خبر ما وراء حرب حماس الخاصة على الإرهاب ..توني كارون

الساعة 12:28 م|01 سبتمبر 2009

ما وراء حرب حماس الخاصة على الإرهاب

توني كارون

ـ مجلة التايم الأمريكية 21/8/2009

ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي 

 لقد ثار الاستغراب حول العالم في 14 آب أغسطس عندما قامت قوات الأمن التابعة لحماس في رفح بسحق مجموعة تستمد أفكارها من القاعدة أعلنت قيام إمارة اسلامية في جنوب غزة. و مع كل هذا فإن حماس تصنف من قبل الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي على أنها منظمة إرهابية, إن الكثيرين في الغرب لا يعتقدون بإمكانية قيام منظمة سياسية إسلامية بقمع الجماعات الاسلامية الجهادية بهذه القوة.

ومع هذا فإن هذا ما حدث تماما عندما قام رجل الدين الموالي للقاعدة "عبد اللطيف موسى" بجمع ما يقرب من 100 مناصر له مجهزين بأسلحة ثقيلة داخل مسجد من أجل التنديد بحكم حماس و إعلان نفسه "أميرا للمسلمين" لهذه الإمارة الجديدة. و قد قام رجال أمن حماس بالتحرك من أجل نزع سلاح هذه الجماعة, و قد قتل أربعة وعشرون شخصا منهم موسى و ما يقرب من عشرين من أتباعه في الاشتباك الذي حصل نتيجة لذلك. و قد ادعت جماعته "جند أنصار الله" أنها تستلهم أفكارها من القاعدة و قد أدانت حماس بسب حفاظها على التهدئة مع اسرائيل و بسبب فشلها في فرض الشريعة الاسلامية بعد سيطرتها على غزة عام 2007. وقد قامت بشن مجموعة من الهجمات الصغيرة على خصومها في غزة, و قبل شهرين فشلت في عملية خيول مفخخة استهدفت من خلالها حرس الحدود الاسرائيلي. و بعد مواجهة رفح, تعهدت هذه الجماعة الصغيرة بشن حرب على حماس, مما حول غزة الى حليف غير محتمل ضد أسامة بن لادن.

و مع هذا فإن ما حصل لم يشكل مفاجأة كبيرة بالنسبة للمراقبين للسياسة الفلسطينية. إن حماس في الواقع كانت دائما على نقيض مع القاعدة. على الرغم من أيدلوجيتها الاسلامية فإن حماس أولا و قبل كل شيء حركة وطنية تستلهم فكرها من الرأي العام الفلسطيني و تؤطر أهدافها و استراتيجبتها على أسس الأهداف الوطنية, و هي لا تعمل وفقا للأيدلوجية الجهادية العالمية التي تعمل القاعدة وفقا لها. على سبيل المثال, فإن هناك نقاش يدور دائما داخل حماس حول استهداف بعض الأهداف الأمريكية المحيطة بها, و في كل كرة يعيد مؤسسو الحركة بأن نشاط الحركة يقتصر على نشاطات المقاومة ضد الأهداف الاسرائيلية.

يقول معين رباعنة و هو محلل سياسي يقيم في عمان و يعمل في مركز الدراسات الفلسطينية :" إن ما يميز حماس إضافة الى منظمات مثل حزب الله و الإخوان المسلمين المصريين عن حركات مثل القاعدة بأنهم يعترفون سواء من حيث المبدأ أو من حيث التطبيق العملي بأن إرادة الشعب تمثل الأولوية القصوى, وفي أعمالهم فإنهم يستجيبون لبيئتهم أكثر من مبادئهم".

إن الطريقة البراغماتية التي تعمل من خلالها حماس هي ما يغضب في الغالب زعماء القاعدة. لقد أدان مساعد زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري حركة حماس مرارا و تكرارا بشكل قاس بسبب مشاركتها في الانتخابات, و بسبب موافقتها على الوساطة السعودية و المصرية في نزاعها مع حركة فتح, و بسبب حفاظها على وقف إطلاق النار مع اسرائيل. و يقوم مسئولو حماس برفض انتقادات القاعدة بشكل دائم. و قد قال ممثل حركة حماس في بيروت أسامة حمدان قبل سنتين بأن "المطاردين في جبال أفغانستان " لم يقدموا أي نصيحة للقضية الفلسطينية تستحق الالتفات لها. و في عام 2007 و عندما قامت جماعة "جيش الاسلام" التي تدعي استلهام أفكارها من القاعدة بخطف مراسل البي بي سي ألن جونستون في غزة أجبرتها حركة حماس على إطلاق سراحه.

إن القمع القوي لجند أنصار الله ترسل رسالتين توكيدتين من حماس : واحدة للمنافسين المحتملين, و أخرى للمحاورين المحتملين. إن سرعة و عنف القمع الذي واجهت به المجموعة هو تحذير لجميع المنافسين المحتملين بأن حماس لن تتسامح مع أي تحد لسلطتها في غزة. و لكنها أشارت أيضا إلى انه طالما أن حماس تحافظ على الهدنة مع اسرائيل, فإنها مستعدة وقادرة على منع الآخرين في القطاع من شن الهجمات على اسرائيل.

إن عرض القوة هذا سوف يعزز الاجماع في الغرب بأنه لن يكون هناك سلام اسرائيلي فلسطيني دون وجود حماس. في الواقع, فقد أخبر أحد الدبلوماسيين الغربيين في المنطقة التايم بأن المسئولين الأمريكان كانوا سعيدين بتصرف حركة حماس في رفح. يقول الرباعنة "إن هذا التصرف قد صب في مصلحة حماس بسبب أنه سمح لها بأن تظهر بأنها قادرة على فرض السلطة و النظام في غزة, كما أنهم ميزوا أنفسهم عن الجهاديين المتطرفين, و هذا لا يظهر أن حماس مختلفة عن القاعدة فقط, و لكنه يظهر أن المجموعتين على طرفي نقيض بشكل عنيف".

و بينما قد تكون حماس قد استفادت من إسقاط موسى, فإن ظهور جماعة موالية للقاعدة مستعدة لتحدي سلطة حماس يمثل رسالة تذكير في الجانب السلبي. إن بعض العناصر في جند أنصار الله كانوا أعضاء سابقين في حماس اختلفوا مع الحركة بسبب قرارها الدخول في العملية السياسية مع السلطة الفلسطينية من خلال الاشتراك في الانتخابات عام 2006. وقد كانوا معززين بحسب المراقبين الفلسطينيين بعناصر جهادية من دول عربية أخرى, و مستفيدين من حالة اليأس و الإحباط في غزة الذي أحدثها الحصار الاقتصادي المستمر على غزة. وعلى الرغم من أن حماس تطبق وقف إطلاق النار الذي أقرته قبل 7 أشهر بعد انتهاء الغزو الاسرائيلي لغزة, إلا أن الحصار الاقتصادي لا زال موجودا, وإذا نجحت الوساطة المصرية في المفاوضات الرامية الى تحديد مصير الجندي الاسرائيلي الأسير جلعاد شاليط فإن هذا قد يقنع اسرائيل بالتخفيف من ضغطها على القطاع. و على الرغم من أن المواد الغذائية الرئيسة و إمدادات الوقود تدخل قطاع غزة, إلا أن الاسرائيلين يمنعون دخول مواد البناء المهمة لإعادة بناء آلاف البيوت التي دمرت في حرب شهر يناير. ومع بداية الشتاء و إذا لم يحدث هناك أي تقدم في بناء بيوت أولئك الأشخاص الذين يعيشون في خيام و ملاجئ مؤقتة- و خصوصا إذا دعمت الولايات المتحدة خطة تظهر و كأنها محاولة لعزل حماس- فإن الضغط على الجماعة لإنهاء وقف إطلاق النار سوف لن يكون فقط من المنافسين الأكثر تطرفا و لكن سوف يأتي من قادة و محاربي حماس أنفسهم.