خبر سبعون سنة منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية.. اسرائيل اليوم

الساعة 08:10 ص|01 سبتمبر 2009

بقلم: يعقوب عميدور

أخربت الحرب العالمية الاولى العالم القديم، اما الحرب العالمية الثانية التي بدأت كاليوم قبل سبعين سنة وانتهت في 1945، فأتت بالعالم الجديد في نهايتها.

نشبت الحرب الثانية ومن جملة اسبابها انه بعد هدم العالم القديم، الذي وقف على حاله نحوا من مائة سنة، لم يبنِ النظام العالمي وسائل لعلاج مشكلات العالم الحديث. لم يوجد من يعالج، ولم يكن واضحا كيف تعالج التحديات الجديدة التي واجهها العالم عشية الحرب. نبعت التحديات من أن الطغاة الجدد، الذين تبوأوا المجد بعد الحرب الاولى، اقاموا تهديدا غير معروف – حربا باسم ايديولوجية فتاكة، بغير حساب لقواعد السلوك المقبولة بين الدول. أقام التحدي على التوازي الفاشيون في ايطاليا، والنازيون في المانيا والعسكريون في اليابان، ولم يرد احد او لم يكن مستعدا لمواجهتهم. لم توجد اي منظمة دولية كانت تستطيع علاج المشكلات، واصيبت الدول القوية بالضعف.

قاد الولايات المتحدة رئيس مثالي خرج من أزمة اقتصادية شديدة وفضل البقاء بعيدا. رفض مواجهة كونغرس خاف التدخل وراء البحر ولذلك لم يفعل شيئا. والمجتمع البريطاني الذي كانت نخبته مستعدة لمحادثة الطغاة بل الخضوع لمطالبهم بشرط الا تجر الى حرب فظيعة اخرى، تكمش امام كل مطلب للحاكم الالماني. وهكذا ولد اتفاق ميونخ.

وفي الشرق، ارادت روسيا الشيوعية، التي توصلت الى اتفاق مع الطاغية الذي حكم المانيا، ان تؤجل الحرب وان تكسب وقتا لانها لم تثق بالقدرة على الصمود وبارادة الدول الديمقراطية للقتال. والى ذلك وفي اجراء لا منطق فيه ابادت افضل قادتها مع حكم ستالين غير القادر على الحكم الاخلاقي او السياسي.

لا شك في أن اتفاق ميونخ مع بريطانيا، والاتفاق بين وزيري خارجية المانيا وروسيا (ربنتروب – مولوتوف) قد مهدا الطريق لهتلر إذ اتى يحاول السيطرة على العالم. ان هتلر قد كان خصومه الديمقراطيون والطغاة جبناء بلا شخصية اكثر مما كان شجاعا وجريئا. برز في ذلك على الخصوص البريطانيون، الذين نقضوا بخضوعهم لمطالب هتلر في اتفاق ميونخ الثقة الضرورية التي كان يحتاج اليها لعقد حلف بين اكثر دول اوروبا وروسيا في مواجهة المانيا.

لكن عندما نشبت الحرب بين الحلفاء والنازيين انتصر الحلفاء. ادى الى ذلك اربعة عوامل: التصميم البريطاني بعد أن فشلت محاولاتهم مهادنة الحيوان النازي. فانتخاب تشرتشل رئيس حكومة افضى الى انقلاب؛ وجغرافية روسيا وتصميم سكانها على محاربة العدو النازي الذي غزا بلدهم بعد أن نقض اتفاق ميونخ؛ والموارد التي بدأت الولايات المتحدة تحولها قبل انضمامها الى الحرب، وبقدر اكبر بعد أن انضمت (لا بمبادرة منها لكن بعد أن هاجمتها اليابان وبعد أن اعلن هتلر الحرب عليها). ويكمن العامل الرابع في صلف هتلر وموسوليني والقيادة اليابانية الذين لم يقفوا على حدودهم واعتقدوا انهم يستطيعون فرض ارادتهم على الواقع.

كانت الحرب اكثر قسوة من كل سابقاتها واوقعت من الضحايا اكثر من كل حرب سابقة. برزت فيها شيطانية متميزة تتعلق بالنازيين الالمان وحلفائهم الكثيرين في اوروبا بالنسبة لليهود والغجر. بنت الدولة الالمانية من اجل هذين الشعبين اللذين بلا وطن صناعة ابادة على قدر شيطاني. ففي كل مكان بلغه الجيش الالماني، قضي مصير اليهود والغجر ان يكون الابادة. نجح النازيون في عملهم لان الحلفاء بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا السوفييتية، لم يبذلوا اي جهد من أجل وقف او تعويق آلة القتل الالمانية، وكانوا يستطيعون فعل ذلك في آخر سنة ونصف من الحرب على الاقل. وكانت النتيجة الفظيعة ان ثلث ابناء الشعب اليهودي، ستة ملايين، كعدد اليهود الذين يعيشون اليوم في دولة اسرائيل، ابيدوا.

يمكن ان نستخلص من الحرب ومن نهايتها دروسا كثيرة، لكن اذا وجد درس واحد مهم فهو يكمن في انه اذا كان يرأس دولا معادية طغاة متمسكون بايديولوجية ابادة، واذا كانوا يملكون القدرة على فعل ذلك، فينبغي تناول مقاصدهم واقوالهم بجدية. ان من لا يحارب هؤلاء الطغاة وهم ما يزالون يخططون للحرب سيضطر الى فعل ذلك من بعد، في ظروف اصعب، عندما يختار العدو الوقت المريح له.