خبر الذهب الصيني يصل الى غزة وتوقعات برواجه في ظل الحصار

الساعة 01:41 ص|22 أغسطس 2009

الذهب الصيني يصل الى غزة وتوقعات برواجه في ظل الحصار وتردي الاوضاع الاقتصادية

فلسطين اليوم- القدس العربي

 عندما قرر الشاب مؤنس الخطيب (25 عاماً) من محافظة الوسطى في قطاع غزة أن 'يكمل نصف دينه' على حد تعبيره كان يعلم علم اليقين أن الطريق لن تكون ممهدة وأن صعوباتٍ كثيرة سوف تواجهه قبل أن تستقر أموره كليةً.

وجل تلك الصعوبات من وجهة نظره هي صعوبات مادية في المقام الاول فالشعب الفلسطيني في غزة ما يزال يتمسك بعادات وتقاليد صارمة فيما يخص الزواج بحيث يتكبد عبئها المالي كاملاً العريس وذووه وليست العروس وذووها كما في بعض الاعراف غير العربية. وقال الخطيب لـ 'القدس العربي' انه وجد ضالته بعد أسابيع قليلة من اعلان خطبته اذ علم من بعض أصدقائه ان العقبة المتمثلة في 'الشبكة' (مجموعة من الحلي الذهبية) المتوجب أن يقدمها لعروسه يمكن تجاوزها من خلال شراء الذهب الصيني المتوفر حالياً في الاسواق المصرية بأسعارٍ زهيدة.

وأضاف: توجهت الى مصر خصيصاً لهذا الغرض واشتريت 'كل المطلوب' بسعر معقول من أحد محال بيع الذهب في حي امبابة، مشيراً الى سعادته البالغة وقتذاك كأنما 'أزيح حجر كبير عن صدري' على حد قوله.

وعن تقبل الاهل والمعارف للامر خاصةً في ظل القيمة النفسية والمادية التي تتضمنها شبكة العروس في غزة، قال الخطيب انه ما يزال يحتفظ بالامر سراً ولم يبح به سوى لخطيبته التي تتفهم ظروفه ودوافعه وتتقبل الامر على نحوٍ عادي، بل وتباهي بالشبكة التي تملكها حالياً وتفاخر بجمال صوغها وروعة تصميمها، مشدداً على أن التطابق الشكلي بين الذهب الصيني والذهب العادي يجعل الامر قابلاً للتصديق وغير مثير للشكوك.

وظهر الذهب الصيني أول ما ظهر خلال العامين الاخيرين في الاحياء الشعبية في مصر حيث يقبل أبناء الطبقة المتوسطة على شرائه بأسعارٍ تصل الى نحو 20 جنيهاً فقط للجرام الواحد وهي أسعار زهيدة ومنافسة بقوة مقارنةً مع أسعار الذهب العادي التي تصل الى 110 جنيهات للذهب من عيار 18 ونحو 150 جنيها لجرام الذهب عيار 21.

وترجع أسباب الفروق في أسعار الذهب الصيني عن العادي الى كون 'الصيني' يحتوي على نسبة أعلى من الشوائب مقابل نسب أقل من الذهب حتى تصل درجة تقييم عياره الى 12 أو 14 فقط لا غير، وهو ما يجعل قيمته المادية ضئيلة اذا ما قرر صاحبه بيعه هذا ان وجد من يشتريه أصلاً.

ويعتقد أن ارتفاع أسعار الذهب وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن المصري تحديداً دفع الصينيين الى ابتداع الذهب الصيني خصيصاً للمصريين وطرحه في الاسواق حيث يباع في محال الذهب جنباً الى جنب مع الذهب العادي رغم اختلاف الاسعار الكبير بينهما. والى جانب ميزة السعر المنخفض يحسب للذهب الصيني أيضاً جمال التصميم الذي يتفوق على نظيره في المصاغ الذهبية العادية من عيار 18 أو 21 ، الامر الذي يجتذب اليه حتى الزبائن غير المضطرين اليه والقادرين على اقتناء الذهب العادي. كما يتمتع الذهب الصيني بالصلابة والقدرة على الاحتفاظ باللون الذهبي البراق رغم تغير عوامل البيئة والجو، ما يسهم في تقليص فرص تمييزه عن الذهب العادي.

ورغم كل المزايا التي يتمتع بها الذهب الصيني يشكك بعض خبراء الذهب في موطنه وظروف نشأته ويرجحون أن يكون وسيلة مشروعة للغش التجاري يمارسها بعض التجار العارفين بسوء الظرف الاقتصادي لبعض الزبائن، ويطالب أصحاب هذا الرأي بسحب الذهب الصيني من الأسواق ومحاسبة المتورطين في تصنيعه وترويجه، مرجحين أن تكون الصين بريئة كل البراء من ذلك.

وبالنظر الى حقيقة أن الذهب يشكل عادةً مخزونا ماديا استيراتيجيا ووسيلة لمواجهة نوائب الزمن بالنسبة للعائلات العربية عامةً والفلسطينية خاصةً فانه يصعب تصور أن يجد الذهب الصيني طريقه للانتشار السريع رغم أن عوامل أخرى تساعد على ذلك ومنها الحصار وتردي الظروف الاقتصادية. الا أن الخطيب يؤكد أن نفراً من أصدقائه وعددا غير قليل من معارفه ماضون في قرار اللجوء للذهب الصيني لاتمام زواجهم بأقل عناء ممكن في الوقت الراهن، معتبراً أن لا غضاضة في ذلك طالما أن المبررات موجودة والنوايا لتصحيح الوضع قائمة، لافتاً في هذا الصدد الى أنه سيقوم باستبدال شبكة الذهب الصيني بشبكة من ذهب عادي بمجرد أن تتوافر له الفرصة لذلك.

وعن موقفه الاخلاقي الذي يمكن أن يصفه البعض بالغش والخداع، خاصةً وأنه لم يكترث لشرح ما فعل لكل الاطراف المعنية، قال الخطيب بحزم من لا يستشعر الندم: 'أنا لا أكذب ولكني أتجمل'، مستحضراً بذلك عنوان فيلم مصري شهير كان بطله فقيراً لا يدخر وسعاً في انكار فقره وتضليل معارفه حول حقيقة وضعه الاجتماعي.