خبر اربع سنوات على فك الارتباط -اسرائيل اليوم

الساعة 08:50 ص|13 أغسطس 2009

بقلم: ادرور ايدار

 (المضمون: يتوجب على المسؤولين عن عملية فك الارتباط اجراء محاسبة عميقة لانفسهم عن هذه الخطيئة حتى لا تتكرر - المصدر).

اربع سنوات على فك الارتباط وما زال بعض المسؤولين الرئيسيين عن تلك الدراما يمسكون بقرني مذبح تلك العملية السياسية البائسة الكارثية المعشوشبة. انت تسمع مقابلة رازي باركئي. هذا الشخص اجتر شعارات كاديما (وكاديما ايضا ظاهرة نزلت علينا اثر فك الارتباط مع امطار القسام التي تطلقها حماس) وان فك الارتباط قد حرر ايادي اسرائيل المقيدة في حربها ضد الارهاب الفلسطيني، وان صعود حماس الى سدة الحكم ليس نتيجة لفك الارتباط وانه لم تكن لاسرائيل ايام جيدة اكثر من ايام فك الارتباط.

اربع سنوات على فك الارتباط وقد اصبح واضحا الان لكل ذي عقل لا يخشى الاعتراف بالخطأ ان الانسحاب احادي الجانب من غزة قد جلب علينا كوارث كبيرة واصداؤها ستنفجر في وجوهنا وداخلنا بعد سنوات غير كثيرة. لان هذه هي القاعدة الفولاذية في الشرق الاوسط: الضعيف (او ذلك الذي تعتبر اعماله نابعة من الخوف والضعف) يداس تحت الاقدام. في الرواية الفلسطينية كان فك الارتباط وما زال احد الانتصارات الباهرة لحركات المقاومة (وهذا اسم محسن للارهاب الاسلامي الفاشي). من وجهة نظرهم ، اسرائيل رمشت اولا وبرهنت لـ "المعتدلين" في اوساط الجمهور الفلسطيني ان الارهاب ناجع ونافع.

اربع سنوات على فك الارتباط ولم تجر بعد محاسبة كبيرة للنفس في وسائل الاعلام الاسرائيلية. الخطأ القديم كان الغياب المطلق تقريبا للنقاش الحقيقي حول الجوانب المختلفة لفك الارتباط: كل الجوانب الايجابية ابرزت بصورة موسعة بينما تم تقزيم النواقص التي تصرخ الى عنان السماء واعتبر المتحدثون عن هذه النواقص رافضين ابديين للسلام.

التاريخ سيذكر ان فك الارتباط كان خطأ يسير وراءه ثعبان ومخالفة تجر وراءها مخالفة. فسادات شارون وطاقم مزرعته اخفيت ومناضلو العدالة نسوا اقلامهم. حتى نفهم ما الذي حدث هنا بالضبط قبل اربع سنوات، يتوجب علينا ان نقرأ اربعة فصول من كتاب موشيه ديان الهام "طريق طويل قصير" (صفحة 155 – 195) التي تصف ميلاد هذا الفشل المدوي والمذهل، وطاقم المزرعة الذي فعل كل ما يحلو له في الدولة، واراء الاشخاص المقربين جدا لشارون المثيرة للخوف وكذلك عدم المسؤولية الذي اتصفت به دوائر معينة في الجمهور الاسرائيلي، تلك التي يسميها يعلون "ذات صلاحيات من دون مسؤوليات". لم نسمع حتى الان رد من كان رئيسا لديوان شارون دوف فيسغلاس على الاتهامات الضخمة الخطيرة الموجهة اليه من يعلون الذي كان رئيسا لهيئة الاركان حتى فك الارتباط وكان شاهدا على سلوك قادة الدولة الفاضح عن قرب.

كتاب واحد حاول اصلاح الوضع واثارة نوع من النقاش حول فك الارتباط، وهو كتاب آري شافيت "تقسيم البلاد" الذي جمع 33 ناطقا مع هذه العملية وضدها. ولكن الكتاب عزز جانبا واحدا بالاساس: الاغلبية المطلقة من متحدثيه ايدت فك الارتباط بما فيه شافيت نفسه الذي ايد الخطوة رغم الدراماتيكية المفرطة التي كتب فيها كلماته. يبدو ان هذا السبب وراء قلة المعارضين الذين صدقوا في توقعاتهم.

اربع سنوات على فك الارتباط ولكننا لا نسمع من كبار الصحفيين الا كلمات بسيطة حول "الخطأ" و "الخلل السياسي" و "التفريط بالاخوة الاعزاء" وغيرها من الكلمات الفارغة. لم يتغير اي شيء. الخطاب الاعلامي في اغلبه بقي احادي الجانب. هكذا هو الحال في اغلبية البرامج الاعلامية في القنوات التلفزيونية. في اسرائيل 2009 ليس هناك رأيان شرعيان يتنافسان فيما بينهما ويتحاوران لايجاد الطريق الذهبي السياسي او الوسطي. دائما نحن نسمع نفس المتحدثين الذين كانوا هنا خلال الـ 40 عاما الاخيرة. هكذا هو حال صحافتنا اليوم اما بالنسبة لي فهذه هي العبرة العميقة لفك الارتباط – الخطر الاكبر الكامن في اسكات كل نقاش شعبي وهو في مهده. هذا الاسكات يجري هنا الان ايضا.

من المحتمل انهم يعطون منصة للسياسيين اليمينيين والمحافظين للتعبير عن أرائهم، ولكن الخبراء ("الموضوعيون") والمحللون ومقدمو البرامج ما زالوا في معسكر بعينه، الامر الذي قد يؤدي لا قدر الله الى كوارث سياسية اخرى في ظل الغياب الضروري لكل نقاش شعبي معمق.