خبر رباح: جولة الحوار القادمة ستشهد مصالحة وطنية تمكننا إجراء انتخابات في موعدها

الساعة 05:47 م|30 أغسطس 2009

فلسطين اليوم: غزة

أكد محللون سياسيون على ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في موعدها المحدد يناير القادم بدون تأخير، لأن السلطة بعد 25/ يناير تكون فقدت شرعيتها القانونية. وحذروا من استمرار الانقسام خصوصاً بعد أن أصبحت المصالحة الفلسطينية ضرورة فلسطينية عربية ودولية.

من جهته أعرب الكاتب والمحلل السياسي يحيى رباح عن تفاؤله بأن جولة الحوار التي ستبدأ بعد عيد الفطر في القاهرة قد أُعد لها من قبل الأشقاء المصريين بشكل جيد، مؤكداً أننا سنرى فعلاً مصالحة وطنية فلسطينية تمكننا من الذهاب للانتخابات معاً وبدون تأخير.

جاء ذلك لقاءً سياسياً نظمه تحالف السلام الفلسطيني اليوم الأحد (30/8)، تحت عنوان استعادة زمام المبادرة .. العودة لخيار السلام، وسط حضور عدد كبير من المهتمين والمثقفين والمعنيين.

وقال رباح :"أن هناك انجازات ثلاثة تحققت في الأيام الأخيرة تتمثل في النتائج الكبيرة الناجحة في مؤتمر فتح السادس، والقضايا التي ناقشها بعمق والقيادة الجديدة التي انتخبها، وهناك أيضا اجتماع المجلس الوطني وانتخاب ستة أعضاء جدد في اللجنة التنفيذية، وكذلك الخطة التي أعلنها الدكتور سلام فياض رئيس حكومة السلطة الوطنية الفلسطينية والقاضية بتجسيد قيام الدولة الفلسطينية على الأرض خلال العامين القادمين.

وأضاف رباح أن هذه النجاحات الأخيرة تفتح الأفق أمام القوى الفلسطينية لاستعادة الذات والتغلب على المشاكل التي كان يعتقد أنها غير قابلة للحل وأولها الانقسام الفلسطيني، فقد ثبت أن الأجواء الآن أصبحت ضاغطة باتجاه إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في موعدها

وتابع قائلاً:" أن أمام حركة حماس فرصة حقيقية لجعل قطاع غزة يشارك في هذه الانتخابات، واعتقد أن هناك صيغ مرنة يمكن الاتفاق عليها بهذا الخصوص برغم لهجة الرفض الحادة التي تصدر من حركة حماس حتى اللحظة، وخاصة أن الجو الإقليمي والدولي ضاغط باتجاه إجراء الانتخابات وتكريس نتائجها، لأن إنهاء الانقسام لم يعد مصلحة وطنية فلسطينية وإنما مصلحة عربية ودولية، ولذلك فإن هذا الانقسام يفقد بالتدريج مبرراته والغطاءات التي كان يتغطى بها ويصبح عاريا مكشوفاً أمام الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن الفرصة مهيئة اليوم للوصول لصيغة مبدعة لإنهاء هذا الانقسام.

وعن المطلوب من القيادة الفلسطينية قال رباح :" إن القيادة الفلسطينية حصلت على مزيد من القوة والشرعية في الفترة الأخيرة وهذا يعطيها الفرصة أكبر لكي تدير المواضيع الفلسطينية المطروحة على بساط البحث بشكل أكثر قوة وأخص بالذكر موضوع المفاوضات مع إسرائيل التي تشترط القيادة الفلسطينية أن تستأنف على قاعدة وقف النشاط الاستيطاني الإسرائيلي.

وأعرب عن اعتقاده بأن المجتمع الدولي ضاغط إلى جانب القيادة الفلسطينية التي نريدها من خلال استعادة الثقة بالنفس أن تفتح الصدر وأن تطلق الخيال السياسي من اجل حل نقاط الاستحصاء القائمة لان المستقبل والأمل فيه يتطلب ألا نقع فريسة للاستعصاءات وأن يكون لدى القيادة الفلسطينية المزيد من البدائل للوصول إلى الانتخابات وحماية شرعية الإطارات الفلسطينية من الأخطار المحدقة بها.

من جهة أخرى قال رباح إن القوى الدولية الكبرى ارتكبت خطيئة عندما شطبت فلسطين عن الخارطة الدولية ووضعت مكانها إسرائيل، وهاهي اليوم تقوم بتصحيح خطيئتها عن طريق العمل على قيام دولة للشعب الفلسطيني.

بدوره قال الكاتب توفيق أبو شومر إن السلام كلمة نستخدمها كثيراً دون أن نتوقف عند مفاهيمها، متسائلاً هل كلمة السلام هي الكلمة التي نعنيها بفلسطين، ويعنيها الإسرائيليون والدوليون؟

وأضاف نحن الفلسطينيون قضيتنا ليست قضية سلام وإنما إعادة حقوق مستلبة أهلها ما زلوا أحياء يرزقون ومنهم من يملكون أوراق ومفاتيح ممتلكاتهم من أراضٍ وبيوت وغيرها.

وأضاف أن السلام من وجهة نظر إسرائيل شيء مختلف عن مفهوم السلام عندنا.. لأن إسرائيل في بدايتها كانت دولة ديمقراطية ومن ثم تحولت إلى متطرفة بسيطرة الليكود عليها، إلى أن وصلت كلمة السلام عندها تتمثل في جملة وهي "الاعتراف الفلسطيني بيهودية الدولة الإسرائيلية".. وهذا يعني لا بقاء لإخواننا المناضلين في الأراضي المحتلة. فيما السلام من وجهة نظر العالم يختلف عن مفهومه عن الفلسطينيين والإسرائيليين معاً، فهو بالنسبة لهم بمثابة وجود بؤرة نزاع في المنطقة ويجب أن تبقى مستمرة حتى لا يتكون كيان عربي.

وتباع شومر قائلاً:" إن إسرائيل تدعي اليوم أمام العالم بأنه لا يوجد طرف فلسطيني يمكن التوقيع معه اتفاقية سلام.

وأكد أن إسرائيل هي الدولة الوحيد في العالم التي تموت "بالسلام" وتحيا بالحرب.

من جانبه قال الكاتب عبد الكريم عليان:" إن إسرائيل تعتمد على عامل الزمن في التهرب من الاستحقاقات والإيفاء بالالتزامات عليها، موضحاً أن إسرائيل تستغل عامل الزمن لخلق وقائع جديدة وقلب الأوراق من جديد، كما حدث في اتفاق أوسلو، وخارطة الطريق وغيرها.

وأضاف أن إسرائيل ليست من السهل أن تتنازل عن شيء امتلكته.

المتغيرات الدولية بدء من توجهات الديمقراطيين الأمريكيين برئاسة أوباما وانتهاء بالموقف الأوروبي التقليدي، لا نعتقد أنهما سوف يمارسان ضغطا من أي نوع قد يلزم إسرائيل بتغيير سياستها.. وإن قبلت بشيء فسوف تعود لعامل الزمن من جديد لخلق واقع جديد، كما حصل بعد أوسلو مثلا.. و أعتقد أن القيادة الفلسطينية ليست بغافلة عما يجرى ويدور, ولعل التغيير الذي جرى مؤخرا خصوصا بعد نجاح مؤتمر فتح لا يمكن أن يصب إلا في خانة الإعداد للمرحلة القادمة , واعتقد أننا جميعا أمام تحدى صعب وشاق بدء من إنهاء الانقسام وتوحيد الصفوف وعملية البناء وانتهاء بالاستعداد للعملية السياسية القادمة  التي تبتعد كثيرا عن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة.

وطالب القيادة الفلسطينية في شطري الوطن أن تعمل على إنهاء الانقسام بأسرع وقت ممكن، وإجراء الانتخابات في موعدها المحدد دون أي تأخير.

وأكد على أن أي قيادة تفرزها الانتخابات التشريعية والرئاسية عليها أن تنظر إلى التجارب السابقة بالنسبة للمفاوضات والحلول المقترحة بحيث لا يجب التنازل عن مبدأ قوة دولية قادرة على أن تحمى الاتفاق وتلزم إسرائيل بتنفيذه.

ونوه إلى ضرورة أن تنتبه القيادة الفلسطينية إلى عامل الوقت بحيث لا تستغله إسرائيل في خلق وقائع جديدة ومبررات تقوم هي بصناعتها.

وشدد على ضرورة أن لا يكون هناك أي  تدخل خارجي في الشؤون الفلسطينية بحيث لا تعمل من جديد على تقويض آمال شعبنا لحسابات إقليمية.

وأكد على ضرورة الانتباه لشؤوننا الداخلية في عملية بناء مجتمع مدني ديمقراطي يهتم ببناء الإنسان الفلسطيني بشكل عادل، ويسمح بتطور الإنسان الفلسطيني ليشارك في المنجزات الحضارية.

وأعرب عدد من المشاركين عن قلقهم من أن القضية الفلسطينية تدخل طور التفكيك، وأن الوضع الفلسطيني سيئ للغاية وأننا قدمنا للإسرائيليين جزءاً كبيراً من أحلامهم على طبق من فضة. معربين عن اسفهم من استمرار حالة الانقسام الرسمي والاقتتال الداخلي اللذان يعتبران أبرز مظاهر انهيار القضية الفلسطينية.

كما أكد المشاركون أنه لغاية الآن لم نتمكن من تحديد إطار لوحدتنا الفكرية والاتفاق على أرضية مشتركة بالنسبة لقضيتنا التي طال عليها الأمد وتبددت فيها الجهود وتبعثرت الآمال.

كما أكدوا على أن قضيتنا العادلة ينقصها محامون أكثر براعة، خصوصاً إذا نظرنا إلى الجانب الإسرائيلي والذي يدافع عن قضية ظالمة ولكن على يد محامين بارعين، فالعدالة وحدها لم تعد تكفي في عالمنا الذي لا ينتصر للحق ولا يلتزم بالقانون ولكنه يتعامل بمنطق القوة في المجالات كافة.

وأكدوا أن القيادة الفلسطينية أمامها تحديات كبيرة‏‏ تمثل كل منها معادلة صعبة‏‏ بات عليه مسؤولية حلها‏،‏ وصولاً إلى تحقيق الحلم الفلسطيني وفقا لمشروع إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف والحل العادل لقضية اللاجئين.

وشدد المشاركون على أنه مهما كان الخلاف مع خط التسوية يتوجب إعطاء فرصة للقيادة الفلسطينية لاختبار إمكانية الوصول لصيغة حل مقبولة ترضي مطالب الشعب الفلسطيني الأساسية عن طريق التفاوض وثقل الديبلوماسية الدولية، ولا بأس ولا ضرر من ترك القيادة الفلسطينية تجرب خياراتها وخططها التفاوضية، على أن تحفظ لقوى المجتمع المدني الفلسطيني حقوقها في ممارسة خياراتها النضالية السلمية ضمن ضوابط وحدة الصف والتنظيم الديمقراطي المفتوح والحر.

كما أكدوا على أن القيادة الفلسطينية ممثلة  بالرئيس محمود عباس يريد للفلسطينيين أن يعطوا صورة شعب مسؤول، يتجنب العنف ويتمسك بالديمقراطية ويستحق أن يُقبل به كشريك، سواء بالنسبة لإسرائيل أم على الصعيد الدولي. موضحين أنه لطالما آمن الرئيس عباس بأنّ استخدام السلاح ضد إسرائيل - المتفوقة جدا - أمر يشبه الانتحار، وبأنّ تغيير السياسة الإسرائيلية لا بد أن يأتي نتيجة صراع القوى داخلها .

وأضافوا بأنه علينا أن نكون معنيين بالمضي قدماً في نهج الواقعية السياسية، باعتباره النهج الذي يمكننا من تأكيد حضورنا كشعب في المعادلات السياسية الإقليمية والدولية، وإظهار إسرائيل على حقيقتها كدولة استعمارية استيطانية عنصرية في المنطقة . وأوضح المشاركون ان تجربة الصراع المعقد والمضني مع إسرائيل، لا يرتبط بقيم الحق والعدالة فقط، وإنما يتطلب أيضا التعامل مع واقع السياسة باعتبارها حقلا لصراعات موازين القوى والمعطيات الدولية والإقليمية.

وإزاء ذلك بات من المهم أن تضع  القوى الفلسطينية أجنداتها الخاصة جانبا، لاسيما في هذه الظروف الدولية والإقليمية العصيبة والفريدة، وإعادة النظر بخطاباتها وأشكال عملها الخاصة، والالتفاف حول برنامج الإجماع الوطني، برنامج الحرية والاستقلال، المتمثل بإقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع، باعتبارها خطوة مهمة على طريق تقويض المشروع الصهيوني، المرتكز على إنكار وجود الشعب الفلسطيني وتغييب وجوده الاجتماعي والسياسي.

وشددوا على أننا نحتاج في هذه المرحلة المصيرية المهمة من تاريخنا، إلى قادة يستمدون شرعيتهم ووطنيتهم من مصارحة شعبهم ومواجهته بالحقائق والتعامل بواقعية ومرونة ووعي وحكمة مع الأوضاع الفلسطينية البالغة الصعوبة والخطورة والتعقيد ومع المعادلات الإقليمية والدولية، ولسنا  بحاجة - إطلاقا - إلى مسؤولين يبيعون شعوبهم الأوهام ويتمسكون بشعارات ومطالب هم غير قادرين على تأمين أي منها وهي غير قابلة للتحقيق أساسا، فيقودون الفلسطينيين -  حينذاك -  من كارثة إلى أخرى ومن واقع سيئ إلى واقع أسوأ.