خبر أوري ديفيز: أنا فلسطيني عبري مقدسي ضد الصهيونية

الساعة 03:57 م|17 أغسطس 2009

سليمان بشارات

 

لم تمنعه ملامحه الغربية، وجنسيته الإسرائيلية وديانته اليهودية من أن يرتبط اسمه في يوم من الأيام بكبرى التنظيمات الفلسطينية المقاومة للاحتلال الإسرائيلي، بل يصبح عضوا في المجلس الثوري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" إلى جانب 127 عضوا آخر من أبرز شخصياتها وقادتها.

 

إنه أوري ديفيز الذي رفض وصفه بـ"الإسرائيلي" معرفا نفسه في تصريح خاص لـ"إسلام أون لاين.نت" بأنه "فلسطيني عبري من أصل يهودي من مواليد القدس عام 1943 قبل إقامة الدولة العنصرية وأنا مناهض للصهيونية".

 

وولد ديفيز عام 1943 في مدينة القدس، لأب يهودي بريطاني وأم يهودية من تشيكوسلوفاكيا حضرا للقدس عام 1935 ضمن جماعات يهودية قدمت إلى فلسطين؛ بحثا عن تحقيق حلم "أرض الميعاد".

 

انتخب ديفيز عضوا في المجلس الثوري لفتح من بين ما يزيد عن 600 شخص ترشحوا للفوز بثمانين مقعدا من أصل 128، وذلك في مؤتمر الحركة السادس، الذي اختتم أعماله مطلع هذا الأسبوع في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية.

 

النشأة..

 

تفتحت عينا ديفيز في مدينة القدس المحتلة، ليكون واحدا من بين الآلاف من أبناء الجماعات اليهودية التي توافدت من شتى بقاع العالم للاستيطان في الأراضي الفلسطينية، لكنه سرعان ما بدأ يدرك أن "ما يمارسه الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني لا ينسجم مع معاني الإنسانية".

 

درس المراحل الأساسية في المدارس العبرية، ثم التحق بالجامعة العبرية في مدينة القدس وحصل على شهادة البكالوريوس في تخصص "اللغة والأدب العربي"، ودرجة الماجستير في  "الفلسفة"، ونال الدكتوراه من إحدى الجامعات البريطانية في تخصص "العلوم الاجتماعية".

 

بعد انتهائه من الدراسة الأكاديمية عمل في جامعة القدس ببلدة أبو ديس إحدى ضواحي مدينة القدس المحتلة، وهو ما قال إنه شكل له جوا يتقارب مع رؤيته التي تقوم على التواصل مع الفلسطينيين.

 

وفي السابعة عشرة من عمره، طُلب للخدمة العسكرية الإجبارية في جيش الاحتلال، لكنه رفض لما أسماه "أسباب ضميرية، وإنسانية"، واستبدل بالخدمة العسكرية عامين من الخدمة المدنية كحارس في مستوطنة "إيرز" في الأراضي المحتلة عام 67، وأصر على رفض حمل السلاح حتى خلال عمله كحارس وتمسك بأن يبقى وضعه مدنيا.

 

مناهض للصهيونية

واسترجع ديفيز تفاصيل من حياته لـ"إسلام أون لاين.نت"، موضحا كيف أن كبار المستوطنين في مستوطنة "إيرز" حاولوا إقناعه بأن "كل الفلسطينيين أعداء لليهود، ويجب السيطرة على أراضيهم وطردهم منها".

 

لكنه "وبإدراكه العقلي والوعي الفكري الذي تربى عليه"، كما قال "رفض مصطلح الكل، الذي يعني التعميم، فمن المؤكد أن هناك من الفلسطينيين من ليسوا أشرارا كما تقول الجماعات الصهيونية".

 

وبعربيته المتلعثمة، حاول أديفيز سرد حكايته في مناهضة الصهيونية، قائلا: "بدأت مناهضتي للصهيونية مع بدايات الحياة الفكرية لي، وذلك في ستينيات القرن الماضي، وكان ذلك نابعا من تربية الوالدين لي".

 

وفي هذا السياق روى قصته مع أحد الحاخامات في مستوطنة "إيرز" الذي اصطحبه إلى الأحراش المحيطة بالمستوطنة، وأشار إلى كومة من الحجارة، ليخبره بأنها تعود إلى قرية فلسطينية تم طرد أهلها منها والاستيلاء عليها، فرد عليه أوري بقوله: "هذا ما زرع العداء بينكم وبينهم".

 

وبرر ديفيز رفضه لفكرة "الصهيونية" لأنها "لا تنسجم مع إنسانية الإنسان ومخالفة لميثاق حقوق الإنسان بعنصريتها القائمة على تشريع الاضطهاد وفق القوانين"، مضيفا: "أن خطورة الاحتلال والعنصرية تكمن في محاولة تشريعها كنهج بإطار منظم، كما كان يحدث في جنوب إفريقيا".

 

عضوية بفتح

 

وعن سر التحاقه بحركة فتح وكيفية حدوث ذلك، قال: "لم أقتنع باليسار الإسرائيلي لأن كل الأحزاب الإسرائيلية وبغض النظر عن تسميتها بين يمين ويسار هي أحزاب صهيونية، لذلك تطلعت إلى الأحزاب الفلسطينية فوجدت أن اليسار الفلسطيني بمعظمه يتبنى الماركسية".

 

وأردف: "أنا اشتراكيا ولست ماركسيا لذا لم أختر الانضمام إلى اليسار الفلسطيني، وتوجهت بنظري نحو حركة فتح التي وجدت فيها إطارا ليبراليا يسمح لمجموعة من الأفكار المتقاربة والمتقاطعة بأن تلتقي وتستوعب في إطار واحد، وهي تناضل ضد العنصرية ولتحرير الأرض من الاحتلال وتحرير الإنسان أيضا".

 

وأوضح أن عضو اللجنة المركزية السابق بحركة فتح الشهيد خليل الوزير (أبو جهاد) هو الذي استقطبه للحركة وأقنعه بالانضمام لها وعينه الرئيس الراحل ياسر عرفات عضوا في المجلس الوطني بصفة مراقب عام 1984.

 

وعن ترشيحه للمجلس الثوري لحركة فتح، قال ديفيز إنه عضو في المؤتمر السادس وتم تكريمه خلال المؤتمر وقرر الترشح وفق الديمقراطية التي تمنحها فتح لجميع أعضائها بغض النظر عن الدين والعرق واللون.

 

الزوجة فلسطينية

 

ورفض ديفيز بشدة التدخل في حياته الخاصة، ولم يسمح بأي سؤال للحديث عن خصوصياته، معبرا عن ذلك بالقول: "أحاول أن أفصل بين حياتي الخاصة وعلاقاتي وحياتي العامة"، واكتفى في رده على سؤال حول زواجه من سيدة فلسطينية بقول: "العلاقة والتعارف والحب جعلوني أتزوج.. أنا تزوجت امرأة بالدرجة الأولى، وتحمل الهوية الفلسطينية".

 

وتزوج أوري الذي يعيش حاليا في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة العام الماضي من الفلسطينية ميسر أبوعلي التي تنحدر من قرية المالحة المحتلة عام 1948 والواقعة غرب القدس.

 

وميسر من مواليد عام 1953 وقالت عن ديفيز" لقد تعرفت عليه منذ فترة وذلك لطبيعة عملي، وقد حضر للبيت عندنا وطلب الزواج مني بشكل مباشر وصريح، وبعد أن تشاورت مع إخوتي وعائلتي وحركتي (فتح) وافقت على الزواج منه وقد أعلن إسلامه وشهد على عقد الزواج أبو علي شاهين ورفيق النتشة"، من قيادات فتح البارزة.

 

وميسر هي أخت مؤسس السينما الفلسطينية مصطفى أبو علي، وقد سبق لها الزواج قبل ديفيز مرة واحدة في بداية سبعينيات القرن الماضي ولكنه زواج لم يستمر طويلا، في حين سبق لـ"ديفيز" الزواج ثلاث مرات قبلها إحداها من يهودية والأخريان من مسيحيتين.