خبر المسجد الأقصى.. حريق متواصل وتهويد متصاعد واقتحامات متزايدة ونذر مقلقة

الساعة 12:10 م|20 أغسطس 2009

 

المسجد الأقصى.. حريق متواصل وتهويد متصاعد واقتحامات متزايدة ونذر مقلقة

فلسطين اليوم- غزة

عندما اندفعت القوات الإسرائيلية صوب الشطر الشرقي من القدس، في السابع من حزيران (يونيو) 1967؛ كان المسجد الأقصى المبارك في صلب اهتماماتها، ليقوم جنود الاحتلال تلك بتدنيس ساحاته في أول لحظات الاحتلال.

ومنذ ذلك اليوم والمسجد الأقصى يواجه سلسلة لا تنقطع من الانتهاكات الإسرائيلية، بينما كان إحراق المسجد في الحادي والعشرين من آب (أغسطس) 1969، حلقة ذات وقع خاص في تلك السلسلة، حيث أتت النيران على أجزاء كبيرة من المسجد الأقصى، من ضمنها منبر صلاح الدين الأيوبي.

ومع مرور أربعين سنة على الواقعة لا زال حريق المسجد الأقصى مشتعلاً، وإن تعددت أشكاله ومسمّياته، كما يؤكد المواكبون للهجمة الإسرائيلية الصامتة عليه.

وقد شهدت السنون والأشهر الأخيرة بالذات، تصاعداً ملحوظاً ومخاطر غير مسبوقة أوقعتها سلطات الاحتلال الإسرائيلية على المسجد الأقصى المبارك، بات معها من غير المستبعد وجود خطط لتنفيذ اعتداءات كبيرة على المقدسات بالقدس، خاصة في ظل حكومة إسرائيلية أشد تطرّفاً من سابقاتها.

وتشرح "مؤسسة الأقصى للوقف والتراث"، في تقرير صادر عنها، أهم المستجدات والمخاطر والاعتداءات التي تستهدف المسجد الأقصى بشكل شبه يومي، والتي تهدد مستقبل المسجد المبارك وتستدعي ضرورة التحرك الفوري لإنقاذه.

ووسط تنامي الأطماع ببناء هيكل أسطوري يسميه المتطرفون الإسرائيليون "الهيكل الثالث"، على حساب المسجد الأقصى المبارك، برزت تطوّرات لافتة للانتباه في الآونة الأخيرة.

إذ تقوم جماعات يهودية دينية، بمئات العناصر أسبوعياً وبالآلاف سنوياً، باقتحام المسجد الأقصى وأداء شعائر دينية وطقوس تلمودية داخل المسجد. ويجري في هذا السياق تنظيم مسيرات دينية في "مسار ديني"، وأداء بعض شعائر ما يسمى "مراسيم الهيكل" المزعوم، داخل المسجد الأقصى المبارك، وذلك بحراسة قوات الاحتلال، مع منع أي إنسان من الاقتراب أو التدخل ولو كان من حرّاس المسجد الأقصى وسدنته.

وفي تطوّر تصعيدي آخر جرى نصب ما يسمى "شمعدان الهيكل الذهبي"، ومجسم كبير للهيكل الثالث المزعوم قبالة المسجد الأقصى المبارك، وذلك من الجهة الغربية للمسجد قرب ساحة وحائط البراق، على بعد عشرات الأمتار من المسجد الأقصى استعداداً لإدخاله إلى داخل المسجد في أقرب وقت، حسب حساباتهم وأجندتهم.

كما قامت منظمات وجماعات يهودية دينية بتحضير مستلزمات بناء الهيكل المزعوم وكل أدواته لنقلها إلى المسجد الأقصى، لبناء الهيكل فور الانتهاء من التحضيرات بحسب تقديرات زمنية عندها، وهو ما ترافق مع حملات لجمع التبرعات لإنهاء التحضيرات سريعاً.

ورصد التقرير زيادة في منسوب الفتاوى الدينية اليهودية، والآراء والتعاليم الدينية اليهودية، مما يسمى بالمرجعيات الدينية وقيادات الجماعات اليهودية الدينية، الداعية إلى اقتحام المسجد الأقصى وأداء الشعائر الدينية اليهودية والطقوس التلمودية داخله، مما صعّد من اقتحامات الجماعات اليهودية للمسجد، خاصة من فئات الأطفال والشباب والنساء. ويجري في هذا السياق تخصيص الجوائز والمحفزات للمشاركة بهذه الطقوس، بهدف تهيئة أرضية مناسبة لهم لتعميق ضرورة تسريع بناء الهيكل المزعوم.

وقد ازداد في غضون ذلك، وبشكل ملحوظ، عدد المنظمات والجمعيات اليهودية العاملة والناشطة في مجال بناء الهيكل المزعوم، وهي منظمات تطالب بتسريع بناء الهيكل على حساب المسجد الأقصى المبارك.

وفي ما تتسارع حمى النشاطات التهويدية؛ فإنّ الدعم السياسي الإسرائيلي الرسمي والحزبي والشعبي الصريح والواضح أكثر من ذي قبل، هو نصيب كل نشاط أو إجراء يصبّ في تنفيذ مخطط بناء الهيكل المزعوم. وكمثال على ذلك تبرز مشاركة الأحزاب السياسية اليهودية في اقتحامات المسجد الأقصى وأداء الشعائر الدينية والتلمودية داخله، وتنظيم الأيام الدراسية والبحثية لهذا الغرض في البرلمان الإسرائيلي.

ويجري أيضاً التحضير لبناء مرافق الهيكل المزعوم، كالتحضير لبناء ما يسمى "حديقة الملك داود" في بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى، وذلك بعد الانتهاء من بناء مركز زوار تحت اسم "مدينة داود".

وثمة تحفّز إسرائيلي متزايد للتسريع ببناء الهيكل المزعوم كأحد الأهداف الإستراتيجية العملية للحركة الصهيونية والدولة العبرية اليهودية، وهو ما تكشف عنه استطلاعات الرأي الأخيرة في أوساط الإسرائيليين، علاوة على التكثيف الإعلامي والتعبوي والتثقيفي إسرائيلياً وعالمياً باتجاه هذه الخطوة.

وعلاوة على ذلك؛ يتكثف دخول المجموعات المسيحية الصهيونية إلى المسجد الأقصى، وتنظيم شروحات تدعو إلى بناء الهيكل المزعوم كجزء من عقيدة الخلاص المسيحي عند هذه الفرق الإنجيلية، التي يؤمن أتباعها بضرورة بناء الهيكل المزعوم كمقدمة لنزول المسيح عليه السلام.

كما شرعت سلطات الاحتلال في إعداد الخطط والبرامج، والتنفيذ المتدرج لمخطط تقسيم المسجد الأقصى المبارك بين المسلمين واليهود، كما حصل في المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل.

وتسعى سلطات الاحتلال كذلك إلى تحويل مساحات واسعة من المسجد الأقصى إلى ساحات عامة ومتنزه عام، وأماكن عامة تابعة لبلدية الاحتلال في القدس، وفرض الأمر الواقع للتعامل مع ساحات المسجد الأقصى بهذا الاعتبار.

وطبقاً لتقرير "مؤسسة الأقصى للوقف والتراث"؛ فقد باتت السلطات الإسرائيلية في السنوات والأشهر الأخيرة تسعى إلى فرض السيطرة الكاملة على المسجد الأقصى، وتكريس المظاهر الإحتلالية في المسجد، بشكل لافت للانتباه، بما يشير إلى فرض خطوات ومخططات تشكل خطراً مباشراً على المسجد الأقصى المبارك.

وعلاوة على ذلك؛ فقد قامت سلطات الاحتلال وما زالت بأعمال حفريات وتنقيب وحفر أنفاق منذ بدء احتلال القدس وحتى اليوم، وذلك تحت المسجد الأقصى المبارك وفي محيطه القريب، حتى تشكلت الآن شبكة من الأنفاق تحت المسجد وفي محيطه. وبينما بعض هذه الحفريات والأنفاق معروفة، فإنّ الكثير منها لا يُعرَف مسارها وحجمها الحقيقي، إلاّ أنّ القرائن تشير إلى أنّ هذه الأنفاق والحفريات وصلت إلى منطقة الكأس في المسجد الأقصى المبارك ما بين الجامع القبلي المسقوف وقبة الصخرة المشرفة. وفي الآونة الأخير تكثفت أعمال الحفريات والأنفاق تحت المسجد الأقصى وفي المحيط القريب منه.

وحذر التقرير من أنّ سلطات الاحتلال تسعى إلى تهويد المحيط القريب من المسجد الأقصى المبارك وجعله نقاط انطلاق لاعتداء مباشر على المسجد.