خبر إفطارٌ.. منزوع الطعم !!

الساعة 06:56 ص|29 أغسطس 2009

إفطارٌ.. منزوع الطعم

فلسطين اليوم – غزة ( تقرير خاص )

جلست أم أيهاب بنر من حي الشجاعية بمدينة غزة سارحةً حول مائدة الإفطار في شهر رمضان ومن حولها أبنائها وبناتها يحاولون الحديث معها في كل لحظة علهم يخرجونها من حالة الحزن الشديد الذي كان مخيماً عليها بعد أن استشهد خمسة من أفراد عائلتها في الحرب الأخيرة على غزة.

  

فبالحزن والأسى استقبلت عائلة أم إيهاب بنَر شهر رمضان المبارك, بعد فقدانها لأربعة من أفراد أسرتها في يوم واحد بالإضافة إلى فقدانها ابنها محمد قبلهم ببضعة أشهر.

 

فقد استشهد محمد ( 27 عاماً ) في موقع تدريب عسكري يوم 20/3/2008 , حيث كان يستعد فيه للقاء العدو , إلا أن المنية وافته قبل أن يتم له ذلك , وفي صباح يوم الجمعة الموافق 16/1/2009 عثر على جثة ابنها مدحت ( 23 عاماً ) بعد الاجتياح الإسرائيلي في الحرب الأخيرة على غزة  لحي تل الهوا بعد إصابته بجروح ظل ينزف منها حتى الموت .

 

أما قصة استشهاد زوجها أبو إيهاب ( 47 عاماً ) , وابنيها شادي ( 24 عاماً) , وأحمد (18 عاما ) فتقشعر لها الأبدان , فبعد انتهاء اليوم الأول من أيام العزاء للشهيد مدحت قرر أبو إيهاب أبنائه وإخوانه الذاهب لمنزلهم علهم ينالون قسطا من النوم ولكن يبدو أن النوم الذي أرادوه كان نوما أبديا حيث قامت طائرات صهيونية بالقصف العشوائي على الشارع الذي كان يسير فيه أبو إيهاب ومن معه أسفر هذا القصف عن استشهاد أبو إيهاب وأبنائه شادي وأحمد وأخيه وابن عمه .

 

أي فرحة استقبل بها شهر رمضان !!!

أم إيهاب قالت لمراسلة فلسطين اليوم بأن رمضان العام يختلف اختلافاً كلياً عن سابقيه ,حيث كانت هي وأسرتها يقابلون رمضان بفرحة شديد فأجواء الشهر كانت مميزة لديهم , إلا أن رمضان العام قد فتح عليهم المواجع على حد قولها .

 

فكل عام اعتادت أم إيهاب من زوجها أن يحضر لها كل مستلزمات الشهر , ومن أبنائها إحضار العصائر والحلويات الخاصة بشهر رمضان , إلا أنها هذا العام لم تجد ذلك بعد فقدانها خمسة من عائلتها في أقل من عام.

 

إلا أن أم إيهاب امتنعت هذا العام عن إحضار أي من مستلزمات الشهر حتى لا يتسنى لأبنائها تذكر أبيهم وإخوانهم .

 

المائدتان أصبحتا واحدة

وعن مائدة شهر رمضان قالت أم إيهاب " أتعمد أن أضع المائدة بعد الآذان , لأن أبنائي يبكون حول المائدة إذا وضعتها قبله , فهم يفتقدون  لجلسة أبيهم وإخوانهم حولهم".

 

وأضافت أم إيهاب بأنها كل عام اعتادت على أن تجهز مائدتين , الأولى لزوجها أبو إيهاب وأولادها الذين كانوا يتناولون طعام الإفطار بعد أدائهم لصلاة المغرب في المسجد والثانية لها ولبقية أفراد أسرتها "

 

" بدها الحياة تمشي " هذا ما قالته أم ايهاب عند سؤالها عن حال أفراد أسرتها في شهر رمضان بعد فقدانهم ذويهم , فأدهم هو أكثر الأبناء تأثراً حيث كان مع أبيه وإخوانه وقت استشهادهم , فهي تعمل على التكسير عليه عندما يتذكر الحادث وتحاول أن تجعله لا يصمت أبدا , وقد مرضت هي وأسرتها قبل شهر رمضان بأسبوع حزنا على فراقهم لأبيهم وإخوانهم في هذا الشهر الفضيل.

 

أما عن بناتها قالت أم إيهاب أنهن صابرات بإيمانهم ودينهم بل إنهن يعملن على تصبير أمهم عندما تتذكر أبنائها وزوجها، كما كل النساء اللاتي فقدن خلال الحرب الصهيونية الأخيرة التي بدأت يوم 27/12/2008واستمرت حتى 19/1/2009 جرائها أكثر من 1366 شهيداً وألفي جريح .

 

ولم تجد أم إيهاب سبيلاً أمامها سوى أن تحمد الله على هذا الابتلاء وأن تحتسب من فقدتهم من أفراد أسرتها عند الله شهداء، كما باقي أبناء الشعب الفلسطيني الذي اعتاد أن تكون مناسباته الدينية والاجتماعية بطعم آخر.. وقد يكون منزوع الطعم..!