خبر مركزان حقوقيان يطالبان بالتحقيق في ظروف وفاة حمادنة في سجون السلطة

الساعة 08:58 ص|11 أغسطس 2009

فلسطين اليوم-رام الله

طالب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بالتحقيق في ظروف وملابسات وفاة المواطن فادي حسني عبد الرحمن حمادنة، 27 عاماً، من سكان بلدة عصيرة الشمالية، شمالي مدينة نابلس، أثناء احتجازه لدى جهاز المخابرات العامة في سجن جنيد بالمدينة.

 

ودعا المركز إلى نشر نتائج التحقيق على الملأ، وملاحقة المسؤولين عن اقتراف هذه الجريمة في حال ثبوت تورط أي منهم فيها، أو وجود تقصير في حمايته استناداً للمسؤولية القانونية المترتبة على جهة الاحتجاز في الحفاظ على حياة المحتجزين لديها وسلامتهم في كافة الظروف والحالات، وتقديم المتورطين و/أو المقصرين للعدالة.

 

واستناداً لتحقيقات المركز وإفادات شهود العيان، ففي حوالي الساعة 10:00 صباح يوم الاثنين الموافق 10/8/2009 تلقت بلدية عصيرة الشمالية اتصالاً هاتفياً من مدير جهاز المخابرات العامة في مدينة نابلس، أعلمها بوفاة المواطن فادي حسني عبد الرحمن حسن حمادنة، 27 عاماً، من سكان البلدة، والذي كان يقبع في سجن جنيد في المدينة منذ اعتقاله بتاريخ 15/6/2009.

 

واتصل رئيس البلدية، محمد أبو حليمة، بعم الضحية، تحسين عبد الرحمن حمادنة، وأخبره بذلك، ثم توجها معاً إلى سجن جنيد بناءً على تنسيق مسبق بين رئيس البلدية ومدير مخابرات السجن، وأخبرهما مدير مخابرات السجن بأن فادي شنق نفسه بقطعة بطانية مزقها من إحدى البطانيات التي يغطي نفسه بها داخل الزنزانة، واعتذر لهما على ذلك، ثم غادرا مكتبه.

 

وبعد حوالي الساعة نقلت الجثة إلى معهد التشريح في جامعة النجاح الوطنية، وتم استدعاء عم الضحية المذكور، وخاله حسن صالح سمارة، حيث استقبلهما أحد الأطباء، وأخبرهما بأن هناك لجنة مكونة من ثلاثة عشر طبيباً ستقوم بحلف اليمين أمامهما بأن تقول الحق بعد التشريح، ومن ثم أُدخلا إلى غرفة التشريح، وشاهدا الجثة التي كانت مغطاة بثوب أبيض لم يكشف منها إلا الرأس والرقبة وأطراف الكتفين.

 

وأفاد عم وخال حمادنة لباحث المركز بأن رقبته كانت زرقاء وبها (حزوز) وكأن حبلاً كان ملفوفاً على رقبته، وشاهدا بعض الكدمات الزرقاء على أحد كتفيه، ولم يستطيعا التماسك، فغادرا المكان.

 

وبعد حوالي ساعتين من مغادرتهما تم استدعاؤهما مرة أخرى من قبل الدكتور سمير أبو زعرور، وفي هذه المرة رافقهما شقيقه محمد الذي طلب مشاهدة الجثة.

 

وذكر محمد الباحث المركز أنه شاهد الجزء العلوي من جثة شقيقه، حيث شاهد كدمات زرقاء على صدره وكتفيه و(حزوز) على رقبته، وطلب منهم الدكتور أبو زعرور التوقيع على تصريح لتشريح الجثة، وقبل أن يردوا عليه حضر المدعي العام وقال لهم "إن وقعتم أم لم توقعوا سنقوم بالتشريح، فرد تحسين قائلاً هناك من هو مخول أكثر منهم بالتوقيع على ذلك، أي والد الضحية، فطلب عنوانه، فأخبروه بأنه موجود في مستشفى رفيديا بعد اعتداء رجال الأمن عليه أمام سجن جنيد، توجه الدكتور أبو زعرور إلى المستشفى لكي يقنع والد فادي بالتوقيع على التشريح، فرفض، ولا تزال جثة الضحية موجودة في معهد التشريح حتى صدور هذا البيان.

 

يشار إلى أن جدالاً جرى في ساعات الصباح بين والد الضحية وأشقائه من جهة، وبين ضباط وحراس السجن الذين رفضوا السماح لهم بالدخول إلى السجن ومشاهدة جثة نجلهم من جهة أخرى، وتطور الجدال إلى إطلاق نار في الهواء من قبل أفراد الأمن الفلسطيني الذين اعتدوا بالضرب بالهراوات على أهالي الضحية لتفريقهم، أسفر ذلك عن حدوث كسر في جمجمة والد فادي، وكسر في اليد اليسرى لشقيقه محمد، فيما أصيب شقيقه هاني بكدمات في الكتف والظهر، واثنان آخران من أقاربهم، وتم نقلهم إلى مستشفى رفيديا للعلاج، وأُعلِنَ عن منطقة السجن منطقة عسكرية مغلقة.

 

من جهته، أفاد العميد عدنان الضميري، الناطق الرسمي باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، لباحث المركز أن المعتقل فادي حمادنة، محتجز لدى جهاز المخابرات العامة منذ تاريخ 15/6/2009، وقد أنهى التحقيق بتاريخ 25/6/2009، وينتظر قرار الإفراج عنه، وكان موجوداً في غرفة مفردة في سجن الجنيد بنابلس وليس في مكان التحقيق.

 

وذكر أن أفراد الأمن فوجئوا صباح (أمس) بأن المعتقل قد ربط أحد "الشراشف" حول عنقه، ووجد ميتاً في الغرفة، وقام أفراد الأمن باصطحاب زوج شقيقته المحتجز في الغرفة الجانبية للمعتقل، ويدعى شاكر دبابسة فوراً، لإلقاء نظرة عليه والتأكد من أنه قام بشنق نفسه.

 

وأضاف: "نحن نقوم بتحقيق شفاف، وقد عرضنا على أهل المتوفى إحضار طبيب من قبلهم، تختاره العائلة من جهة محايدة"، وقال: "ليس لدينا ما نخفيه، ونؤكد أن العنف والتعذيب محرم في القانون الفلسطيني ويعاقب من يمارسه، وسنعلن النتائج بعد استكمال عملية التحقيق".

 

وطالب المركز الفلسطيني النيابة العامة في رام الله بفتح تحقيق جدي في هذه الوفاة ونشر نتائج التحقيق على الملأ، وفي حال ثبوت وقوع جريمة، يطالب المركز بملاحقة الضالعين فيها وتقديمهم للعدالة.

 

وذكّر المركز بأن التعذيب محظور بموجب القانون الفلسطيني وأنه يشكل انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان التي تكفلها المعايير والاتفاقيات الدولية، وبخاصة اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام 1984. ويؤكد المركز أن جرائم التعذيب لا تسقط بالتقادم.

 

واكد المركز أن عمليات الاعتقال ينظمها القانون الفلسطيني وتقع في اختصاص مأموري الضبط القضائي وقوامهم الشرطة المدنية وأنهم يخضعون مباشرة لأوامر وإشراف النائب العام.

 

واكد بأن الاعتقال السياسي محرم وفقاً لقرار محكمة العدل العليا الفلسطينية الصادر بتاريخ 20 فبراير 1999، وأن على جميع الجهات التنفيذية احترام قرار المحكمة والامتناع عن ممارسة الاعتقالات السياسية غير المشروعة.

 

من ناحيتها، عبرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" بخطورة لتكرار حالات الوفاة في مراكز الاحتجاز التابعة للأجهزة الأمنية  في الضفة الغربية، حيث تابعت الهيئة منذ بداية العام 2009، ثلاث حالات وفاة في مراكز احتجاز تابعة للأجهزة الأمنية الفلسطينية.

ووفقاً لمعلومات الهيئة فقد توفي المواطن فادي حسني عبد الرحمن حمادنة 27 عاماً من عصيرة الشمالية بمحافظة نابلس صباح يوم الاثنين الموافق 10/8/2009، وقد كان موقوفاً  لمدة ستة شهور من قبل رئيس هيئة القضاء العسكري منذ تاريخ 15/6/2009، وهذا في حد ذاته يشكل مخالفة واضحة للقانون الأساسي المعدل وقرارات محكمة العدل العليا بعدم عرض المدنيين على القضاء العسكري.

 

ومنذ اللحظات الأولى وفور تلقي الهيئة نبأ وفاة المواطن المذكور، قامت الهيئة بصفتها الهيئة الوطنية لمتابعة قضايا لحقوق الإنسان، بمتابعة خطوات وإجراءات التحقيق الأولية، وقد قامت على الفور بتكليف طبيب أخصائي طب شرعي من كلية الطب في جامعة النجاح، بالإضافة إلى أطباء قسم الطب الشرعي في وزارة العدل، علماً بأنه سينضم هذا اليوم أخصائي طب شرعي دنماركي منتدب من قبل الأهل وبترتيب من مؤسسة الحق، كذلك قام ممثلو الهيئة بمعاينة أولية للجثة والتقاط بعض الصور الفوتوغرافية ومرافقة الأطباء حتى لحظة البدء بعملية التشريح.

 

وتعتقد الهيئة، وبغض النظر عن ما سيسفر عنه التحقيق الجاري في أسباب وملابسات وفاة المواطن حمادنة، أن ممارسة الأجهزة الأمنية للضغط الجسدي والنفسي، وسوء المعاملة على المعتقلين وعدم إتباع الإجراءات القانونية في توقيفهم، واحتجازهم في أماكن غير منظمة وفقاً للقانون، ولفترات طويلة في ظروف معيشية وصحية صعبة، تشكل أسباباً مباشرة وغير مباشرة لوقوع تلك الحالات، مما لا يعفي السلطة الوطنية الفلسطينية من تحمل مسؤولياتها تجاه الموقوفين.

 

وطالبت بالعمل على الأخذ بعين الاعتبار عند إجراء التحقيق في ظروف وفاة المواطن حمادنة كافة الظروف التي أحاطت بعملية اعتقاله، وظروف الاحتجاز التي كان يعيشها قبل وفاته، وعدم الاكتفاء بنتائج التشريح فقط.

 

كما شددت على ضرورة، نشر كافة نتائج التحقيق والملابسات المحيطة بوفاة المواطن حمادنة، وتمكين المواطنين والأهل بخاصة من الاطلاع على تلك النتائج.

 

كما طالبت بالتوقف الفوري عن عرض المدنيين على القضاء العسكري، وإحالة كافة الملفات المنظورة أمام القضاء العسكري للنيابة العامة، والقضاء النظامي صاحب الاختصاص الأصيل.

 

ودعت إلى نقل كافة الموقوفين لدى الأجهزة الأمنية إلى أماكن احتجاز منظمة وفقاً للقانون تتوافر فيها الظروف الملائمة للاحتجاز، مطالبةً بإصدار إعلان رسمي بتحريم التعذيب بكافة أشكاله في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعدم الاكتفاء بالالتزامات الشفوية من قبل رئيس السلطة ورئيس الحكومة بهذا الخصوص.

 

كما أكدت على ضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من تثبت إدانته بالتقصير أو الإهمال أو التسبب في وفاة المواطن المذكور، أو غيره من المواطنين، وكذلك معاقبة كل من يمارس أو يتستر على أي حالة تعذيب.

 

ودعت إلى تسهيل عمل الهيئة من أجل الالتقاء بكافة الأطراف والاستماع إلى شهادات الشهود، خاصة أولئك الذين رافقوا المواطن المذكور خلال فترة احتجازه للتحقق من المعلومات حول ظروف الحادثة.