خبر شبيبة تل ابيب ليست متخاذلة.. معاريف

الساعة 11:37 ص|11 أغسطس 2009

بقلم: عوفر شيلح

الاسبوع الماضي نشر الجيش الاسرائيلي، في اطار حربه المتواصلة ضد ميل انقطاع اجزاء من المجتمع الاسرائيلي عن الخدمة ذات المغزى، قائمة المزايا المدارس الثانوية "المميزة" و "الفاشلة" بمعيار الخدمة القتالية لخريجيها. احد لم يسقط عن كرسيه بالطبع حين اتضح انه في تل ابيب معدلات الخدمة القتالية متدنية نسبيا فيما انه في المحيط، ولا سيما الصهيوني – الديني، تتميز بمعدلات عالية على نحو خاص. وزير التعليم جدعون ساعر، السريع على عادته، عقب على الفور: فقد اعلن بأنه من الان ستزداد زيارات الضباط القتاليين الى المدارس.

المعطيات التي نشرها الجيش هي جزء صغير من الصورة الحقيقية. كلماتا "خدمة قتالية" تضمن انواع مختلفة من الخدمة، ونظرة حقيقية – احد لم ينشر هذه المعطيات ولكنها واضحة لكل من يزور الوحدات المختلفة في الجيش – كان سيكتشف الوجه الحقيقي لهذا الانقطاع. غير قليل من ابناء النخبة "التل ابيبية" (التي تضم بالطبع ايضا الكثير من البلدات المدنية الاخرى) يخدمون في وحدات مختارة، او يتوجهون الى دورات الطيران ودورات خبراء المتفجرات – كل ذلك، فقط على ألا يسلح الوية المشاة الاساسية للجيش (المظليين، جولاني، الناحل، جفعاتي وكفير). قليليون اكثر منهم يصلون الى مراتب الضابطية في هذه الالوية.

هذا ليس جديدا. الظاهرة المسماة "سييريت او نيرييت" (سييريت هي الوحدة القتالية الخاصة لهيئة الاركان والنيرييت هي العمل المكتبي في الجيش) تشخص في الجيش منذ عقدين من الزمن. وكل هذا، بالطبع، لسبب واحد فقط: الوية المشاة تتحمل اساس العبء للخدمة في المناطق. سييريت هيئة الاركان هي خدمة قتالية نخبة، ولكنها ايضا تبعد من يخدم فيها عن مخيمات اللاجئين في نابلس وغزة.

زيارات الضباط الى المدارس هي أمر شائن (برأيي) او مرغوب فيه (برأي وزير التعليم)، ولكن يوجد لها تأثير محدود على قرارات الشبيبة. اكثر منها بكثير تؤثر المعلومات التي تتلقاها الشبيبة من رفاقهم، من اخوانهم الاكبر منهم، ومن الاستيضاحات التي يبدونها حول طبيعة الخدمة في الوحدات المختلفة. القرار يتأثر بقدر اقل من الخطر الذي تفترضه الخدمة في وحدة معينة – هذه حقيقة معروفة احداث فقدان جنود في القتال بالذات ترفع الدافعية للخدمة في ذات الوحدة – واكثر بكثير حسب طبيعة الخدمة اليومية التي تنتظرهم. عندما تجندت الى المظليين قبل اكثر من 30 سنة تضمنت هذه الخدمة تدريبا واستعدادا لحرب وقائية، واقتحامات لاهداف اعتبرت عسكرية صرفة. اما من يتجند للمظليين اليوم فيعرف بأن بانتظاره ايام طويلة من الاحتكاك مع السكان الفلسطينيين وحملات مثل "رصاص مصهور" التي دون صلة بمبرراتها، جوهرها هو الكثير جدا من النار على القليل جدا من العدو.

الابتعاد التدريجي للشبيبة من بعض الطبقات الاجتماعية – ممن خدم اباؤهم احيانا في ذات الوحدات نفسها – بهذا النوع من الخدمة، هو كما اسلفنا ليس امرا جديدا. الى هذا الفراغ دخل ابناء المحيط، وفي مراتب الضابطية بالاساس خريجو الصهيونية الدينية. هذه الظاهرة بحد ذاتها زادت الاغتراب: فتى علماني يرى في التلفزيون كتيبة من جفعاتي تصلي بحماسة قبل المعركة، او تدعوا الحاخامين العسكريين وغير العسكريين الذين يتجولون في الوحدات ويعرضون القتال كحرب هي فريضة إلهية، يتردد اكثر فاكثر اذا كان سيخدم فيها.

كل هذه الامور لن تحلها زيارة من ضابط او مبادرة من رئيس بلدية (رون خولدائي اعلن بأنه سيتجند هو ايضا لتحسين معطيات الخدمة القتالية في تل ابيب). اما ساعر، التي تأتي اراؤه السياسية لتؤيد مواصلة تواجد ألوية المشاة العسكرية في المناطق وطبيعة انشغالها القائم، فينبغي ان يعرف بأن هذه ستكون الاثار. عليه ان يعرف بأن المعنى هو ان الجيش الاسرائيلي القتالي الذي تخلق ألوية المشاة احتياطي القيادة العليا فيه، سيكون اكثر فاكثر جيش محيط: ديني، يميني، يمثل اولئك الذين يرون فيه اداة للريادة الاجتماعية وتعبيرا عن مذهبهم الفكري.  ولكن اسهل كثيرا ارسال الطيارين الى المدرسة الثانوية.