خبر هل هناك حرب إسرائيلية على لبنان؟ ..إلياس حنا

الساعة 04:14 م|13 أغسطس 2009

هل هناك حرب إسرائيلية على لبنان؟

 

إلياس حنا ـ الشرق الأوسط 13/8/2009

لا يمكن فهم حالة الاستنفار المتبادل بين حزب الله وإسرائيل اليوم، إلا من منظار نتائج حرب تموز (يوليو) العام 2006. فتقرير فينوغراد يعبر أصدق تعبير عن هذا. فهو فند الإخفاقات الإسرائيلية انطلاقا من المستوى الاستراتيجي، وحتى المستوى التكتيّ مرورا بمستوى اتخاذ القرار على الصعيد السياسي الكبير.

بعد هذه الحرب راحت إسرائيل تحاول استرداد صورة جيشها الرادع. فكانت المناورات البرية في الشمال الإسرائيلي، كما في الجولان، والضربة الجوية في سورية في دير الزور، وصولا إلى اليوم، حيث أجرت إسرائيل مناورات بحرية على ضفتي قناة السويس الهدف منها إيران بالطبع. لكن هل هناك فرق بالنسبة إلى إسرائيل بين حزب الله وإيران؟ بالطبع لا، لأنها تعتبر أن الحزب هو امتداد عضوي للحرس الثوري الإيراني. لكل حرب ظروفها المحلية والإقليمية والدولية. وإذا كان الصراع قائما ومستمرا بين حزب الله وإسرائيل، فهذا لا يعني أن الحرب واقعة اليوم قبل الغد، حتى ولو كان الفريقان على أتم الاستعداد للمواجهة. لماذا؟

تتطلب حرب إسرائيل على لبنان ظروفا داخلية إسرائيلية مناسبة. وهذا ليس متوافرا حتى الآن. كذلك، تتطلب الحرب ظروفا دولية ـ إقليمية مساعدة، وهي ليست متوافرة اليوم أيضا.

لا يمكن لإسرائيل أن تخوض حربا على لبنان دون ضوء أخضر أميركي. كذلك، لا يمكن لإسرائيل أن تخوض حربا في ظل بدء تنفيذ مشروع الرئيس الأميركي أوباما المزدوج، الذي يقوم على: حل الدولتين للقضية الفلسطينية، كما على إعطاء إيران حتى أواخر أيلول (سبتمبر) 2009 للجلوس إلى طاولة المفاوضات حول المشروع النووي. هذا مع العلم، أن هناك اختلافا جذريا في النظرة إلى الحلول الإقليمية بين نتنياهو وأوباما. فالأول يعتقد أن الأولوية للحل الإيراني الذي سيساعد حتما على الحل الفلسطيني. أما أوباما فيرى أن الحل يبدأ مع القضية الفلسطينية التي ستساعد على تسهيل الحل الإيراني. فهل يتحدى نتنياهو أوباما فيذهب منفردا إلى حرب؟ بالطبع كلا. وإلا فما معنى زيارة وزير الدفاع الأميركي لإسرائيل أخيرا، وكذلك زيارة مستشار الأمن القومي الجنرال جيمس جونز مع فريق استخباراتي موسع؟

لا يمكن لإسرائيل أن تذهب إلى حرب على حزب الله في ظل تقاربها مع سورية، كما في ظل التقارب الأميركي ـ السوري، هذا مع العلم أن سورية لم تغير بوصلتها الاستراتيجية لتخرج من حلفها مع إيران. كذلك، لا يمكن لسورية أن تسمح بحرب على حزب الله، فيما تسعى جاهدة لاستعادة دورها التاريخي في لبنان.

لا يمكن لإسرائيل أن تذهب إلى حرب على لبنان، وتخرج بنتائج مماثلة لحرب تموز الماضية. عليها أن تنتصر، وإلا تحققت مقولة بن غوريون: «تسقط إسرائيل عندما تخسر أول حرب»، فكيف إذا حصل الأمر مرتين.

إذا ذهبت إسرائيل إلى حرب على لبنان، على سيناريو هذه الحرب أن يستند إلى بعدين أساسيين هما الجو والبر، من هنا تسريب الأخبار عن المناورات الجوية المشتركة مع سلاح الجو الأميركي في نيفادا، وتسريب خبر شراء قنابل ذكية خارقة، هذا عدا الخبر الذي يقول إن الدبابات الإسرائيلية ـ ميركافا، IVـ المتطورة ستصبح محمية بجهاز متطور ضد الأسلحة المضادة للدروع ـ من نوع «تروفي ـ II».

لا يمكن كذلك لحزب الله أن يذهب منفردا إلى حرب ضد إسرائيل لأسباب عدة منها: هو بحاجة إلى ضوء أخضر إيراني، وهذا أمر يحتم الانتظار كي تتبلور موازين القوى السياسية في إيران بعد أزمة الانتخابات الرئاسية.

لا يمكن لحزب الله أن يعطي إسرائيل مبررا، كما لا يمكنه أخذ لبنان والشيعة إلى حرب ثانية ستكون حتما مدمرة، وذلك خلال 3 سنوات. على كل، هل يضمن الحزب النتيجة مسبقا؟ وماذا لو أتت بعكس ما يرتجي؟ فهل سيخاطر بالإنجازات العسكرية التي بدورها عززت دوره ودور الشيعة السياسي على الصعيد اللبناني الداخلي؟

إذا ما معنى انفجار خربة سلم؟

تقول المعلومات إن إسرائيل وعبر المعلومات الاستخباراتية التي جمعتها، استطاعت أن تحدد نحو 100 مركز جديد للحزب. مررت إسرائيل هذه المعلومات إلى قوات اليونيفيل، طالبة منها أخذ الإجراءات وإلا عمدت هي إلى التصرف. كان الانفجار في خربة سلم، لكن المعلومات الدقيقة غير متوافرة لمعرفة سبب الانفجار. هل هو خطأ بشري، أم عملية تخريبية ضد الحزب بهدف فضح مشروعه جنوب الليطاني؟ على كل، لا يمكن لحزب الله التخلي عن المنطقة الواقعة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني. فهذه المنطقة سوف تكون المسرح الاساسي لأي حرب مستقبلية. من هنا محاولة الحزب إعادة انتشاره بعد أن كشفت مراكزه في حرب تموز 2006، كما سعيه لتأمين عمق دفاعي أكبر، الأمر الذي جعله ينتشر شمال مقطع نهر الليطاني.

لكن الأكيد أن انفجار خربة سلم، والجدل الذي دار حول تغيير قواعد الاشتباك لقوات الطوارئ، هي أمور ستبطئ حتما مشروع الحزب العسكري مهما كانت نوعيته.

إذا متى الحرب، وفي أية ظروف؟

تقع الحرب في لبنان، في حالتين هما:

في حال فشل التقارب الأميركي ـ الإيراني، أي بعد تجاوز مهلة أيلول (سبتمبر) 2009. وبعد فشل العقوبات الأميركية المقترحة على إيران. وبعد شعور الرئيس الأميركي أنه فشل، الأمر الذي يهدد عملية التجديد له على رأس الإدارة الأميركية. وحتما، بعد فشل ذريع في التقارب مع روسية التي تحاول استعادة دورها كقوة عظمى. تصبح الأمور خطيرة جدا على العم سام، في ما خص إيران، فقط عندما تصبح إيران السياسية في حضن الدب الروسي. لكن ما هي مؤشرات فشل التقارب الأميركي ـ الروسي؟

ـ تشغيل روسيا لمفاعل بوشهر بعدما تذرعت بالكثير من المعوقات سابقا.

ـ بيع روسيا لإيران أسلحة متطورة للدفاعات الجوية، وطائرات حربية.

ـ محاولة روسيا إذلال الولايات المتحدة تجاه حلفائها، خاصة في جورجيا وأوكرانيا، وإلا فما معنى الحشد الروسي العسكري المستجد في أوسيتيا الجنوبية، كما زيارة أب الكنيسة الروسية لأوكرانيا؟

في هذه الحالة، ستكون إيران الممر الأساسي للدب الروسي إلى المياه الدافئة، وإلى منطقة الخليج، بعدما كانت أيام الشاه السد المنيع أمام هذا الدب.

تقول المعلومات إن الروس ساعدوا الرئيس الإيراني بمعلومات تقول إن أميركا تعد لثورة مخملية ضده. من هنا سلوكه الصدامي، كما سلوك المرشد خلال الأزمة الانتخابية الأخيرة. وإلا فما معنى صراخ مؤيدي رفسنجاني خلال خطبة له «الموت لروسيا»، بعدما كانت الشعارات الأساسية تقوم على الموت للشيطان الأكبر أميركا؟

في هذه الحالة، قد تكون هناك حرب أميركية على إيران، مع تفويض أميركي لإسرائيل بحرب على حزب الله.

قد يكون السبب الثاني مرتبطا بالأول، أي عندما تشعر إسرائيل بأن إيران المصطفة مع روسيا ضد أميركا في الخليج، والممتدة إلى سورية وبالتالي إلى لبنان، تشكل خطرا حيويا على كيانها. فبذلك تصبح إسرائيل في مواجهة غير مباشرة مع الدب الروسي. في هذه الحالة، قد تذهب منفردة إلى حرب مع إيران أو مع حزب الله، حتى وإن مانع البيت الأبيض.

هل هناك أسباب أخرى لحرب ممكنة؟ بالطبع، لأن علم السيناريوهات يقول بثلاثة: سيئ، ستاتيكو وممتاز. لكنه يترك الباب مفتوحا لغير المتوقع. قد يكون غير المتوقع هذا عملية مشابهة لـ11 أيلول في أميركا، يكون لإيران يد فيها أو تركب ضدها بعد حصولها. أو قد تكون عملية كبيرة لحزب الله ضد هدف إسرائيلي حيوي ردا على اغتيال القيادي عماد مغنية يشتم منها موافقة إيرانية على العملية، الأمر الذي يفتح باب الحرب على مصراعيه.

لكن الأكيد، أنه وفي ظل عدم توفر الظروف لحرب كبيرة، سنظل نشهد الكثير من العمليات غير المباشرة من هنا وهناك، يكون بطلها حتما الاستخبارات، إلى جانب القوات الخاصة.