خبر تمهيد للطلاق..يديعوت

الساعة 03:11 م|31 أغسطس 2009

بقلم: الياكيم هعتسني

حلمت اني عدت الى بيتي بعد غياب طويل وبدأ جار معادٍ ينغص عيشي: يهدد، يشتم، يحطم الزجاج. وادعى الجيران بان بسببي لا يوجد سلام في الحي وبعثوا لي بوفد. الموضوع هو، كما شرحوا، ان الجار يريد زوجتي، وهم، من اجل السلام، يقترحوا حلولا وسط اقليمية، وظيفية، بل وفي فترة المفاوضات تجميد العلاقات بيني وبينها. أجننتم؟ صرخت عليهم وطردتهم من البيت. للصحافيين الذين انتظروا في الخارج "اختراقا" افاد الجيران باني "اكره السلام". تركوني مذهولا. اكره السلام؟ أنا مجرد احب زوجتي.

في لقائه مع اوباما رفض نتنياهو ان يسلم الجار وطن اليهود، ولا حتى نظريا، ولم يوافق ايضا على اعتزال مؤقت له ("تجميد") كتمهيد للطلاق. ومنذئذ ينزلق نتنياهو في المنحدر السلس بسرعة قطار الشياطين: اعلن عن "دولتين"، جمد البناء اليهودي في القدس أيضا، هدم منازل اليهود في يهودا والسامرة من خلال وزير الدفاع والنيابة العامة للدولة التي تنضم منهاجيا في محكمة العدل العليا الى مواقف السلام الان، تراجع عن صيغة "احتياجات النمو الطبيعي" في يهودا والسامرة  الى الصيغة العلاجية "احتياجات الحفاظ على جودة الحياة"، ووصل الى الموافقة على تجميد "مؤقت" – وقف تدفق الدم والاكسجين الى العضو المرشح للبتر.

أغلبية بين الشعب تعارض طريق نتنياهو وتتماثل مع موقف نائبه المعارض، يعلون. استطلاع اجراه مؤخرا معهد "مئجار موحوت" (بطلب من "إمرا") أظهر أن:

أ‌.      52 في المائة يعارضون تجميد البناء مقابل بادرات طيبة عربية. مع التجميد: 33 في المائة (في حزب نتنياهو يعارض 70 في المائة).

ب‌.     51 في المائة يؤيدون دعوة الوزير يعلون استكمال سياقات اقرار البؤر الاستيطانية في يهودا والسامرة. المعارضون: 24 في المائة (في الليكود – 73 في المائة).

ت‌.     41 في المائة يؤيدون الرأي بان السلام الان "الحقت ضررا شديدا بدولة اسرائيل". 19 في المائة فقط يعارضون.

ث‌.     على سؤال: "استمرارا لتحذير الوزير يعلون من مواصلة التدحرج في المنزلق السلس لمن استسلم للضغط – هل تعتقد ان نتنياهو يوجد او لا يوجد اليوم في منحدر سلس حيال الرئيس اوباما؟" اجاب بالايجاب 55 في المائة، وفقط 26 في المائة بالسلب (47 في المائة من المستطلعين اجابوا بان التجميد "المؤقت" سيصبح دائما، وفقط 15 في المائة عارضوا).

نتنياهو مدمن على الاستطلاعات وأغلب الظن يعرف بان الرأي العام ضد تنازلاته المعروفة. فما الذي يدفعه إذن الى الاندفاع مرة اخرى في المنحدر الامريكي السلس، والذي سبق له من قبل أن افقده حكمه؟ الامريكيون، الخبراء في اعداد السجلات النفسية عن الزعماء الاجانب، اكتشفوا ضعف الرجل الذي يشل كل مزاياه الطيبة – عدم الصمود امام الضغوط – وهم يمارسون عليه ضغطا وحشيا ومهينا. بالمقابل، لا يخشى نتنياهو الضغط المضاد من الداخل لعلمه أن "المعسكر الوطني" لن يسقط مرة اخرى حكومة "يمينية" في صالح حزب مثل كديما.

غير أن هنا نتنياهو مخطيء. اولا لانه يوجد هنا حدود للتنكيل بارادة الشعب وارادة حزبه. مرة واحدة انتخبوا شارون كزعيم لليمين وحصلوا عليه كيسار، وها هو هذا يحصل لهم مرة اخرى. ثانيا، لانه لا حاجة الى تغيير الحكم. حين مل الانجليز تشمبرلن لم ينتخبوا حزب العمال، بل غيروه بزعيم آخر من ذات الحزب، تشرتشل.

المهم، هناك مواضيع لا يوجد للحساب البارد سيطرة عليها، وبينها الامة والحزب اللذين يردان من القلب أو "من البطن" انطلاقا من المشاعر – حتى خلافا للمنطق واعتبارات المنفعة. مثلا، قيم اعتبرت قديمة، مثل ملك الاباء واقاليم الوطن. وعليه، فقد تندلع صرخة "اجننتم؟ لسنا كارهي سلام نحن، بل نحن محبون لبلادنا". وعندها – فان العصا الامريكية ستكسر ونتنياهو من شأنه أن يدفع الثمن بكرسيه.