خبر اعترافات واتهامات أحمد قريع الخطيرة ..ياسر الزعاترة

الساعة 07:44 ص|16 أغسطس 2009

 

اعترافات واتهامات أحمد قريع الخطيرة

ياسر الزعاترة

كثيرة هي الاتهامات التي وجهت لمؤتمر فتح السادس والقائمين عليه من رموز في الحركة، لاسيما قيادات قطاع غزة، ما يجعل من الصعوبة بمكان استيعابها في هذه السطور، لكن أكثرها أهمية تلك التي أطلقها أحمد قريع (أبو العلاء) عضو اللجنة المركزية السابق، والذي أضاف إليها ما هو أهم ممثلاً في اعترافات خطيرة ذات علاقة بالمسار السياسي الذي اختطه فريق السلطة بقيادة محمود عباس طوال المرحلة الماضية.

 

ما يجعل تصريحات أحمد قريع أكثر أهمية من سواها هو الموقع الذي احتله في القرار السياسي خلال السنوات التي تلت ياسر عرفات، وبالتالي اطلاعه على جملة من الملفات المهمة، تحديداً ملف المفاوضات، لاسيما أن محمود عباس كان ميالاً على الدوام لنظرية المفاوضات السرية، بدليل تجربته كمهندس لاتفاق أوسلو.

 

من الصعب بالطبع تفسير إقصاء قريع وعدد من الرموز الآخرين من اللجنة المركزية بحكاية الديمقراطية والصناديق، فمن زج بالطيب عبد الرحيم بتلك الطريقة الفجة في قائمة الفائزين بعد خسارته، لم يكن ليعجز عن إنجاح أحمد قريع، لاسيما أن القائمة المعدة سلفاً هي التي نجحت، والأرجح أن المناكفات التي وقعت بينه وبين عباس خلال العام الأخير هي السبب، حيث غاب الانسجام بينهما، الأمر الذي لا يمكن بحال تهميش بعده السياسي، حتى لو حضرت الأبعاد الشخصية بهذا القدر أو ذاك، وهي أبعاد قد تستخدم في إسكاته بالترغيب والترهيب.

 

في حديثه لصحيفة القدس العربي اللندنية قال قريع إن "هناك علامة استفهام كبيرة حول الانتخابات وطريقة إجرائها وفرز نتائجها، وأن ترتيبات حدثت خلف الستار وأدت إلى استبعاد بعض الأسماء وفرض أسماء أخرى". وأكد "أن الأسلوب الذي تقرر في لجنة الإشراف على الانتخابات لم يتبع"، والذي نص على أن تكون "أصوات انتخاب أعضاء اللجنة المركزية في صندوق واحد، وإذا بها تجري في عشرة صناديق". كما لفت الأنظار إلى فوز أربعة من قادة الأمن الذين ينسقون مع الاحتلال، متسائلاً: هل تم ذلك بمحض الصدفة؟، الأهم من ذلك هو قوله إن "المرحلة صعبة وقاسية، وهناك عروض لدولة مؤقتة وحل بلا لاجئين أو قدس، وتقطيع أوصال، وكتل استيطانية باقية، ويبدو أن بعض الناس يضعون ذلك في الاعتبار"، مضيفا بأنه لم يعد "يؤمن مطلقاً بحل الدولتين، لأن هذا الحل بات شبه مستحيل، فأي دولة هذه التي لا تعرف لها حدود ولا تتمتع بأي سيادة، وتمزق تواصلها الجغرافي الكتل الاستيطانية، والقدس ربما لا تكون عاصمة حقيقية لها".

 

لندع الجانب المتعلق بالمؤتمر والانتخابات والأسئلة الكثيرة ذات العلاقة، ونتوقف عند حديث الرجل عن المفاوضات وما تبشر به الفلسطينيين، وهو الحديث الذي ينطبق تماماً مع ما رددناه هنا طوال عامين، والذي لا ينسجم البتة مع الشروط التي أوردها بيان المؤتمر، والتي لا تعدو أن تكون تسويقاً للحركة في ظل القيادة الجديدة، وبيعاً للأوهام على الأتباع وعلى الشعب الفلسطيني الذي يدرك حقيقة أنها شروط مستحيلة في ظل الظروف الراهنة، وعبر المفاوضات لا غير، والنتيجة أن ما ذكره قريع هو وحده المتاح، وهو ما يؤمن به عمليا أوباما والفريق المحيط به، فضلاً عن نتنياهو، بل وحتى باراك أيضاً.

 

وإذا سألنا عن الموقف الذي سيتخذه الرافضون لما تمخض عنه المؤتمر المذكور، فإن الرد الذي تحدثت عنه الصحيفة نقلا عن قريع ومصادر أخرى هو التنسيق بين عدد من القيادات المهمة (محمد جهاد، رفيق النتشة، نصر يوسف وآخرون نتوقع أن يكون من بينهم فاروق القدومي) من أجل تشكيل "فتح الصحوة"، ربما على شاكلة "فتح الانتفاضة" مطلع الثمانينات، مع فارق أن الظروف الموضوعية عربياً ودولياً لا تخدم هذا المسار.

 

على أن صعوبة مسار الانشقاق لا ينبغي أن يكبّل أيدي هذه القيادات ومن يؤمن بخطورة المؤتمر وتداعياته على فتح وعلى القضية برمتها، إذ يمكنها الشروع في تنسيق جدي مع قوى المقاومة الأخرى في سياق من التصدي لبرنامج أوسلو الجديد ودولته المؤقتة التي تكرس على الأرض، بينما ترفض في البيانات والمؤتمرات الصحفية، والأهم التصدي لتصفية القضية عبر ما يسمى حل الدولتين، وهي رسالة جليلة ينبغي أن ينهض بها سائر الأحرار أفراداً وجماعات: كل بحسب وضعه وموقعه.