خبر خصخصة أم انتحار؟- يديعوت

الساعة 09:33 ص|19 أغسطس 2009

بيع تصفية

بقلم: ايتان هابر

مدير مكتب رابين سابقا

غداة يوم الاستقلال في العام 1967 زار اللواء رحبعام زئيفي "غاندي" أسرة تحرير "يديعوت احرونوت" وكانت لا تزال أصوات الاحتفالات والمسيرات ليوم أمس تصدح في اذاننا، حين خرجت الصحيفة في ذاك الصباح بعنوان رئيس: "تفجير عمود هاتف في قطاع لخيش". وفي الاسفل، بشكل أقل بروزا، جاء العنوان المتواضع: "قوات مصرية تتدفق الى سيناء".

"اخطأتم"، قال زئيفي للمحرر، "عمود الهاتف قد يكون عاجلا بالنسبة لكم، ولكن في النظرة التاريخية العنوان عن المصريين أكثر أهمية: فهو قد يؤدي الى حرب". وكان محقا: في ذات اليوم بدأت عمليا حرب الايام الستة التي غيرت وجه الشرق الاوسط. وماذا عن عمود الهاتف في قطاع لخيش؟

ماذا تعني هذه الامور؟ القتل الفظيع لاريك كارب على شاطىء تل باروخ، الجثث المبترة، المغتصب في حيفا – كل هذا مهم جدا ويدل على سياقات متعفنة وفاسدة في المجتمع الاسرائيلي، ولكن، لشدة الاسف والالم، بعد اسبوع – اسبوعين، اذا لم يحصل شيء خاص، ستنسى هذه من التاريخ ، وهي ستدخل الى تاريخ الفزع اللحظي، العناوين الرئيسة الكبيرة، الصور البارزة. من يتذكر ماذا كان العنوان الرئيس قبل اسبوعين؟

 وبالمقابل، هناك أنباء لا تحدث ضجيجا كبيرا وان كانت تدل على سياقات كفيلة بان تغير مصائر الشعوب والافراد. عندما تفقع أحرف الدم العيون، لا ينتبه اليها أحد. وكهذا كان النبأ الذي نشر هذا الاسبوع لاول مرة في "صوت اسرائيل" وتقول ان محافل من العربية السعودية تشتري الاراضي من يهود في الجليل.

من يهمه هذا؟ أيذكر أحد ما هذا العنوان، الذي لم يمر عليه اسبوع؟

يدور الحديث عن سيناريو رعب من شأنه مع السنين أن يستنزف كل جزء طيب في اسرائيل. محاولة تصفية الحركة الصهيونية. يهود يبيعون اراض للسعوديين في الجليل؟ اين بنيامين زئيف هرتسل عندما نحتاجه؟ ماذا عن البعوض وتجفيف المستنقعات؟ ماذا عن تل حي  وحنيتا ومفؤوت بيتار؟ اين الاغاني عن المعول والمطرقة، و جئنا الى البلاد لنبنيها ونبنى فيها"؟

ذات مرة، في بداية السبعينيات، سافرت رئيس الوزراء في حينه غولدا مائير الى فنلندا لتحل ضيفة على مؤتمر الاشتراكية الدولية، التي كانت في حينه في ذروة مجدها. مدير مكتبها، سمحا دينتس، نظم لبعضة صحافيين لقاءات مع غولدا المدخنة والمنهكة، بين المداولات. قبل ذلك القت هناك رئيسة الوزراء خطابا صهيونيا ويهوديا حازما.

وانتقل الحديث الى المواضيع الاساس في خطابها، وضمن امور اخرى طرح السؤال: اذا اقترح السعوديون على كل عائلة في اسرائيل مليون دولار (الكثير من المال في حينه، وهناك من يقولون اليوم ايضا) وتأشيرة هجرة الى الولايات المتحدة، فهل سيكون هناك من سيستجيب لهم؟

غولدا صدمت من جواب واحد او اثنين من الصحافيين اللذين قالا: "اوه، الاسرائيليون سيقفون في الدور".

قالوا عن غولدا امورا كثيرة، تنديدا لها، الا أن محبة الصهيونية، اليهودية الجذرية، محب الشعب، البلاد والدولة، لا يمكن ابدا اخذها منها. لا أصدق، قالت بصوتها الرجولي يلفها دخان السجائر وبلهجتها الامريكية.

هناك في النبأ الذي يفيد بان سعوديين يشترون قطع اراض في شمالي البلاد للدلالة على قدر من الذكاء في النشاط العربي ضدنا، الذي لا يكتفي بالنشاط العسكري، وكذا على الشرخ العميق في الصهيونية، الضرر الكامن خلف خصخصة كل ما يعود الى الدولة. من نواح معينة هناك في هذا النبأ ما يحذرنا من فكرة خصخصة 400 الف دونم من اراضي الدولة، تباع لكل من يكثر في السعر، وفي الحالة التي امامنا للسعوديين من الرياض. هم لن يحاولوا شراء ذرة تراب واحدة في سويسرا. فهناك سيلقون بهم من على كل الدرج. هناك محظور جوهريا بيع الارض للاجانب. اما عندنا فكحقنة اولى، 400 الف دونم للخصخصة. ينبغي ايجاد وسيلة بانه لا يمكن باي حال من الاحوال حتى بمناورات الكذب والتسجيل غير المباشر، ان يحصل ما يحصل على ما يبدو مؤخرا في الجليل.

كتبنا هنا ان النبأ عن ذلك مر دون صدى. كنا منشغلون جميعا، وليس بلا حق، بافعال القتل والجريمة المستشرية – وأتذكر تلك اللحظات الحكيمة لرحبعام زئيفي في مقر "يديعوت احرونوت" غداة يوم الاستقلال 1967.