خبر فروانة : النقب .. معسكر اعتقال إسرائيلي على الطريقة النازية

الساعة 07:18 ص|15 أغسطس 2009

فروانة : النقب .. معسكر اعتقال إسرائيلي على الطريقة النازية

فلسطين اليوم- غزة

قال الأسير السابق ، الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر عوني فروانة ، بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد جمعت ما بين التجربة الأمريكية والإيرلندية والنازية في تشييدها وإدارتها لسجونها ومعتقلاتها المخصصة للأسرى الفلسطينيين والعرب ، واستفادت من كل ما سجل في تجاربهم وخبراتهم الطويلة من انتهاكات وقساوة.

 

وشيدت إدارة السجون، " جلبوع " على الطريقة الايرلندية واستعانت بالتجربة الأمريكية في السجن السري 1391 أو ما بات يعرف بغوانتانامو الإسرائيلي ، ونقلت التجربة النازية لمعسكرات الإعتقال في النقب وعوفر ومجدو ، بالإضافة لما ابتكره عقليتها الإجرامية في التعامل مع الأسرى وما تفننت به أجهزتها الأمنية المختلفة من تضييقات ، وانتهاكات لا حصر ولا حدود لها .

 

وجاءت تصريحات فروانة هذه في تقرير له، في الذكرى الـ 21 لاستشهاد المعتَقَلين أسعد الشوا ( 19 عاماً ) ، وبسام السمودي ( 30 عاماً ) ، بعد إصابتهما بعدة أعيرة نارية ، من قبل جنود الاحتلال المدججين بالسلاح والمنتشرين فوق أبراج المراقبة وبين خيام وأوساط المعتقلين في معتقل أنصار 3 الواقع في صحراء النقب جنوب فلسطين والملاصق للحدود المصرية .

 

وأوضح فروانة بأن معتقل " النقب " أو " أنصار 3 " هو معسكر اعتقال اسرائيلي على الطريقة " النازية " وتم افتتاحه خلال الانتفاضة الأولى وبالتحديد في السابع عشر من مارس / آذار عام 1988 ، لإستيعاب الأعداد  الهائلة من المواطنين الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال خلال الإنتفاضة الأولى ، وأغلق بعد اتفاق أوسلو وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية وتراجع الإعتقالات وذلك منتصف عام 1996 ، وقدر عدد نزلائه في الفترة ما بين ( 1988- 1996 ) إلى قرابة مائة ألف معتقل ، وبالرغم من إغلاقه لا زالت ذكرياته المريرة مفتوحة في ذاكرة كل نزلائه .

 

وأعيد افتتاحه خلال انتفاضة الأقصى في الأول من ابريل / نيسان عام 2002، لذات الهدف وهو استيعاب الأعداد الكبيرة من المواطنين الذين تم اعتقالهم منذ بدء انتفاضة الأقصى في 28 سبتمبر 2000.

 

وأضاف فروانة بأن هذا المعتقل  يقع في منطقة عسكرية مغلقة و خطرة ، ملاصقة للحدود المصرية جنوب فلسطين في صحراء النقب ، وهو كان بالأساس معسكر للجيش الإسرائيلي وأنشئ المعتقل بداخله ، وكان  يخضع لإدارة الجيش العسكرية مباشرة حتى انتقلت السيطرة علبه لإدارة السجون في آذار عام 2006 ، دون أي تغيير يُذكر على طبيعته وظروفه وأسلوب المعاملة فيه .

 

وقال فروانة الذي أمضى فترات طويلة داخل هذا المعتقل بأن شكله وظروفه وطريقة المعاملة بداخله هي شبيه بدرجة كبيرة لما كان يجري في معسكرات الاعتقال في عهد النازية ، وربما أقسى مما كان يجري في معتقل " أوشفيتز " الذي يعتبر أكبر وأقسى معتقل أقامه النازيون خلال الحرب العالمية الثانية .

 

فمعتقل النقب هو عبارة عن معسكر مقام على مساحة كبيرة ومقسم إلى عدة أقسام ، وفي كل قسم عدة خيام يحيطها أسلاك شائكة وسياج مرتفعة وبين كل قسم وآخر ممرات للجيش وأبراج مراقبة ويتجول الجنود بين الأقسام وهم مدججين بالسلاح ، وأحياناً كثيرة يجرون تدريبات بالأسلحة النارية الحية بين الخيام ، ويصوبون بنادقهم باتجاه المعتقلين .

 

وبين أن كل خيمة تتسع لـ 26 " مشطاح " أي باللغة العربية برشاً وهو اسم السرير الذي ينام عليه الأسير وهو عبارة عن برش من الخشب طوله 180سم وعرضه 80 سم ومكون من 5 ألواح وعرض الواحدة 12 سم وبالتالي يوجد فراغ بين كل لوحة وأخرى ومعها فرشة إسفنج بسمك 5 سم الأمر الذي يؤدى إلى العديد من الأمراض وخاصة أمراض الظهر ، وبمجرد أن يصل الأسير بوابة المعسكر تبدأ رحلة الألف ميل من المعاناة بدءا  من محو اسمه وتسليمه رقماً يتم التعامل به طوال فترة اعتقاله وحتى يوم تحريره .

 

وفي هذا الصدد استحضر فروانة الانتفاضة الأولى للأسرى داخل ذاك المعسكر وذلك  في السادس عشر من آب / أغسطس عام 1988 ، أي بعد حوالي خمسة شهور فقط من افتتاحه ، حينما انتفضوا في وجه السجان بالهتافات والتكبير وقذف الجنود بالحجارة والأحذية رافضين كل أشكال الظلم والاضطهاد والمعاملة القاسية وظروف اعتقالهم السيئة ، لترد عليهم إدارة المعسكر بالغاز المسيل للدموع والضرب المبرح بالهراوات وإطلاق الرصاص المطاطي والحي من أسلحة أتوماتيكية ، مما أدى إلى استشهاد المعتقلان أسعد جبرا الشوا من حي الشجاعية بغزة  و بسام إبراهيم السمودي من قرية اليامون في جنين بالضفة الغربية ، بعد إصابتهما بعدة أعيرة نارية .

 

وذكر فروانة إلى أن ظروف معتقل النقب وسياسة الإهمال الطبي المتبعة بداخله واستخدام القوة المفرطة ضد المعتقلين أدت جميعها إلى استشهاد ( 9 ) معتقلين منذ افتتاحه عام 1988 ولغاية اليوم وهم وبالإضافة إلى أسعد الشوا وبسام السمودي ، محمد صالح الريفي مواليد 1933 ، من سكان مدينة غزة  استشهد بتاريخ 10-8-1989م نتيجة الإهمال الطبي ، وحسام سليم هاني قرعان مواليد 1966 من قلقيلية واستشهد بتاريخ 28-8-1990م جراء التعذيب والاعتداء بالغاز ، أحمد ابراهيم بركات من مواليد 1966 وسكان مخيم عين الماء القريب من نابلس واستشهد بتاريخ 5-5-1992م نتيجة التعذيب ، أيمن ابراهيم برهوم من مواليد 1969 وسكان رفح واستشهد بتاريخ 27-1-1993 اثر الضرب والتعذيب ،و جواد عادل عبد العزيز أبو مغصيب مواليد 1987من دير البلح بغزة واستشهد بتاريخ 28-7-2005 نتيجة لإهمال الطبي ، جمال حسن عبد الله السراحين مواليد 1970 بلدة بيت أولا –شمال الخليل واستشهد بتاريخ 16-1-2007 جراء الإهمال الطبي وكان معتقلاً ادارياً ، محمد صافي الأشقر من صيدا بطولكرم واستشهد بتاريخ 22-10-2007 بعد إصابته بأعيرة نارية في الرأس بشكل مباشر .

 

واعتبر فروانة أن استشهاد الشوا والسمودي ، هو الحدث الأول الذي يستشهد فيه أسرى جراء إطلاق الرصاص الحي مباشرة عليهم ، فيما لم يكن الأخير أيضاً حيث تكرر مراراً ، وواصلت إدارة السجون وقوات القمع التابعة لها في الإفراط باستخدام القوة والرصاص  ضد المعتقلين مما أدى إلى استشهاد خمسة معتقلين آخرين وإصابة المئات خلال أحداث متفرقة وفي معتقلات متعددة كان أعنفها ما جرى في أكتوبر من العام 2007 في معتقل النقب .

 

وأكد فروانة بأن الأوضاع داخل معتقل النقب الصحراوي لا تزال صعبة ومأساوية حيث الحر الشديد صيفاً وانتشار الزواحف والحشرات والأمراض الجلدية وغيرها ، ويقبع فيه الآن قرابة ( 2300 معتقل ) ، منهم مئات المعتقلين الإداريين .

 

وطالب فروانة المؤسسات الدولية إلى التدخل لوقف الجرائم المرتكبة بحق المعتقلين العُزل هناك والضغط باتجاه اغلاقه ، ووضع حد لسياسة " القبضة الحديدية " والإفراط في استخدام القوة والأسلحة النارية ضد المعتقلين  ووضع حد للانتهاكات الجسيمة لحقوقهم الأساسية في كافة السجون والمعتقلات الإسرائيلية .