خبر بوغي ليس مذنبا.. هآرتس

الساعة 12:57 م|24 أغسطس 2009

بقلم: عكيفا الدار

على معسكر السلام الاسرائيلي ان يطالب بارسال باقة ورد كبيرة لبوغي يعلون بدلا من مطالبته بالاعتذار. قيمة ظهوره المغطى اعلاميا في اجتماع الفايغلينيين لا تقدر بثمن. الامور التي تفوه بها هي دلالة وشهادة من مصدر مخول جدا على الدور الحاسم الذي اسهم به المستوى العسكري الاعلى في فشل عملية السلام. يعلون تفاخر انه قال عدة مرات عندما كان رئيسا لهيئة الاركان العامة في الجيش الاسرائيلي في اطر مغلقة انه "في كل مرة يجلب فيها السياسيون الى هنا حمامة سلام يتوجب علينا نحن في الجيش ان ننظف من ورائها".

يعلون اعترف انه عندما كان الجندي رقم 1 في الجيش الاسرائيلي لم يتسبب فقط في تشويه صورة الشخصيات المنتخبة شعبيا في نظر العسكريين بل انه يقول انه "نظف" قاذورات السلام. يعلون يؤكد بذلك ما قاله شلومو بن عامي عندما اسهمت قيادة الجيش الاسرائيلي في صب الزيت على النار في المناطق. بن عامي قال في كتابه "جبهة من دون عمق داخلي"  - وهو الذي كان في مطلع الانتفاضة وزيرا للخارجية وعضوا في المجلس الامني المصغر – بأن الوزير امنون لفيكن شاحاك الذي كان ينسق مساعي الوصول الى التهدئة قد وجد نفسه عاجزا امام سياسة المستوى العسكري الاعلى.

"البضائع التي قيل ان من الواجب ان تصل الى السكان علقت عند الحواجز... الجرافات اقتلعت الدفيئات والمشاتل وغيرها من المزارع بذارئع أمنية وبطريقة رفعت من مستوى غضب الفلسطينيين الى مستويات غير مسبوقة. سياسة العقوبات الجماعية والتشدد الاقتصادي التي لم تخدم مساعي المستوى السياسي للتهدئة، كانت جدول الاعمال المتبع من قبل المستوى العسكري مع ادارة الظهر وتجاهل التعليمات ونوايا المستوى السياسي".

بعد حين منح يعلون هذه السياسة لقب "كي الوعي". هو ادعى ان الطريقة الوحيدة لمعالجة الفلسطينيين تكمن في تعليمهم بان العنف ليس مجديا. ادخاله بصورة جيدة الى رؤوسهم لا يستثني وسائل مثل تجويع الاطفال واغتيال القيادات السياسية المعتدلة ورفع الحواجز والاغلاقات والاهانات. الان يتضح ان ايديولوجية يمينية صرفة قد اختبأت من وراء استراتيجية عمال النظافة التي القت باتفاق اوسلو الى سلة مهملات التاريخ.

        "من وجهة نظري" صرح يعلون في اجتماع سرنامي لليكود، "يجب ان يعيش اليهود في كل ارض اسرائيل الى الابد". معنى ذلك ان على الفلسطينيين ان يدخلوا الى رؤوسهم عنوة حقيقة انهم لن يفروا من لعنة المستوطنين حتى بعد ان يرفعوا راياتهم البيضاء. عندما يصل ضباط من هذا النوع الى قيادة الجيش، لا غرابة ان معسكر السلام الفلسطيني يخوض كفاحا على حياته في مواجهة حماس. وعندما يعتبر نشطاء السلام في نظر رئيس هيئة الاركان جرثومة فلن يقف احد في طريق زعران الجبال في المناطق الخاضعة لنفوذ الجيش الاسرائيلي (على الاقل ثلث البؤر الاستيطانية اقيمت في الفترة التي كان فيها يعلون قائدا للمنطقة الوسطى حيث اعتبر "السيادة في المناطق").

ولكن بوغي وامثاله ليسوا المذنبين الرئيسيين: طوال ستة عشر عاما منذ اتفاق اوسلو لم يظهر في اسرائيل قائد سياسي مستعد للمخاطرة بخوض مجابهة مع اشد المتطرفين غلواء وحتى مع المقيمين في البؤر الاستيطانية غير القانونية. حتى اسحاق رابين لم يمتلك الشجاعة لاخلاء مستوطني الخليل اثر مذبحة مغارة المكفيلا.

المستوى السياسي لا يكتفي فقط بالخوف من طرح الخريطة الدائمة للدولة وانما يدحرج نحو بوابة المحكمة العليا مسؤولية الحسم في قضية المسار النهائي للجدار الفاصل ويترك عددا لا يحصى من الثغرات على امتداد خط التماس. ضباط الجيش الكبار وفي يومنا هذا ايضا لا يعرفون ان كان رئيس الوزراء ملتزما بتجميد الاستيطان ام ان السياسيين يغمزون مرة اخرى بعين  واحدة للامريكيين وبالعين الاخرى لمجلس "يشع".

لرئيس هيئة الاركان مثل كل مواطن اخر آراء سياسية. الفريق احتياط رفائيل ايتان شبه العرب بالصراصير المخدرة والفريق احتياط ايهود باراك وافق على التنازل عن جزء من القدس. المشكلة تبدأ عندما يدخل الضباط الى الفراغ الذي تركه المستوى السياسي في المناطق. هذه المنطقة المهملة المستباحة تتمخض عن الظاهرة الخطيرة التي يسمح فيها المستوى السياسي للمستوى العسكري بفرض السياسة واملاءها. وبكلمات يعلون: الجيش ينظف من وراء السياسيين. من المثير ان نعرف كيف يقال ذلك باللغة التركية.