خبر محطة اخيرة: ذكرى سيئة -إسرائيل اليوم

الساعة 08:41 ص|10 أغسطس 2009

بقلم: يوسي بيلين

 (المضمون: المحطة المركزية القديمة في تل ابيب لا تزال باقية على حالها رغم بؤسها وفقرها وتلوثها مع انهم تحدثوا عن هدمها قبل عقود من الزمن - المصدر).

كطفل كرهت المحطة المركزية في تل ابيب. كانت حاجة للسير من البيت من شارع كليشر الى شارع اللنبي الى الصعود الى خط 5. كان هذا خط باص مليء على نحو خاص، والاطفال اضطروا الى الوقوف فيه، دوما تقريبا. اذا كانوا يقفون الى جانب الباب الخلفي كان عليهم ان يساعدوا في فتحه في كل محطة. في حينه لم يكونوا اخترعوا الباب الاوتوماتيك. وهذا، بعد رحلة طويلة ومضنية كنا نصل الى المحطة المركزية المكتظة، الملوثة، المليئة بدخان السيارات، الفوضى الكبيرة، الدكاكين المغلقة، الروائح التي تصدر عن المراحيض العامة والكثير من ابناء البشر، وهم يسارعون دوما.

هناك، بالحظ فقط كان بوسعك ان تعثر على محطة الباصات السليمة، الى جانب الرصيف المدور، وانت تنتظر على الدور احيانا لساعات واحيانا اقل الى ان تنجح في ان تجلس في المكان المناسب وعندها تنطلق في الرحلة الطويلة الى القدس، الى حيفا او الى الاعمام في الكيبوتس.

قبل 40 سنة بالضبط، عندما قبلت للعمل كمراسل في صحيفة "دافار"، استدعيت الى محرر الصحيفة يهودا غوتهيلف، كي اتلقى مهمتي الاولى. طلب مني ان اعد  تقريرا كبيرا تحت عنوان "وداع المحطة المركزية القديمة". وشرح لي بان المحطة توشك على ان تنقل قريبا الى مكان مجاور وانه يتوقع مني ان اكتب ريبورتاجا (لم يكونوا يتحدثون في حينه بلغة "التقرير الملون") عن المحطة الحالية التي ستدمر بالتأكيد قريبا.

المهمة هي مهمة. سافرت (في خط 5، هذه المرة مع بوابة اوتوماتيكية بل ومع عامود بطاقات من الخلف) الى المحطة المركزية باحساس طيب لمن يوشك على ان يتخلص من مكان لا يحبه.

التقيت بباعة متجولين شرحوا لماذا من الخطأ نقل المحطة الى مكان اخر، وتحدثت مع سواقين اعربوا بالذات عن فرحهم للانتقال الى مكان اخر كما التقيت بعدد من المسافرين الذين سارعوا مثلما هي عادتهم نحو طريقهم ولكن مع ذلك كانوا مستعدين لان يقدموا لي بضع جمل من الحنين للمكان القديم والطيب الذي منه وصلوا الى مقاصدهم على مدى عشرات السنين.

التقرير نشر، غوتهيلف الشيخ كان راضيا ولكن المحطة المركزية بقيت على حالها.

سنوات عديدة بعد ذلك،، عندما كنت في فصل اخر من حياتي، دعيت الى احتفال تدشين المحطة الجديدة والى جولة في المبنى الجديد والمثير للانطباع. انتقالا من احساس الالتزام لقراء تقريري من العام 1969 سألت متى ستهدم المحطة القديمة. اجابوني ان هذه هي الان مسألة وقت ولا يوجد اي سبب يدعو الى ابقائها هناك.

سنوات طويلة اخرى مرت. معظم قرائي قضوا نحبهم دون ان يبرر ريبورتاجي ذاته. المحطة المركزية القديمة حية ترزق، والله وحده يعرف لماذا. وهي منفرة اليوم مثلما كانت في الماضي، بائسة، فقيرة وملوثة. وكدت ارفع يدي الى ان قرأت قبل ايام قليلة بانهم يوشكون على هدمها وبناء ابراج محلها.

لن يستطيعوا خداعي بعد اليوم. لست مستعدا لان اكتفي بنبأ في صحيفة. هذه المرة لن اصدق الى ان اراها تهدم امام ناظري.