خبر القرية « السويدية ».. منطقة أشباح منفية خالية من أبسط المظاهر الإنسانية!!!

الساعة 07:25 ص|16 أغسطس 2009

القرية "السويدية".. منطقة أشباح منفية خالية من أبسط المظاهر الإنسانية!!!

فلسطين اليوم- غزة ( تقرير خاص)

تقع القرية السويدية على الحدود الفلسطينية المصرية أقصى جنوب قطاع غزة, وتطل على شاطئ البحر المتوسط مباشرة, يسكنها زهاء الـ2000 مواطن يسكنون فيما يقارب 70 منزلاً متواضعاً, أُنشأت عام 1948 عقب تهجير الفلسطينيين من ديارهم, فشيدوا البيوت الطينية حتى يحتموا بها, فانعزلت هذه القرية عن المناطق المحيطة منذ 1990حتى 2005.

 

منطقة معزولة

وتعتبر القرية السويدية منطقة معزولة عن العالم رغم أنها تبعد عن مدينة رفح بخمسة كليو مترات, وتُعد أكترُ المناطق الفلسطينية فقراً، فهي تفتقر لمعالم الحياة فيها, فلا يوجد بها مدرسة للأطفال, أو عيادة صحية, ولا تشهد أي مجال للعمل, فالصيد مصدر دخلها الوحيد، كباراً وصغاراً وأطفال ونساء يمتهنون هده المهنة, ورغم ذلك.. فلم ترحمهم سياط الاحتلال.. حيث البحر محاصر منذ سنوات من الزوارق الحربية الإسرائيلية التي تتواجد بشكل دائم قبالة القرية.

 

غابت هذه القرية عن أنظار معظم أهالي فلسطين, ولكنها لم تغب عن "فلسطين اليوم" التي التقت في جولة لها بمواطنها كمال أبوعودة " الذي تحدث عن سبب تسميتها بـ"السويدية"، حيث أكد أن سبب تسميتها بهذا، هو قدوم وفد من المواطنين السويديين خلال زيارته للقرية متفقداًَ وضعها البائس، حيث قام بتوفير مبلغ مالي لإعادة بنائها.

 

وفي عام 1965 تم بناء ما يقارب 47 منزلاً بالقرية، والتي عرفت فيما بعد باسم" القرية السويدية", وبعد ذلك تم بناء عدد بسيط من المنازل لتصل إلى 60 منزلاً لتحميهم من تقلبات الجو ومصاعب الزمان.

 

وأضاف عودة، أن مساحة القرية 40 دونماً, ويسكن بها 10 عائلات فلسطينية, ويتفرع منها ما يقارب 120 أسرة, يسكنون في بيوت متواضعة لا تسعهم, مشيراً إلى وجود بعض العائلات المكونة من 30 فرداً تسكن في بيت واحد.

 

وبين كومات الخردة الملقاة بجانب الجدران المتشققة تحدث لنا المواطن (م . ع) عن مأساته:"قائلاً :"أسكن أنا وعائلتي المكونة من 13 فرداً في غرفتين, وبيتنا قديم جداً يعود عمره إلى أكثر من 30 عاماً, وقد تشققت جدرانه, فضلاً عن وجود مياه الصرف الصحي على أبواب منازلنا وفي الشوارع وذلك لعدم وجود شبكات صرف صحي في المنطقة, وهذا ما يسبب بأمراض كثيرة".

 

وبين أنهم يعتمدون في طهي الغذاء وعمل الخبز على الحطب, وفي أفران الطين, حيث يقومون بجمع الحطب  وإشعال النار فيه.

 

الصيد مصدر رزقنا

ويضيف "ع" أنه يعمل بالصيد منذ 16 عاماً وقد كان يوفر بعض الأموال من هذه المهنة الوحيدة, ولكنه اليوم ينتظر لعدة أيام حتى يصطاد كمية قليلة من السمك حتى يأكل منها، وذلك بسبب تواجد الزوارق الحربية داخل البحر بشكل دائم مقابل قريتهم, حيث تمنعهم من الدخول إلى مسافات عميقة يتوافر بها السمك, حيث أطلقوا عليهم في مرات سابقة قذائف أدت إلى تدمير بعض القوارب, وحرق عدة الصيد.

 

 

وتبدو الظروف المعيشية بالقرية التي يقطن فيها أكثر من 120 أسرة مأساوية، حيث لايزال الأهالي هناك يستخرجون المياه من الأرض بالطرق البدائية، ولا تتوفر بنية تحتية سوي عدد من أعمدة الكهرباء التي تم إقامتها قبل عدة أشهر عقب الانسحاب الإسرائيلي عن قطاع غزة.

 

ويتردد بين الأهالي أحاديث تفيد بعزم السلطة الفلسطينية على إزالة هذه القرية وترحيل قاطنيها إلى مكان أخر، وذلك لاقترابها من الشريط الحدودي

 

 تفتقر لمعالم الحياة

كما يوجد في القرية مقبرة صغيرة، و"مسجد الرحمة " وهو عبارة عن منزل قديم يعود لأحد سكان القرية، حيث يتلق أطفال القرية تعليمهم في المرحلتين الابتدائية والإعدادية في "كرفانات" بمدرسة تبعد عن القرية مسافة 2 كيلومتر.

 

كما أن سكان القرية لا يتمكنون من الخروج بسهولة إلى المناطق الأخرى, حيث لا يوجد سيارات تصل إلى منطقة سكناهم, بالإضافة إلى أن شوارع القرية والشوارع المؤدية إلى المناطق الأخرى مدمرة وتحتاج إلى إصلاح.

 

وتقدم وكاله الغوث "الأونروا" خدمتها لأهالي القرية منذ إنشائها لكنها لم تفلح في منع الاحتلال الإسرائيلي من إقامة مضخة مياه الصرف الصحي التي أقيمت شرق القرية والتي تضخ مياه الصرف على ساحل البحر المقابل للقرية، الأمر الذي يتسبب في زيادة الأمراض بين الأطفال لاسيما أن الروائح المنبعثة إلى القرية تساهم من زيادة معاناتها.

 

البلدية.. لا حول لها ولا قوة

ولمعرفة أسباب هذا الوضع السئ للقرية، حملت "فلسطين اليوم" هموم المواطنين لـ عيسى النشار رئيس بلدية رفح، حيث تعتبر القرية السويدية تابعة لها، والذي أكد أن بلديته مهتمة بالقرية السويدية وكافة القرى والمناطق التابعة لها، مشدداً على أن سوء الأحوال وقلة المواد هما السبب في عدم قدرتهم على تقديم خدماتهم للقرية.

 

وأشار النشار ، إلى عدم وجود المواد اللازمة لإقامة المشاريع، خاصةً الصرف الصحي، والطرق الزراعية، حيث أن الحصار والإغلاق الإسرائيلي يلقي بظلاله على كافة مناحي الحياة للشعب الفلسطيني بشكل عام والبلديات بشكل خاص، وبالتالي تقديم الخدمات للمواطنين.

 

وعن عدم وجود مدارس مشيدة للطلاب، أكد النشار، أن هناك اتفاقاً لإقامة مدرسة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، ولكن عدم وجود مواد بناء هو السبب في عدم إتمام المشروع وكافة المشاريع الهامة للمواطنين.      

 

 

وبعد هذا.. فمن الغريب أنها مازالت تُسمى القرية السويدية والأجدر أن ندعوها بالقرية المنفية فالكلمات تقف حائرةً تعجز عن وصف ما تلقاه هده القرية من مرار الحياة وصعوبة العيش وشُح الحال.