خبر يالله مقاطعة.. معاريف

الساعة 08:17 ص|25 أغسطس 2009

بقلم: عوفر شيلح

وقع ثمانية الاف شخص، بحسب ما نشر أمس، عريضة لمقاطعة الفرع الاسرائيلي من "اكيا"، التي هي شبكة الاثاث الشعبية من السويد. وذلك بطبيعة الامر اظهار لغضب عام بسبب قضية المقالة الهاذية في الصحيفة الصفراء السويدية التي زعمت أن جنود الجيش الاسرائيلي قتلوا فلسطينيين للاتجار باعضائهم. ما زال غير واضح هل ستعظم العريضة حتى تصبح مقاطعة تامة من المستهلكين، لكن يوجد احتمال لذلك بيقين.

هذه هي محاولة المقاطعة الثانية في السنة الاخيرة. سبقتها المقاطعة الواسعة جدا للرحلات الى تركيا، التي بدأت بعد تصريحات رئيس الحكومة التركي رجب الطيب اردوغان المضادة لاسرائيل، واستمرت في واقع الامر حتى الاشهر الاخيرة. في الحقيقة ان هذه المقاطعة ذابت مع مقدم الصيف، عندما فتر الغضب وتبين بمقابلة ذلك انه لا يوجد بديل حقيقي من "يشمل كل شيء" من انتاج "انطاليا". لكنها كانت بيقين من أوسع وأنجح ما عرفنا.

ليست محاولات مقاطعة المستهلكين شيئا جديدا عندنا. فهذا استيراد، مناسب في هذه الحالة، لتراث بدأ في الولايات المتحدة خاصة. مع فرق واحد مهم: هو أن المقاطعات الاولى في امريكا كانت لشركات أجرمت في رأي المقاطعين في اهداف اجتماعية او بيئية. افضت مقاطعة المستهلكين الى أنكم تجدون  اليوم على كل علبة تونا تشترونها في ولايات ما في الولايات المتحدة، كتابة تعلن انها "ودود مع الدلافين" – اي أن الصيادين غيروا طرقهم بحيث لا تقتل دلافين في اثناء صيد سمك التون. جعلت المقاطعات او التهديدات بالمقاطعة شركات الملابس والاحذية الكبيرة في العالم تغير شروط العمل في ورشات الارهاق في الدول النامية.

وماذا عندنا؟ يصعب ان نتذكر مقاطعة مستهلكين مهمة واحدة في موضوع استهلاكي او اخلاقي. بل ان محاولات المقاطعة في موضوعات ذات اهمية اقتصادية خالصة، كبيرة عدديا ومفهومة لكل انسان – مثل مقاطعة شركات التلفاز المتعددة القنوات لانسياب مضمون الى القنوات بالدفع – لم تحدث. لا يؤمن الاسرائيلي بقدرته على التغيير، أو انه يكسل عن ان يفعل شيئا بحرارة، او أنه لا يهمه ان يستغلوه ما ظل ذلك يحدث للجميع ولا يبدو هو مغفلا.

لكن الويل لمن يمس ما أصبح القيمة الاسرائيلية الاولى، وهو الاحساس بكوننا ضحية. يمكن الاحتيال علينا كمستهلكين، او استغلال الناس او الاضرار بالطبيعة. لكن اذا مسستم بتباكينا القومي، والاحساس الحميم بان الجميع يكرهوننا لانهم جميعا أشرار، فاننا نخرج من جلودنا ونسافر الى ايطاليا بدل انطاليا، وندفع مائة شيكلا اخرى لمحاربة ذلك.

انها قصة قومية تثير الاهتمام، وهي كيف أصبحت الدولة الفخور التي كانت مرة، والتي اعتقدت انها نور للاغيار، جمهورا يشغل نفسه طول اليوم بمقدار كراهية الاخرين لنا. أسهمت القيادة في ذلك اسهاما غير قليل: فقد كان شعار العالم كله ضد لنا دائما شعارا شعبيا لكنه أصبح في السنين الاخيرة شعارا حقيقيا. اتصلت كراهية الاخر الداخلية – وهي أقوى عامل في السياسة الاسرائيلية في العقود الاخيرة – بهذه الاحساس لخلق حقد راسخ وتلقائي على العالم.

وذلك ينبع بقدر لا يقل عن هذا من شيء يصعب على فرسان الشعور القومي الاعتراف به: وهو أنه ليس من اللذيذ حقا أن تكون اسرائيليا. فانه ينسب الينا في العالم سلوك فظ، وتعجل وعدم وجود ضوابط، واننا ذوو سياسة قومية يصعب على الناس من يوم الى آخر مناصرتها. أسهل من ذلك ان نرد على ذلك باحساس انهم يكرهوننا لانهم يكرهوننا لا لاننا نستحق ذلك. وهكذا يصبح اسهل ان نواجه حقيقة انهم في دوائر اكاديمية او في فندق لا يردون ردا جميلا على حقيقة انك اسرائيلي. ولهذا لن يقاطع اليساريون في اسرائيل منتوجات المستوطنات ولن يقاطع اليمينيون في الحقيقة مطربا يحتج على عملية "الرصاص المصهور". لكن اذا اجترأ احد من الاغيار على أن يقول فينا شيئا ما داحضا مهما يكن بلا اهمية، فسنبين له من الفور بالطريقة الوحيدة التي يفهمها الاغيار معنى ذلك، طريقة الجيب.