خبر الجيش هو امر آخر-معاريف

الساعة 08:16 ص|18 أغسطس 2009

بقلم: شولاميت الموغ

(المضمون: ولسؤال متى وكيف يحاكم الجنود والضباط واي نوع من الاخلاقيات ينبغي مطالبة الجيش بها، لا توجد أجوبة بسيطة لا لبس فيها. في واقع حياتنا لن يكون واقعيا توقع مثل هذه الاجوبة -  المصدر).

أجنبي يصل الى بلادنا هذه الايام كفيل بأن يأخذ الانطباع بان جيش دولة اسرائيل يتميز باخلاقيات كاملة وبصفر تسامح ازاء أي خروج عنها. اما الامور على حقيقتها فهي بالطبع اكثر تعقيدا بقليل.

في الحالات الراهنة، يدور الحديث عن امور الصدفة هي التي كشفتها امام ناظر الجمهور. طفلة تصور اطلاق نار على فلسطيني مكبل، حادثة طرق تصطدم فيها سيارة مواطن مع مركبة عسكرية، صحافي يلتقي بالصدفة لواءا يتلهى في نادٍ للعراة. لا يدور الحديث عن منظومات رقابة داخلية متشددة تكشف بشكل منهاجي كل خروج عن الاخلاقيات او القواعد القانونية وترد بناء على ذلك.

والان – مشكوك أن يكون المجتمع الاسرائيلي ناضج او معني بمنظومات رقابة كهذه.

منذ الازل تنافست فكرة طهارة الجيش مع فكرة اخرى، على ما يبدو أقوى منها – اعتبار الجيش جيبا يختلف بشكل جوهري عن واقع الحياة العادية، المدنية. حسب هذا المفهوم الجيب العسكري يعرض الحياة للخطر ويحتاج الى التضحية. والى داخله نبعث بابنائنا، جنود وقادة على اكتافهم ملقى عبء الدفاع عن المجتمع بأسره. في هذه الظروف كل ما يحصل داخل الجيب يتطلب معاملة استثنائية. ومن هنا تنبع ايضا المكانة الخاصة للجنود والضباط.

كي يتمكنوا من الايفاء بافضل شكل بمتطلبات التحدي الذي يواجهونه فان على الجيش أن يطور قيم الاخوة المتبادلة، التفاني والاستعداد للتضحية كقيم عليا تفوق الانماط العادية للسلوك. وهكذا ضمن امور اخرى، اخضاع الوضعيات الناشئة في الجيش الى الانماط القضائية أثار معارضة في أحيان قريبة، لانها اعتبرت نكرانا للجميل تجاه القادة والجنود؛ بل وحتى خطيرة، لانها كفيلة بان تمس باخوة المقاتلين المجيدة وبالدافعية، ونتيجة لذلك – بأمننا ووجودنا. هذا موقف مبدئي وحساس ذو مكانة قوية وعميقة في المجتمع الاسرائيلي، وهو يمثل جانبا هاما في الوعي الجماعي.

على هذه الخلفية، ليس مفاجئا ان تكتفي فكرة الطهارة العسكرية في حفنة من الحالات التي تنكشف بالصدفة والتي حتى الان كانت تكفي لصيانته في مستوى معين. هي جملة القضايا الاخيرة التي اتخذت فيها اجراءات متشددة ضد رجال الجيش الذين فشلوا تدل على تحلل ذي مغزى من فكرة الجيش كجيب ذي امتيازات؟ كمية ردود الفعل الغاضبة في ضوء الحكم في قضية العميد تشيكو تمير، والصراخ في ضوء ما زعم كعدم منح اسناد من رئيس الاركان في قضية العميد عماد فارس تثبت بان المعركة بين مفهوم الجيش كقدوة لطهارة المقاييس وبين اعتباره كجيب يستحق معاملة خاصة بعيدة عن الحسم.

تجربة الماضي تفيد انه يكفي اشتعال امني مفاجىء او حملة عسكرية ناجحة لبحث الحياة في الاحساس الجماعي بالمكانة الخاصة للجيش وحقه في محاكمة اخلاقية وقضائية ليست حسب المقاييس العادية. ولسؤال متى وكيف يحاكم الجنود والضباط واي نوع من الاخلاقيات ينبغي مطالبة الجيش بها، لا توجد أجوبة بسيطة لا لبس فيها. في واقع حياتنا لن يكون واقعيا توقع مثل هذه الاجوبة.