خبر رام الله: مقلد أصوات يجعلك تشعر فعلاً أنك أمام ياسر عرفات و أحمد ياسين

الساعة 05:06 م|28 أغسطس 2009

فلسطين اليوم : رام الله (بقلم/ هبة لاما)

عندما سمعت أن أحدهم يقلد الأصوات، لم أعر للموضوع أي اهتمام إضافي بل اعتبرته كباقي المواضيع التي تمر على القارىء يومياً خفيفة لطيفة دون أن تعلق في الذاكرة، إلا أنني عندما تحدثت إليه وسمعته يقلد صوت أبي عمار والشيخ أحمد ياسين، حسبت أن القائدين الفلسطينيين لم يموتا بعد، وإنما هما لا يزالان حيان يرزقان دون أي تشكيك في الصوت وطريقة الكلام أو النبرة.

وربما أن الذي شدني للموضوع أكثر أن مقلد الأصوات هذا لا يتخذ هذه الموهبة كوسيلة للتسلية فقط، وإنما كطريقة لإيصال الرسالة التي يريدها عن طريق الخطابات التي يعدها ويلقيها على لسان القادة والتي تدعو للوحدة مثلاً أو وقف الاقتتال والشجار الداخلي أو بواسطة شخصيات مستوحاة من المجتمع تناقش قضايا اجتماعية يدعو من خلالها للإصلاح وتغيير الواقع المعاش.

هذا الشخص الذي يجيد تقليد كافة الأصوات لكافة الكائنات الحية هو محمود النوباني من قضاء رام الله، شخص بسيط يعمل في البناء إلا أنه يحمل رسالة لمجتمعه أولاً وللعالم ثانياً يوصلها عن طريق موهبته التي ابتدأت منذ الصغر إذ يقول: "منذ أن كنت في الابتدائي كنت أقلد أساتذتي ومعلماتي بحيث لم يكن الطلبة يفرقون بين صوتي المزيف وصوتهم الحقيقي وإذا لم يرونِ كانوا يعتقدون أن أساتذتهم هم الذين يخاطبونهم وليس أنا".

وهكذا نمت موهبة التقليد بتقدم النوباني في العمر حتى أصبح يجيد كافة الأصوات ويطلبونه للمهرجانات والاحتفالات والأعراس إلا أن العائق الوحيد الذي كان يواجهه هو أهله وعائلته الذين كانوا دائمي الحياء مما يقوم به فيؤكد النوباني أنه لولا أهله وإخوته لاستطاع الوصول للشهرة وتحقيق هدفه في تغيير العادات السيئة في المجتمع من جهة وتغيير نظر العالم لفلسطين والقضية الفلسطينية من جهة أخرى.

والنوباني -الذي يحب ما يقوم به ويعتبره نعمة ربانية- حاول أكثر من مرة أن يتناول مواضيع حساسة تمس المجتمع وبحاجة للتغيير فيقول: "عملت كثيراً على قضية غلاء المهور والتي تعيق الشباب عن الزواج إضافة إلى قضايا مشابهة فكنت أعمل سكيتشاً مسرحياً أناقش فيه القضية محل التركيز وأحاول إلقاء الضوء على حسناتها التي تستدعي الاحتفاظ بها وسيئاتها التي تستدعي التخلص منها".

كما تناول النوباني قضايا الخلافات بين الكنة والحماة بطريقة هزلية تدعو إلى التغيير والتروي والتعقل كما تناول قضية الخلافات الفلسطينية الداخلية والتي أخذت قسطاً مهماً من أعماله واهتمامه فكان يقلد صوت الشيخ ياسين يلقي خطاباً داعياً المواطنين إلى الوحدة وعدم الاقتتال إضافة إلى صوت أبي عمار بجمل داعية للمصالحة وحرمة الدم الفلسطيني.

ولا يكتفي النوباني بذلك بل يقلد مشهداً كاملاً متكاملاً لنساء ورجال وشباب على حاجز للاحتلال ولا ينسى تقليد صوت المخشير والمجندة الإسرائيلية وكافة المؤثرات الصوتية التي توحي للسامع أن المشهد طبيعي لا زيف فيه.

ويؤكد النوباني أنه يستطيع القيام بعمل مسرحي وحده دون أي شريك وإنجاز كافة الشخصيات والسيناريو والحوار دون مساعدة من أحد، مشيراً إلى أن الفنان الأردني زهير النوباني قد حضره في إحدى العروض وتواصل معه من أجل القيام بعمل مشترك بعد أن أعجب بما يقوم به.

وربما أن مثل هذه الموهبة التي لا يمتلكها إلا القليل تستطيع بالفعل تغيير الواقع المعاش عن طريق التركيز على تحسين السيئات وإلقاء الضوء على الحسنات إذا ما استخدمت هذه الموهبة بالطريقة والسياق الصحيحين.