خبر تقرير: « إني صائم.. إني صائم »!

الساعة 06:44 ص|27 أغسطس 2009

                          تقرير: "إني صائم.. إني صائم"!

فلسطين اليوم- غزة (تقرير خاص)

ككل عام.. بدأت أيام شهر رمضان المبارك في قطاع غزة صعبةً بحصارٍ خانقٍ وفقرٍ مدقعٍ وانقسامٍ يجر خيبةً ونكباتٍ أشد لوعةً.. مما خلق حالة من التذمر الدائم والعصبية المتواصلة التي لم تكفل أيام الشهر الفضيل التخفيف منها.

ومع استمرار هذه الحالة الدائمة لدى كافة أبناء الشعب الفلسطيني خاصةً الغزي والذي يتميز بالعصبية حتى في أفضل أيامه، حيث تستمر المشاحنات والخلافات بين المواطنين تكون أكبر هذه الخلافات تافهة، وما إن تنتهي المشكلة حتى يقول المواطن الصائم "اللهم إني صائم".

والسائر في شوارع القطاع ويشهد بعضاً من هذه الأزمات لا يكاد يسمع هذه العبارة، وكأنها باتت عذراً لمن يخطئ في هذا الشهر الفضيل، على الرغم أنه الأولى وبحسب تعاليم وقيم ديننا الإسلامي أن تهذب النفوس خلال هذا الشهر، وأن تتبارك أيامه بالتسامح والمحبة بين المواطنين.

ولم تكن الصورة سوداوية حيث نجد الكثير من المواطنين الذين يستثمروا وقت شهر رمضان بنشر التسامح والمحبة فيما بينهم وغض الطرف عن الكثير من النزاعات التي قد تحدث لأسباب عدة، فيما تزداد الزيارات الاجتماعية خلال هذا الشهر ويحرص الأهل والأقارب على التزاور خلاله خاصةً بيوت الشهداء والجرحى والأسرى.

"وكالة فلسطين اليوم" تحدثت إلى العديد من المواطنين حيث أكد جزء كبير منهم أن أهمية هذا الشهر الفضيل تحتم عليهم نسيان العديد من المشكلات والتغاضي عن مسببها والتسامح فيما بينهم، فيما اعتبر آخرون أن العصبية تزداد لديهم بسبب الجوع والعطش خاصة قبيل ساعات آذان المغرب.

السائق أبو عائد سعيفان أكد أنه من الأشخاص الكثر الذين يستخدمون هذه العبارة "اللهم إني صائم" حيث أن مهنته تجعله يقابل أناس مختلفون في طبائعهم مما يخلق أحياناً الكثير من المشكلات فيشعر أنه يفقد صوابه في أوقات النهار خاصةً أنه "صائم وعطشان وجائع" كما يقول.

وأضاف سعيفان، أن وقت ما قبل المغرب هو عصيب بالنسبة له ولكافة السائقين حيث تشهد المدن أزمة مرورية خانقة حيث يسعى كل مواطن للوصول لمنزله بأقصى سرعة، مما قد يخلق مشكلات بين المواطنين خاصةً السائقين.

أما الطالبة الجامعية سها العديني، فتعتقد أن أيام شهر رمضان الفضيلة، تجبر الكثير من المواطنين على ضبط أعصابهم وتحمل أزماتهم والتغاضي عن العديد من المشكلات فيما بينهم، أما عن نفسها فتقول:" أحياناً أخرج عن طوري ولكني أحاول ألا أضيّع صيامي في أمر قد يكون تافهاً، لأن من أهم الدورس التي يمكن تعلمها خلال الشهر الفضيل هو الصبر".

لكن زميلتها دينا شعت تخالفها في أن الجوع والعطش خلال شهر رمضان وبالذات هذه السنة حيث يأتي في حر الصيف يجعلها أكثر عصبية، على الرغم من محاولاتها الالتزام بالقيم والتعاليم الدينية أهمها التسامح خلال الشهر، مضيفةً أنها لا تبرر أخطائها بقول "اللهم إني صائم" لأن "الغلطة غلطة والكلمة إذا بتطلع مابترجع خاصةً في شهر رمضان" على حد تعبيرها.

وللدين رأي، حيث دعا الشيخ الداعية عماد حمتو خلال حديثه لـ"فلسطين اليوم"، جميع الصائمين في هذا الشهر الفضيل لأن يعملوا على تهذيب النفس وإرضاء الله، موضحاً لهم بأن شهر رمضان كان ينتظره السلف الصالح للترقي الروحي حيث كانوا يجتهدون في تلاوة القرآن وفي القيام وكانوا يتسامحون فيما بينهم .

وأنكر الشيخ حمتو الأخطاء الشائعة التي يمارسها الناس ومن ثم يبررونها بقولهم " اللهم إني صائم " مؤكداً أن هذا التبرير خاطئ وأن من يفعل ذلك يكون لا يعرف حقيقة الصيام .

وأكد الشيخ حمتو بأنه على الناس في شهر رمضان أن يتركوا القيم الخاطئة والعادات السيئة ودعاهم إلى الاستقامة واللحمة الاجتماعية .

وذكر الشيخ حمتو بأن الإمام الغزالي قسم الصوم إلى ثلاث : صوم الأعوام وصوم الخصوص وصوم الخصوص الخصوص .

ودعا الشيخ حمتو الصائمين إلى الترقي لهذا النوع من الصيام , فكلما زاد الإنسان في إخلاصه وفي استغلاله لهذا الشهر من تسبيح وصلاة وعبادة خالصة لله يكون بإذن الله يترقى لهذا الصيام .

كما حثهم، على أن يقوموا بترتيب أوراقهم من جديد وأن يكثروا من الصلاة في المساجد وأن يتواصلوا اجتماعياً وألا يخوضوا مع الخائضين باستنفاذهم لأوقاتهم على التلفاز مؤكدا لهم بأن هذا الشهر يمثل فرصة للإنسان للتخلص من رداء الغفلة .

يذكر، أن هذه العبارة قيلت بناء على الحديث الشريف الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم مرتين والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشر أمثالها " البخاري برقم 1894، ومسلم 1151، حيث أن الصحيح أن يقال "إني صائم" مرتين وليس كما يشاع "اللهم إني صائم".

هذا ولا تخلو حياة الغزيين الذين لا حول لهم ولا قوة ويواجهون مشكلاتهم بقوة وصلابة، ولكن إن كان الله قد قدر لهم العيش في ظروف صعبة وخانقة، فمن الواجب ألا يفاقموا مشكلاتهم بزيادة مشكلاتهم الداخلية وليكن شعارهم وسلوكهم التسامح والمحبة ليس فقط في شهر رمضان.. بل في كل أيام السنة.