خبر لا تكسروا المرآة.. هآرتس

الساعة 08:20 ص|25 أغسطس 2009

بقلم: يوئيل ماركوس

الوزير السابق شلومو بنـزري الذي سيبدأ قضاء محكوميته بالسجن لاربع سنوات قريبا يعقد لنفسه اجتماعات داعمة. ومن الذي يتهمه بمصيره المرير؟ وسائل الاعلام طبعا. بنـزري ليس الاول أو الاخير الذي يفعل ذلك، الا انه لم يكل او يمل الى أن شبه مصيره بمصير دودو توباز: وسائل الاعلام قتلت شخصية توباز الى أن قرر الانتحار، قال بنـزري، يشربون دمه مثلما شربوا دمي. بنـزري ادعى ايضا ان وسائل الاعلام قامة بعملية "قتل الشخصية" لوزير المالية الاسبق ابراهام هيرشيزون "لنفترض أنه اخطأ ولكن لديه ابناء ايضا"، قال بنـزري.

في جنازة توباز ايضا ترددت ادعاءات كهذه، رغم أن ضحاياه كانوا من وسائل الاعلام. محاميه تسيون أمير يتهم وسائل الاعلام بانها قد انقضت عليه كالطيور الجارحة. لم يخطر ببال المحامي أنه هو الذي لم يؤدٍ دوره كما يجب على ما يبدو. من الذي يمكن اتهامه بالمسألة ان لم تكن الصحافة؟ زبونه السابق هو رئيس الدولة موشيه قصاب، ندد بالصحافة وشتمها ومثله ايهود اولمرت وافيغدور ليبرمان اللذان تحوم لوائح الاتهام فوق رأسيهما – من الذي سيتهمون بذلك ان لم تكن الصحافة؟

لاحظوا أن المخالفين المحترفين من أعضاء العصابات العنيفة والقتلة، لا يتهمون وسائل الاعلام بالامر. هم نزيهون بدرجة تكفي لمعرفة من الذي فعل ماذا.

صحافتنا ليست كما كانت عليه ذات مرة. هي افضل بكثير. الصحافة الحزبية زالت واليوم تسير وسائل الاعلام على ضوء الشعار الذي يزين صفحة "نيويورك تايمز" الرئيسية: "كل الاخبار جديرة بالنشر". الفترة التي كان فيها بامكان وزير من خلال مكالمة هاتفية مع المحرر ان يمنع نشر مقالة او خبر قد يمس به، قد زالت.

لوسائل الاعلام المستقلة دور دراماتيكي وجريء في الاحداث التاريخية. المذيع الامريكي ايد مورو الذي بث من لندن خلال الحرب ضد المانيا النازية، هو ايضا الشخص الذي بدأ عملية القضاء على المكارثية. "واشنطن بوست" التي كشفت افعال الرئيس ريتشارد نكسون تسببت باقالته. "النيويورك تايمز" نشرت بشجاعة وثائق البنتاغون وكشفت ستار الاكاذيب التي تسببت باطالة حرب فيتنام، الا أن المذيع المعروف وولتر كرونكيت الذي بث من فيتنام قائلا: "علينا الخروج من هنا" كان سببا رئيسيا. الرئيس ليندون جونسون الذي سمع البث قال لمساعديه: "فقدنا الشعب". وان كنا نتنياهو وسائل الاعلام الاجنبية فقد كانت جرأة الصحيفة الفرنسية "لاو رور" التي نشرت على الصفحة الاولى عبارة "انا اتهم" على رأس مقالة اميل زولا – الذي أدى في آخر المطاف الى اشعال مشروع هرتسل.

إثر غياب الصحافة الحزبية، اصبحت لدينا صحافة حرة تقوم بالكشف والانتقاد. حتى ان كان التلفاز يبالغ احيانا في الدخول الى الدائرة الشخصية للعائلات التي تتضرر من مصيبة، ولكن يجب ان نقول بحقها انها تستجيب لطلب الاسرة بعدم التغطية ان حدث ذلك. وسائل الاعلام هي التي دفعت الى مقدمة المنصة مخالفات العنف والجنس في العائلة وحثت الشرطة على التعامل بجدية مع شكاوي الزوجات ضد ازواجهن العنيفين وما الى ذلك.

وسائل الاعلام تنتقد السياسيين والفساد السياسي بلا رحمة وهي بذلك تؤدي دورها من دون خوف او وجل. في حزيران من هذا العام كتبت رئيسة مجلس الصحافة داليا دورنر في مجلة نقابة الصحافيين انه "عندما يتم التطرق للتوازن الحساس بين حرية الصحافة وضررها، يتوجب تذكر حيوية وضرورة حرية التعبير في المجتمع الديمقراطي. هذه الحرية ليست ملكا للصحافة وحدها. وانما هي المسألة الاساسية المتعلقة بحق الجمهور بان يعرف وكابح هام في وجه الاستبداد السلطوي والفساد الشعبي".

في اوساط الصحافيين اشخاصا مستعدون لعمل كل شيء حتى التخاصم مع مصادرهم السياسية من اجل الحفاظ على الدقة. في المقابل هناك سياسيون ما زالوا يسعون لتقييد حرية الصحافة ومن بينهم اولئك الذين يلعبون مع الصحافة وفقا للقاعدة: صرعات اعلامية كجائزة للمقالات المؤيدة ومقاطعة في الامداد بالمعلومات كعقوبة على الانتقادات.

وسائل الاعلام لا تملك الحرية لكتابة كل ما يحلو لها، ولكنها تبذل قصارى جهدها لاداء رسالتها المهنية. هي بصورة عامة تعبر عما يحدث وعن اكتراثها به. وان كنتم لا تحبون دائما ما تقرأونه وترونه فلتتحاسبوا مع قادتكم ولكن اياكم ان تكسروا المرآة.