خبر لتفتحوا عيونكم.. هآرتس

الساعة 08:18 ص|25 أغسطس 2009

بقلم: الكسندر يعقوبسون

في الجدل حول علاقاتنا مع الفلسطينيين وحول احتمالات التسوية يميل كل جانب الى رؤية الجانب المريح له والاكثر ملاءمة لرؤيته للواقع المعقد، وتجاهل ما عداه. اولئك الذين حولوا التشاؤم في نظرتهم للفلسطينيين الى ايديولوجيا، يتجاهلون اليوم التغير البارز ايجابيا في طريقة اداء السلطة الفلسطينية لدورها والمغزى بعيد المدى الذي يترتب على هذا التغيير.

الهبوط الدراماتيكي في منحنى العمليات الارهابية كان قد بدأ بعد عملية السور الواقي وبناء الجدار والنشاطات والعمليات المنهاجية التي تقوم بها قوات الامن الاسرائيلية. ولكن في العامين الاخيرين، منذ الانقلاب في غزة، بدأت السلطة الفلسطينية ايضا بالعمل بجدية وفعالية ضد الارهاب في اراضيها، كجزء من محاولة طموحة لفرض القانون والنظام في الضفة وتحسين وضع السكان. اولئك الذين أكدوا عن حق صعوبة حقيقة أن السلطة عملت في عهد ياسر عرفات بصورة معاكسة يميلون اليوم لتجاهل التغير الايجابي واهميته.

المنطق الذي كان في اساس عملية اوسلو، ومفاده ان الحكم الفلسطيني سيضطر للعمل ضد الفوضى والارهاب في اراضيه، لان ذلك يشكل مصلحة حيوية لكل حكم – هذا المنطق لم يكن فاعلا في عهد عرفات الا أنه يظهر فعاليته الان. ما هو المغزى الاستراتيجي لهذه الحقيقة؟ موشيه يعلون تحدث في السابق قبل عام 2000 عن "سلوك العصابات" الذي تتبعه السلطة بقيادة عرفات. فهل يوجد لديه اليوم ما يقوله حول سلوك محمود عباس وسلام فياض المناهض للعصابات؟ من الاجدر به ان يتطرق الى ذلك عندما يتفرغ من انشغاله في قضية اعادة بناء حومش ومغازلاته لمجموعة فايغلين الكهانية.

للمتفائلين الايديولوجيين في النظرة الى الفلسطينيين مجال تجاهل خاص بهم، حيث يبذلون فيه كل قدرات النفي التي يمتلكونها: حق العودة. هم يعدون الجمهور بوجود قبول فلسطيني فعلي بان تكون العودة للدولة الفلسطينية وليس لاسرائيل. المشكلة هي أن قادة الفلسطينيين فقط يقولون عكس ذلك مرة تلو الاخرى.

قرارات مؤتمر فتح الاخير التي يمكن النظر اليها كقرارات معتدلة نسبيا فيما يتعلق بطريقة ونهج الكفاح الفلسطيني، لا تترك أي شك بصدد اهدافها المعلنة: "يتوجب بذل الجهود لتجسيد حق اللاجئين في العودة او التعويض... كما أن فتح ترى ضرورة في الحفاظ على وجود مخيمات اللاجئين الى أن تحل مشكلتهم حتى تكون دلالة سياسية اساسية على اللاجئين الذين حرموا من العودة الى بيوتهم. من الضروري التمسك بالاونروا كعنوان دولي وضمان الاعتراف بمشكلة اللاجئين الى ان يعودوا الى منازلهم ومدنهم.

هذه الامور معاكسة تتماما للادعاء بوجود قبول او بداية قبول لدى الفلسطينيين مع حل حقيقي للدولتين لشعبين، الذي يعني ايضا قانوني عودة (كما تمت صياغة الامور في اتفاق نسيبية – ايالون). من الممكن الادعاء بوجود سبب ما لعدم تصديق مؤتمر فتح عندما يقرر ما قرره في هذا الصدد – ولكن ليس هناك سبب بالتأكيد لتجاهل الامور وقيادة الجمهور الاسرائيلي نحو الضلال بصدد المواقف المعلنة من قبل المعسكر الفلسطيني المعتدل.

إذن فالصورة تبدو على هذا النحو: الاعتدال في السلوك الفلسطيني على الارض الذي توجد له ربما مترتبات استراتيجية وما زال بحاجة الى وقود سياسي من أجل الاستدامة – ومن الناحية الاخرى موقف معلن يرفض فعليا مبدأ تقسيم البلاد بين الشعبين. ما الذي يتوجب فعله في وضع كهذا؟ هذه مسألة يمكن خوض الجدل حولها. ولكن هناك أمر واحد واضح: يتوجب النظر الى الواقع مباشرة بعينين يقظتين.