خبر ساركوزي يعرض تولي فرنسا الوساطة بين سورية وإسرائيل

الساعة 06:01 ص|27 أغسطس 2009

فلسطين اليوم – قسم المتابعة

اقترح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الدعوة إلى قمة متوسطية جديدة الخريف القادم، بالتشارك مع مصر والتنسيق مع الرئاسة السويدية للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لمواكبة جهود السلام في الشرق الأوسط، مشترطا لذلك حصول تقدم في موضوع وقف الاستيطان الإسرائيلي ومعاودة إطلاق المفاوضات السلمية. كذلك عرض ساركوزي أن تلعب باريس دور الوسيط في المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية إذا ما أعرب الطرفان عن رغبتهما في ذلك، بحيث تحل فرنسا محل تركيا في دور الوسيط الذي لعبته أنقرة في المفاوضات غير المباشرة السابقة. وحذر الرئيس الفرنسي إيران من استمرار صم أذنيها إزاء دعوات الحوار الأميركية ومقترحات الدول الست «الخمس الدائمة العضوية وألمانيا»، معتبرا أن إيران مستمرة في تطوير قدراتها النووية التي وصفها بأنها «عسكرية».

وجاءت مواقف ومقترحات ساركوزي في إطار الخطاب الذي ألقاه عصر أمس في قصر الإليزيه أمام مؤتمر سفراء فرنسا السابع عشر في العالم الذي تشكل الأزمة الاقتصادية والمالية محوره الأساسي. وفي هذا السياق احتلت تتمات الأزمة وطرق معالجتها والقمة المنتظرة في سبتمبر (أيلول) القادم في بيتسبورغ (الولايات المتحدة)، وكذلك قمة كوبنهاغن للبيئة التي ستتبعها، الخيط الرابط للخطاب الرئاسي مع التركيز على المعالجات الفرنسية والاقتراحات التي ستتقدم بها باريس، بما في ذلك الدعوة إلى مؤتمر دولي حول الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وإيجاد المنظمة الدولية للبيئة، وإعادة إطلاق الحوار بين الدول المنتجة والمستهلكة للنفط بمناسبة قمة بيتسبورغ.

وحث ساركوزي الاتحاد الأوروبي على أن يتصرف كقوة سياسية واقتصادية وعسكرية «تعرف كيف تدافع عن مصالحها»، داعيا في الوقت عينه إلى إصلاح المؤسسات الدولية كي تتناغم مع حقائق عالم اليوم، ومنها الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات المتفرعة عنها والمؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، فضلا عن مجموعة الدول الثماني الأكثر تصنيعا التي سيتم تحويلها إلى مجموعة الـ14 لتضم دولا ناشئة.

واحتل الشرق الأوسط وأفغانستان النصيب الأساسي من كلمة ساركوزي بشأن الأزمات الإقليمية، وخصوصا موضوع السلام والمحاولات الجارية لإعادة إطلاق المفاوضات. وشدد ساركوزي على أهمية وضع حد «لإضاعة الوقت»، خصوصا أن «معايير السلام والطريق الذي يقود إليه معروفة». ورفض ساركوزي تعريف أزمة الشرق الأوسط بأنها «إقليمية»، بل شدد على كونها عالمية. ورأى ساركوزي أن موضوع «تجميد دقيق وشامل» للاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية هو المفتاح للتقدم وللعودة إلى المفاوضات، متمنيا أن تفضي المحادثات بين رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو والمبعوث الرئاسي الأميركي جورج ميتشل إلى اتفاق بهذا الخصوص. وأعلن الرئيس الفرنسي أنه سيشجع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي سيلتقيه في الرابع من الشهر القادم على «إعادة تجديد» البنى الفلسطينية التي ستكون من مسؤوليتها «غدا» إدارة الدولة الفلسطينية.

وكان لافتا أن ساركوزي الذي يعلن أنه صديق لإسرائيل يركز على أهمية قول الحقيقة لها، ومن مكوناتها أن «من الخطأ الاعتقاد أنه يمكن الاستمرار في الاستيطان والتوصل إلى السلام»، وأن قيام دولة فلسطينية «مكون أساسي» من مكونات السياسة الفرنسية، وأنه «لا عودة عن ذلك». غير أن الاقتراح العملي تمثل في إعلانه الاستعداد للدعوة لقمة متوسطية ثانية تضم كل الدول المنتمية إلى الاتحاد المتوسطي ومنها إسرائيل. وعرض ساركوزي تقديم المساعدة لسورية وإسرائيل «في حال رغبتا» لاستئناف المفاوضات غير المباشرة، واصفا علاقات بلاده بدمشق بـ«البناءة»، ومر بسرعة على الملف اللبناني داعيا إلى الإسراع في تشكيل حكومة «وحدة وطنية فعالة».

وتوقف ساركوزي مطولا أمام الملف الإيراني، حيث إن الأزمة السياسية في إيران «أنست أنه خلال عمليات قمع» المتظاهرين «تستمر إيران في نشاطاتها النووية» التي وصفها بـ«العسكرية»، وفي تجاربها على الصواريخ. وأكد ساركوزي أن مهمة منع إيران من التحول إلى قوة نووية عسكرية «مسؤوليتنا»، مشيرا إلى عرض الحوار الذي قدمته واشنطن وإلى المقترحات التي تقدمت بها الدول الست. وقال الرئيس الفرنسي إن الدول الست ستقيّم الوضع في سبتمبر (أيلول)، وإذا تبين أن طهران لم تغير مواقفها «فإننا سنتجه إلى أزمة كبرى»، من غير أن يعطي مزيدا من الإيضاحات عما يقصده، مكتفيا بالقول إن هناك توجها لفرض عقوبات «ذات معنى» إضافية على إيران في إطار مجلس الأمن الدولي، وإن فرنسا تدعم هذا التوجه.

وربط ساركوزي بين الوضع في أفغانستان وموضوع الإرهاب، ليشدد على عزم بلاده على البقاء في أفغانستان لمحاربة الإرهاب واحتوائه.

إلى ذلك أعلن قصر الإليزيه أن ساركوزي عيّن مديرة فرع فرنسا في «الجمعية اليهودية الأميركية» فاليري هوفنبرغ ممثلة خاصة لفرنسا في الشرق الأوسط لشؤون الاقتصاد والثقافة.

وأوضحت الرئاسة الفرنسية أن هوفنبرغ التي تشغل أيضا منصب مستشارة بلدية في باريس ممثلة حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية اليميني الحاكم، ستكون مسؤولة عن الشؤون الاقتصادية والثقافية والتجارية والتربوية والبيئية لعملية السلام في الشرق الأوسط.

وأورد قرار التعيين أن هوفنبرغ ستكون خاضعة لسلطة وزير الخارجية برنار كوشنير، وستكلف اتخاذ «كل المبادرات الملموسة» التي من شأنها خلق «مناخ مُواتٍ للسلام في مجالات الاقتصاد والثقافة والتربية والبيئة».

وذكر قرار ساركوزي أن فاليري هوفنبرغ شاركت خصوصا في إنشاء منطقة صناعية تضم مؤسسات خاصة وعامة في بيت لحم بالضفة الغربية. واعتبر ساركوزي في قراره أن هذا المشروع يظهر أن «التنمية الاقتصادية هي عنصر أساسي في عملية السلام في المنطقة»، وقال مخاطبا هوفنبرغ: «لقد أظهرت أيضا أنه يمكن إطلاق مشاريع ملموسة بين الإسرائيليين والفلسطينيين