خبر لا يطلقون النار على ذبابة من مدفع.. يديعوت

الساعة 08:08 ص|01 سبتمبر 2009

بقلم: افيعاد كلاينبرغ

توجد جدالات لا يكون الحاصل فيها صفرا. لا تعني حقيقة ان فلان اخطأ ان غيره على حق. ففي قضية مقالة مختطفي الجثث في الصحيفة السويدية "افتونبليدت" سلكت دولة اسرائيل بحماسة زائدة. كان يمكن حل المقالة الغبية بتعويج انف دبلوماسي لا بفضيحة كبيرة. فلا تطلق النار على ذبابة حتى لو كانت ذبابة وسخ من مدفع، ومن المحقق أنه لا تستعمل المدافع الثقيلة. ان مبالغات كهذه تجعل الطرف الاخر يشتد على مواقفه وتعطي الصحافيين الحقيرين مكبر صوت ضخما يسمعون به اراءهم غير ذات الاهمية.

لكن صعب على عمالقة الاعلام الاسرائيلي ان يتخلوا عن فرصة اخرى للاعلان باحياء معاداة السامية في العالم، وعودة الافتراءات الدموية وكشف آخر للوجه الحقيقي للاغيار. يقول مثل ان الخنزير حتى وهو يلبس حلة سهرة تبين اقدامه طبيعته الحقيقية. فالخنزير يظل خنزيرا، ومعادي السامية يظل معاديا للسامية. يهم جزءا منا جدا ان يكون العالم كله ضدا لنا، لانه اذا كان الاغيار جميعا تحركهم معاداة السامية فاننا معفون من الحاجة الى الاصغاء لاقوالهم. من يظنون انفسهم، كارهو اسرائيل؟ من اعطى معادي السامية هؤلاء الحق في انتقاد ضحاياهم؟

هذا التكتيك يخدمنا بحيث يرضينا رضى تاما. فنحن دائما على ما يرام، لكن الحكم ابن زانية. وعندما يوجد فقط حكم يكون ماضيه وماضي ابائه الى عشرة اجيال الى الوراء مليئا بالحب الشديد لشعب اسرائيل، فسنكون مستعدين للاصغاء لكلامه. من البين أن حكما كهذا لن يريد انتقادا البتة. اما بالنسبة للاخرين فليقفوا في الدور مع سائر معادي السامية.

الى هنا اخطاء اعلامنا المحب لمعادي السامية. والمشكلة هي أنه يصعب التحمل من الرد السويدي ايضا. فبدل الاعلان بلغة دبلوماسية بسيطة ان حكومة السويد لا تؤيد المزاعم التي اثارتها الصحيفة وانه اذا تبين بعد فحص مناسب انها كاذبة، فانها ستندد بها تنديدا كاملا، بدل ذلك منحتنا حكومة السويد درسا مضاعفا في النفاق.

في درس المبتدئين بين للبرابرة في الشرق الاوسط، ان السويد دولة ديمقراطية تسودها حرية التعبير. هذا صحيح بطبيعة الامر لكن ما صلة هذا بذاك؟ فحتى افيغدور ليبرمان لم يطلب الى السويديين سد افواههم، واغلاق الصحف او محاكمة الناس. توقعت اسرائيل من السويد التعبير عن تحفظ، حذر ودبلوماسي من مقالة يشتم منها الكثير من الافتراء الدموي.

اعلن وزير خارجية ايطاليا، فرانكو برتيني انه قد وجدت في مقالة الصحيفة السويدية، "اراء فظيعة، وكاذبة ومضرة، يمكن ان تساعم كل اولئك الذين يريدون التحريض على اليهود والذين يعارضون وجود اسرائيل". وقد أدهش الجميع ان اعمدة العالم لم تهتز وان حرية التعبير في ايطاليا لم تهدم.

يتبين الان ان السويديين مستعدون لان يخطوا خطوة اخرى نحونا وان يمنحونا درسا في النفاق للمتقدمين. لمح الى أن حكومة السويد ستندد تنديدا شديدا بمعاداة السامية، بل ستعمل في مواجهة كل كشف عنها في القارة. ماذا اقول لكم يا اصدقائي السويديين الاحباء؟ لا يجعلني هذا اشعر شعورا افضل على نحو ما. انا مستعد لاعتقاد ان عددا من اصدقائكم الافضلين يهود (باحثون عن السلام ومؤيدون "نشيطون" لحرية التعبير، بطبيعة الامر). وانا مستعد للايمان بانكم تنوون ارسال وحدات من اجهزة الامن من اجل اعمال جريئة في مواجهة كل كشف عن معاداة السامرة في القارة. لكنه يصعب علي أن اؤمن بشيء واحد فقط وهو انكم تعتقدون حقا اننا نرى بجدية تصريحكم المنافق. فلدينا قدر كاف من تجربة النفاق وادعاء البر كي نشمهما عن بعد كيلو متر.