثا في سن السادسة عشرة – قبل الحدث الاسرائيلي بعامين. وفقا للقانون الجديد عقوبة الحدث تحكم وفقا لموعد تقديم لائحة الاتهام. هذا اعتراف واهن بهذه العادة العنيفة القائمة منذ سنوات حيث تتحدد العقوبة وفقا لموعد صدور الحكم. لماذا تعتبر واهنة؟ لان احتجاز الاطفال ما زال ينفذ بنفس الطريقة السابقة. وما زال التاريخ الحاسم في هذه القضية ليس موعد تنفيذ المخالفة ضد الاحتلال. وفقا للامر الصادر ان مر عامين منذ تنفيذ المخالفة التي نفذها شخص عندما كان حدثا – فلا يتوجب تقديمه للمحاكمة الا ان طالبت النيابة العسكرية بغير ذلك. اية نيابة عسكرية – قطة تحرس اللبن – لن تسارع الى تقديم الدعوى.

من كبير القضاة العسكريين وحتى آخر الجنود المبتدئين في الحاجز العسكري – مئات آلاف الاسرائيليين الطبيعيين تماما وغير العنيفين في منزلهم – يشاركون في مهمة الادارة وتدجين المجتمع الاخر من خلال المس التراكمي بحقوقه ورفاهه وسلامته. هذا المعيار الذي لا يدخل في حسابات احصائيات العنف والعنيفين عندنا.