خبر كاتب فلسطيني : أوقفوا الوكالة عن غيها

الساعة 02:11 ص|01 سبتمبر 2009

أوقفوا الوكالة عن غيها

  مصطفى الصواف

تعود مرة أخرى لتطفو على السطح سياسة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني؛ لتثير جدلاً جديدا على الجدل السابق وتضع علامات الاستفهام الكبيرة، رغم محاولة البعض تسكين النار المشتعلة في المجتمع الفلسطيني، وإبقائها مستعرة من تحت الرماد بخصوص هذه السياسات الضارة.

 

تحدثنا قبل ذلك عن سياسات الوكالة المتبعة في قطاع غزة وحذرنا منها وتفاعلت قطاعات كبيرة مع ما كتب، وربما ما تحدثنا به أوقف قرارات كانت ستتخذ ضد الموظفين والعاملين في الوكالة، وحُمل ما كتبنا ما لا يحتمل، حتى ذهب احد الكتاب من شخصيات المجتمع المدني أبعد من ذلك، وتم توظيف قلمه لمناصرة إدارة الوكالة وسياساتها، بشكل ممجوج ولا يخدم مصالح شعبنا الفلسطيني، حتى أن إدارة الوكالة أرسلت لي اثنين من مستشاري مدير الوكالة جون كينج في محاولة لتبييض سياسات الوكالة وتلميع صورة كينج الذي لا أكن له عداءً شخصيا، بقدر ما هو رفض لسياساته التي لا تخدم مصالح شعبنا الفلسطيني.

 

الموضوع الذي يثار اليوم هو موضوع مادة حقوق الإنسان التي ترغب الوكالة بإدخالها إلى منهاج الوكالة ومدارسها، إلى هنا العنوان جميل، ومنطقي ومقبول، خاصة عندما يحمل حقوق الإنسان، ولكن الغريب أن سياسة الوكالة في هذا المنهاج تضر بحقوقنا ومصالحنا، وذلك من خلال إدخال مفاهيم سياسية أو اجتماعية تتناقض مع حقوقنا وثقافتنا وربما ديننا الحنيف، والذي أريد هنا أن أتطرق إليه والذي هو مثار الجدل الدائر اليوم موضوع (الهولوكوست)، المحرقة التي يزعم اليهود أن أودلف هتلر قد نفذها بهم في ألمانيا، واليهود يتحدثون عنها بشكل مبالغ فيه لدرجة كبيرة جداً دحضها العلماء والمؤرخون في الغرب، وأنا لا أنكر أن هتلر نازي وسفاح ودموي وعنصري وارتكب جرائم، ولكن لو قارنا هذه الجرائم المرتكبة من قبل هتلر وتلك المرتكبة من قبل يهود بحق الشعب الفلسطيني لصعبت المقارنة من هول ما ارتكب الصهاينة اليهود من جرائم بحق الشعب الفلسطيني، والتي كان آخرها المحرقة التي ارتكبت في قطاع غزة في العدوان الأخير الذي وقع مع نهاية العام الماضي، وانتهى بعد اثنين وعشرين يوما في مطلع العام الجاري.

 

أن ندرَّس أبناء شعبنا المحرقة كما يرويها يهود، وبالطريقة المبالغ فيها، ونحن يومياً نقتل ونحرق ونعذب ونعتقل على أيديهم فهذه جريمة يجب أن تتوقف، كيف يمكن أن أدرَّس هذه المادة لطالب فقد أبويه أو واحداً منهما، أو شقيقه أو ابن عم له أو جار، وأتحدث عن الظلم الذي وقع لليهود على يد هتلر، وأنا أعاني ظلماً أشد وأفظع على أيدي النازيين الجدد من الصهاينة اليهود؟، كيف؟، وهل يستقيم ذلك؟، وتحت أي مبرر أخلاقي أو وطني أسمح به؟.

 

مازالت محارق يهود مشتعلة في أجساد أبناء قطاع غزة وفلسطين، وجروح  الفسفور الأبيض والدايم وصواريخ الأباتشي والـ "اف 16" وقذائف المدفعية لم تندمل بعد، ومازالت تنزف حتى اللحظة، واثنا عشر ألفا معتقلون في سجون الاحتلال، وتريد وكالة الغوث أن تعلم أبناءنا وتدخل على مناهجهم مفاهيم وأفكاراً مغلوطة ومختلفاً عليها، وواقع الحال بحاجة إلى أن يدرَّس ليل نهار.

 

ما الذي تريده وكالة الغوث من وراء سياساتها هذه التي تخرج علينا بها كل حين وحين؟، هل تريد أن تعمل عملية غسيل دماغ للنشء من أبناء قطاع غزة، وتجمل صورة اليهود القتلة والمجرمين والذين ارتكبوا المجازر والمذابح بحق الآمنين والعزل من الأطفال والنساء والشيوخ والآمنين؟، هل تريد أن تتحدث الوكالة في مناهجها عن إمكانية التعايش من قاتل مازال يقتل ليل نهار وتجعل منه صديقاً؟، كيف يستقيم الأمر والصورة ماثلة للعيان في الغدو والرواح؟، والطالب في طريقه إلى المدرسة أو إلى المسجد أو وهو مار بالمقابر التي تشهد شواهدها بجرم يهود، هل انتهى الصراع وعادت الأرض المغتصبة، وردت الحقوق وحوكم القتلة والإرهابيون؛ حتى نتحدث عن ثقافة التعايش وطي صفحة الماضي.

 

لا أريد الحديث مطولاً في هذا الموضوع وموقفي واضح من سياسات الوكالة، ولكن أود أن ألفت انتباه الجهات المسئولة في الحكومة الفلسطينية والمجلس التشريعي أن لا يتخلوا عن مسئوليتهم تحت أي اعتبار أو موقف، أو ما يمكن أن يقال بحقهم، وأن يتصدوا لسياسات الوكالة الضارة وأن يوقفوها عند حدودها التي يجب أن لا تتعداها، وان تمنع من تنفيذ هذه السياسات الهدامة والتي تضر بتاريخنا وحضارتنا وثقافة شعبنا، ويجب على أولياء الأمور من طلبة مدارس الوكالة والمدرسين والموجهين والمدراء مساندة الحكومة ورفض تدريس هذه المفاهيم وأن يكون لهم موقف حاسم في هذا الأمر.