خبر إعادة الجيش الى الحياة المدنية -معاريف

الساعة 08:46 ص|13 أغسطس 2009

بقلم: روبيك روزنتال

 (المضمون: الجيش الاسرائيلي أصبح جهة متعجرفة وقادته الكبار مفصولين عن قيم المجتمع المدني الذي يسجد للجيش - المصدر).

        ان الصيغة غير الرسمية لـ "البرنجي" العسكري هي أن الضباط الكبار الذين زلوا باكاذيب "يعيشون حياة الميدان يوميا ولا ينتبهون الى البيروقراطية الصغيرة". قال اللواء الاحتياط يورام يئير ذلك بصراحة. هذا زعم غريب في منظمة مثل الجيش حيث البيروقراطية، أي الاوامر والقوانين والسلطات، جزء لا ينفصل منها، لكن ذلك ايضا تفويت للمشكلة الحقيقية التي اثارتها الاحداث الاخيرة.

        المشكلة الحقيقية هي انه أخذ ينشأ عند غير قليل من الضباط الكبار على السنين فجوة بين حكمة القتال والقدرة القيادية، وبين حكمة الحياة وفهم قيم المجتمع المدني. المشكلة الحقيقية هي أنه توجد عند غير قليل من الضباط الكبار فجوة بين مكانتهم الرفيعة وبين عناصر شخصية مختلفة، تضع بالنسبة اليهم في الحياة المدنية علامات سؤال غير قليلة. مثلا يمكن ان تكون قلقا جدا لان ضابطا كبيرا مثل فارس، ضبط مرة بعد اخرى على أعمال عنف لكنه ظل يترقى في سلم القيادة. كشف في الجيش اخيرا عن عدد من قصص التنكيل الفظيعة يبدو أنها مجرد طرف الجبل الجليدي. ان مجرد حقيقة أنها استطاعت أن تحدث من غير ان تفضي اعمالهم من الفور الى اعتقال يتصل بان الجيش مفصول عن قيم المجتمع المدني بالمعنى السيء للكلمة في هذه الحالة. هل توجد صلة بين نشوء معايير تنكيل وبين اغتفار ما فعل عماد فارس؟ قد يكون الجواب نعم أو لا. يحسن أن يقلقنا ذلك.

        في قضية تشيكو تمير وفي قضية عماد فارس ايضا اثيرت عناصر شخصية اخرى مقلقة: عدم التقدير، والعمل المتسرع غير المعقول في وضع أزمة، وكل ذلك في شؤون صغيرة جدا، مخالفات سير سهلة او حادثة ضئيلة الشأن. الا يشهد هذا حقا على قدرات "القائد ذي الاوسمة الممتاز الذي لا بديل منه والذي جرحته المعارك"، وهي شعارات تكررت كلمة كلمة بالنسبة للضابطين؟

        نميل الى أن نغفر للضباط الكبار لاسهامهم من اجل الدولة وأمنها وان نثني عليهم ونمتدحهم فوق العادة حتى لو كانوا فاسدين. فما يزال الجيش هو الجهة ذات اكبر قدر في المجتمع الاسرائيلي كما بين استطلاع الرأي الاخير وجميع الاستطلاعات التي سبقته.

        التمجيد والثقة حقيقة اجتماعية، لكن يبدو مرة بعد اخرى ان الجيش الحقيقي مختلف. فهو جهة فيها ميل الى الانفصال عن المجتمع، وان تنشىء في داخلها قادة كبارا متعجرفين، وجهات تميل الى التغطية على الحقائق بحيث لا يبقى عندها خيار آخر. ليسوا جميعا على اية حال، لكننا رأينا قبل فترة غابي اشكنازي هذه الثمرات الفاسدة تقف في رأس الجيش ورأينا الى أين افضى ذلك.

        الاحترام كله لقائد كبير يعطي الدولة كل سني حياته. في عالم القيم التي اعرفها لا يزيد ولا يقل عن استاذ الجامعة الذي لا يهرب الى قدر اللحم في امريكا، والطبيب الكبير، ورجل الاعلام الذي يحارب من أجل الحقيقة التي تبدو له من الحقائق التي يبلغ عنها، والعامل الذي يواجه الاقالة بعد عشرات من السنين في مصنع في الضاحية. يجب عليه مثل كل مواطن ومثل كل مهني ان يعمل بحسب القيم نفسها، قيم المجتمع المدني، والى جانب الاحترام تتطلب القوة التي جمعها قدرا سليما ايضا من الشك.