خبر د. نافعة لـ« فلسطين اليوم »: وجود ممثلي الأمن في مركزية فتح خطأ والمطلوب انتفاضة ضميرية

الساعة 03:47 م|12 أغسطس 2009

فلسطين اليوم-خاص

يُعتبر الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة من أبرز الخبراء الاستراتيجيين العرب، وقد تولى حتى الشهر الماضي مسؤولية الأمانة العامة لمنتدى الفِـكر العربي بعمّـان، وبعد الانتخابات التي أفرزت قيادة جديدة لحركة فتح حاورنا الدكتور نافعة، لملامسة الوضع الفلسطيني وما تحمله الأيام القادمة من تحديات على المستقبل الفلسطيني الضبابي.

* كيف قرأت انتخابات حركة فتح؟

- طالما أن الصراع الداخلي الفلسطيني مستمر –وبغض النظر عن النتائج-  فإن الحركة الوطنية الفلسطينية مصابة بمرض عضال، ولن تخرج منه إلا بالمصالحة، وبرأيي فإن نتائج انتخابات حركة فتح لا تعبر عن تغير حقيقي في توجهاتها، وهناك مخاوف كثيرة جداً من ذلك، ومن أن الحكومة اليمينية في إسرائيل ليس لديها استعداد لتقديم حل يرضي الفلسطينيين، ولذلك فإن نتائج هذه الانتخابات وخطاب أبو مازن لا تبشر بمعالجة مشكلات الحركة الوطنية الفلسطينية، وطالما أن الوضع العربي غير مستقر وأن المصالحة العربية لم تنجز حتى الآن، وأن الآمال على أوباما تضعف تدريجياً، فإن كل هذه الإشارات لا تبشر بخير، ولو أن الحركة الوطنية الفلسطينية مصابة بعطب وأن الوضع العربي متماسك لكان هناك أمل في إنقاذ الحالة الفلسطينية، لكن الآن كل علامات الاستفهام مفتوحة وليس أمام الشعب الفلسطيني إلا المقاومة، وأنه إذا لم تعي حركة فتح أنها ارتكبت أخطاء في الماضي وأن عليها معالجتها، ولكن ليس بمنطق فرض الرأي وإنما انطلاقاً من مصالح الحركة الوطنية الفلسطينية فإن الانقسام سيبقى قائماً، وأنا برأيي أن المؤتمر عمق الانقسام الفلسطيني ولم يتجاوزه.

 

* ما هو المطلوب من حركة فتح في هذه المرحلة؟

- المطلوب من حركة فتح أن تطلق سراح المعتقلين السياسيين حتى لا تعطي حركة حماس مبرراً لتكريس الانقسام وأن تطرح برنامج حقيقي وأن تعيد تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية لاستيعاب كل الفصائل وأن يتم إجراء الانتخابات وأن تصبح منظمة التحرير القائد الحقيقي للحركة الوطنية الفلسطينية وليس السلطة.

* برأيك كيف ستتعامل هذه التشكيلة الجديدة لفتح مع حركة حماس؟

- أنا أعتقد أن وجود ممثلي أجهزة الأمن السابقين في قيادة حركة فتح مشكلة بحد ذاتها، مما سيؤدي إلى تكريس الانقسام، وكان من المفترض أن يتم تنحية هؤلاء جانباً حتى لا يكونوا السبب في منع المصالحة، فهؤلاء لعبوا أدواراً غير مريحة فلسطينياً، وعودتهم للصدارة تعني أن مؤسسة الفساد في حركة فتح لازالت موجودة.

* ولكن في المقابل فإن حركة حماس ترتكب أخطاء كبيرة في غزة، ما تعليقك؟

- نعم حماس ترتكب أخطاء، ولكن في الوقت نفسه حماس خاضت حرباً ضد إسرائيل فُرضت عليها وصمدت فيها، والمطلوب حماية فلسطينية للمقاومة ولا يجب أن تُعطى الذريعة لحركة حماس وكأنها تقاوم لوحدها، فالمقاومة هي من أعطت الشرعية لحركة فتح، ولكن تنازلات الحركة في أوسلو أضعفتها ولذلك فإن عودة فتح للصدارة تحتاج إلى برنامج يجمع بين المقاومة والتفاوض، وأنا قلت سابقاً أنهما وسيلتان للتحرير، ويمكن التوفيق بينهما بذكاء لإنجاز الاستقلال الفلسطيني.

* ولكن حركة فتح قالت في برنامجها السياسي أن حق المقاومة بكل وسائلها مشروع في ظل الاحتلال؟

- كيف تكون هناك مقاومة وحمل السلاح خارج الشرعية ممنوع؟ عن أي شرعية هم يتحدثون؟ ولذلك يجب أن تكون هناك قيادة موحدة للحركة الوطنية الفلسطينية وبدون ذلك فإن هذه الحركة ستبقى مأزومة.

 

* إلى متى ستستمر مصر في رعاية الحوار الوطني الفلسطيني الذي لم يحقق أي نتائج حتى الآن؟

- هناك مشكلة فلسطينية أصلاً، ومن الناحية الشكلية ستبقى مصر راعية للحوار، ومصر نفسها عليها ضغوط، فهي ليست مصر عبد الناصر التي كانت تقود النضال العربي الموحد، وأنا لدي ملاحظات أصلاً على السياسية المصرية، وهناك علامات استفهام كثيرة فيما يتعلق بموقف القاهرة من الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة ومن المعابر، وأنا برأيي أن قدرة مصر على دفع الحوار إلى منتهاه محدودة وهذا مرهون بموقف عربي موحد من المفاوضات ومن العملية السياسية، كما أن المصالحة الفلسطينية بحاجة إلى توافق مصري-سوري-سعودي حتى تقوم القاهرة بالوساطة باسم هذا المثلث، ولكن في ظل هذه العلاقة المتوترة بين هذا المثلث فإن قدرة مصر على دفع الحوار ستكون "كسيحة" كما كانت في السابق، كما أن هناك مسؤولية على المجتمع الدولي في منع المصالحة الفلسطينية، ومع أن هناك تغيراً أمريكياً باتجاه حماس فإنه يبقى محدوداً.

* برأيك هل سيطول الحوار الفلسطيني؟

- نعم، الحوار بهذه الطريقة سيكون غير منتهي لأن شروطه غير متحققة إقليمياً ودولياً، وإذا لم يتغير هذا الوضع فإن ذلك سينعكس على الحوار والعكس صحيح أي أن تلتقي فتح وحماس حتى بدون وسيط فإن الدوافع الوطنية تفرض المصالحة أصلاً، لكن مصر لوحدها لا تكفي لإنجاز المصالحة الفلسطينية.

* هل ترى أن حركتي فتح وحماس تعي المخاطر المحدقة بالحالة الفلسطينية خصوصاً في ظل استمرار الاستيطان وتهويد القدس والاقتحامات شبه اليومية للمسجد الأقصى؟

- أنا برأيي أنه لا يوجد وعي من قبل الحركتين لذلك، لأنه لو كان هناك وعي لما استمر الانقسام بهذه الحدة، ولذلك فإن إسرائيل تعمل على تعميق الانقسام الفلسطيني وهي المستفيد الرئيسي منه، ولذلك فإن المطلوب انتفاضة ضميرية فلسطينية لدى فتح أولاً ثم حماس ثانياً.