خبر مصطفى الصواف* يكتب..يا مصر.. الحوار بحاجة إلى معالجة مختلفة

الساعة 05:38 ص|20 أغسطس 2009

فلسطين اليوم-غزة

للمرة الثانية يحاول الوفد الأمني المصري المكلف برعاية الحوار الفلسطيني الفلسطيني لإنقاذ فرص التوصل إلى اتفاق ينهي حالة الانقسام في الساحة السياسية الفلسطينية، ويجري جولة مكوكية بين رام الله ودمشق، ولكن يبدو أن شيئاً من الإحباط أصاب الوفد المصري الذي أُبلغ من قبل حركة فتح في رام الله بنيتها تأجيل الحوار إلى ما بعد عقد المجلس الوطني حتى تفرض وقائع على الأرض، علما أن هذا الاجتماع مخالف لما تم الاتفاق عليه في القاهرة.

 

ورغم قناعتي أن هذا المجلس لو عقد في كل يوم اجتماعاً، فلن يقدم أو يؤخر، ولن يزيد الوضع في الساحة الفلسطينية إلا انقساما، وانعقاده وعدمه مسألة لا قيمة لها، وهذه الدعوة ما هي إلا محاولة من قبل محمود عباس رئيس حركة فتح لتجييش كل المؤسسات الفلسطينية التابعة للمنظمة ومؤسسات حركة فتح لدعم مواقفه وتوجهاته ضاربا عرض الحائط المصلحة الفلسطينية العليا على حساب تحقيق مصالحة شخصية وحزبية خاصة.

 

الوفد الأمني المصري في أساس الأمر لم يحمل جديداً ولم يكن يملك أجندة لهذه الجولة تختلف عن الأجندة التي كانت تطرح في كل جولة حوار، رغم أن هناك الكثير من الملاحظات تقدم من أطراف الحوار، حتى في هذه الجولة كان التركيز, وفقا لرغبة محمود عباس, منصبا على إقناع حركة حماس للموافقة على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في 25-1-2010 ، دون أن تكون هناك تسوية كاملة لكافة القضايا العالقة، والتي بدون أن تحل لن يكون هناك توافق في هذه الجولة المزمع عقدها في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، رغم أن حركة حماس أبرقت برسالة إلى راعي الحوار الوزير المصري عمر سليمان بضرورة التوصل إلى تفاهمات في القضايا العالقة قبل الموعد المحدد للجولة السابعة، ونبهت حماس انه بدون ذلك تكون هذه الجولة مضيعة للوقت، وأنا في هذا المقام أدعو حركة حماس إلي أن تبقى على موقفها وإن أصرت مصر على عقد الجولة دون تقدم في الملفات العالقة، فلتشارك الحركة في هذا اللقاء ولكن بوفد مقلص للغاية؛ لأن هذه الجولة لن تكون ذات جدوى أو فائدة يمكن التعويل عليها.

 

حتى اليوم ورغم القدرات السياسية العالية لدى الحكومة المصرية والدبلوماسية التي يشهد لها الجميع، إلا أن مصر في الحوار الفلسطيني الفلسطيني لم تكن على قدر عال من الحنكة، وكأنها تتعلم ألف باء السياسة، ومصر ليست كذلك بل هي شكلت في مراحل عديدة من تاريخها ولازالت مدرسة في السياسة والتفاوض، ولكن في الموضوع الفلسطيني, حقيقة, لم تتمكن مصر من النجاح حتى الآن، وفي رأيي أن السبب يكمن في السياسة المتبعة تجاه طرفي الحوار فتح وحماس، لأن مصر ،مع الأسف أقولها وبكل مرارة، لم تكن متوازنة في العلاقة بين الجانبين وهي تتعامل مع حماس فقط من النواحي الأمنية و تتعامل أيضا مع حماس من منطلق العلاقة الإخوانية التي تجمع "حماس" مع حركة الإخوان المسلمين العالمية، إضافة إلى التوافق السياسي بين النظام المصري وحركة فتح المتعلق بالاعتراف (بإسرائيل) وضرورة حل القضية الفلسطينية وفقا للرؤية الأمريكية الأوروبية والاعتراف بسياسة الأمر الواقع ولو على حساب الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، إلى جانب الاختلاف في البرنامج السياسي الذي تؤمن به حماس عن البرنامج السياسي لمصر في التعامل مع الموضوع الفلسطيني.

 

وأنا هنا أريد أن أقدم نصيحة متواضعة, وأنا لازلت أتعلم ألف باء السياسة, لمصر الحضارة والتاريخ؛  إذا أرادت مصر أن تنجح في عقد اتفاق مصالحة فلسطينية فلسطينية ينهي الانقسام ويعيد اللحمة، عليها أولا أن تتخلى عن الانحياز لطرف على حساب طرف آخر، وأن تتمتع بالحيادية التامة؛  لأن هذا هو حجر الأساس للانطلاق نحو نجاح الحوار، ليس عيبا أن نراجع سياساتنا وطريقتنا في التعامل مع الأطراف، ولكن العيب أن نصر على نفس السياسة الفاشلة والتي لن تؤدي إلا إلى مزيد من الفشل.

 

هذا القول إذا كانت بالفعل مصر تريد التوصل إلى إنجاح الحوار، وأنا أعتقد أن هناك نوايا سليمة لدى مصر، ولكن الطريقة المتبعة فيها اعوجاج بحاجة إلى تقويم، وعندها ستكتشف مصر أن الحوار بحاجة إلى طرح جديد وتناول بشكل مختلف يضع الجهة المعطلة للحوار، والتي تطالب اليوم بالتأجيل لتحقيق مصالح خاصة، والتي لا تريد التوصل إلى تفكيك لكل الملفات حتى يبقى الحال على ما هو عليه, عند مسئولياتها، وعندها يمكن لمصر أن تلعب دورا أكثر صرامة وأكثر وضوحا، ولا أشك بعد ذلك أنه ستصل بأسرع وقت ممكن إلى اتفاق توافق عليه كل الأطراف، وبدعم عربي حقيقي، وعندها لن تكون أمام الحالة الفلسطينية لوحدها.

*رئيس تحرير صحيفة فلسطين