خبر من الأمية إلى الدكتوراه داخل سجون الاحتلال

الساعة 09:03 م|28 أغسطس 2009

فلسطينيون يتحدون الاعتقال بالثقافة

فلسطين اليوم- وكالات

لم يكن عمر الفلسطيني فهد أبو الحاج عند اعتقاله من طرف الاحتلال يتجاوز 16 عاما وهو أميّ، قبل أن يقلب الاعتقال حياته حتى وصل اليوم إلى مرحلة التحضير لشهادة الدكتوراه.

وتختصر قصة أبو الحاج (48 عاما) المنحدر من قرية كوبر قرب رام الله بالضفة الغربية، مسيرة آلاف المعتقلين الفلسطينيين الذين تحدوا الاحتلال وأمضوا سنوات أسرهم في القراءة والدراسة والتحصيل العلمي.

ويروي أبو الحاج للجزيرة نت تجربة اعتقال امتدت أكثر من 10 سنوات، حين قرر بمساعدة عدد من الأكاديميين المعتقلين في سجن عسقلان دراسة المناهج التعليمية من الصف الأول وحتى الثانوية العامة في غضون عامين.

وحصل أبو الحاج على شهادة الثانوية العامة بينما كان معتقلا، في حين التحق بالجامعة بعد الإفراج عنه مباشرة حيث حصل على البكالريوس في العلاقات السياسية، إلى جانب الدبلوم في الدراسات الإسرائيلية.

شهادات ومؤلفات

وبين اعتقال وآخر كان أبو الحاج يتابع تحضيراته لدراساته العليا، حيث حصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية، وهو يحضر حاليا لرسالة الدكتوراه حول "التجربة الديمقراطية للمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية".

ويعترف أبو الحاج الذي أصدر عدة مؤلفات أهمها "فرسان الانتفاضة من وراء القضبان" و"انتفاضة الجوع"، بأنه لو لم يدخل السجن لبقي أميا "لأنني في الأسر تعلمت التحدي والإصرار على تغيير حياتي".

وفي قصة أخرى، يروي الأكاديمي الدكتور حسن عبد الله تجربة بدأت منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي حين كان طالبا جامعيا وتعرض للاعتقال، وحاول التغلب على قسوة التجربة بالتثقيف الذاتي وكتابة المقالات.

ويضيف للجزيرة نت "عندما أفرج عني في نهاية التسعينيات عملت في الصحافة وواصلت دراستي قبل أن أتعرض للاعتقال عدة مرات لاحقا، وخلالها كتبت أربع مجموعات قصصية بالإضافة إلى دراستين ثقافيتين".

وعن تلك التجربة يقول عبد الله الذي يعمل أستاذا جامعيا إن "السجان الاسرائيلي يحاول عند اعتقال أي فلسطيني سلخه عن الحياة الطبيعية وتفريغه من فكره، لكن الأسير منذ بداية الثورة الفلسطينية وفتح السجون الإسرائيلية، واجه محاولات التفريغ الثقافي وسلخه عن التأثير في مجتمعه بالقراءة والثقافة والدراسة والإبداع".

إضراب ومعاناة

وفي تجربتيْ فهد أبو الحاج وحسن عبد الله، لم تكن مقومات الثقافة والدراسة متوافرة على نحو مريح في السجون الإسرائيلية، حيث كانت إدارة السجون حتى منتصف الثمانينيات تمنع إدخال الكتب والقرطاسية للأسرى، وتتيح للعشرات منهم "قطعة رصاص واحدة" من أجل كتابة رسائلهم لذويهم.

ويضيف عبد الله أن الحصول على الورقة والقلم في الاعتقال جاء بعد رحلة معاناة طويلة من إضرابات متواصلة بعضها استمر شهورا واستشهد خلالها العديد من الأسرى في سبيل إجبار إدارة السجون على السماح بإدخال الكتب والأوراق والأقلام للأسرى.

ويتذكر عبد الله كيف تحولت السجون حين انتصر الأسرى بفرض إرادتهم على السجان، إلى مدارس حقيقية تخرج بشكل دائم أفواجا من الكتاب والمتعلمين.

وليس بعيدا عن هذا الصورة حصل الأسير محمود أبو سرور من بيت لحم، قبل أيام على الماجستير في العلوم السياسية وهو يواجه حكما بالسجن مدى الحياة في سجن بئر السبع العسكري.

أما الأسير إسماعيل الشبح من رام الله والمحكوم بالسجن 13 عاما، فتمكن هو أيضا من الحصول على شهادة البكالوريوس أثناء اعتقاله في سجن النقب بشكل متزامن مع انتهائه من تأليف أول كتبه عن تجربة الاعتقال.

وحسب وزارة شؤون الأسرى الفلسطينية فإن أكثر من 360 أسيرا فلسطينيا يكملون تحصيلهم العلمي العالي حاليا من داخل السجون، وذلك بالانتساب إلى الجامعة العبرية المفتوحة التي تخرج منها 100 أسير فلسطيني.