خبر حوار في الظلام..هآرتس

الساعة 08:23 ص|07 أغسطس 2009

بقلم: تسفي بارئيل

محمود احمدي نجاد يمكنه ان يكون راضيا. فالولايات المتحدة اعربت هذا الاسبوع عن اعترافها برئاسته مع أن زعماء العالم لم يصلوا الى احتفال الترسيم أول أمس بل وامتنعوا عن ارسال برقيات التهنئة، فمثلث القوة في ايران بقي على حاله: الزعيم الاعلى علي خمينئي، الحرس الثوري واحمدي نجاد.

الان يأتي التصدي الكبير للضغوط من الداخل ومن الخارج. "خطة العقوبات الموسعة" على ايران والتي اقترحتها الاسبوع الماضي الادارة الامريكية والجدول الزمني الدقيق للحصول على رد ايران على عرض الرئيس براك اوباما الشروع في حوار – حتى افتتاح دورة الجمعية العمومية للامم المتحدة في نهاية ايلول – ليست فقط اشارات تحذير لايران. كما أن الخطة تبرز الخطوط الاشكالية للاستراتيجية الامريكية. نقطة الضعف المركزية فيها هي أن طلب اجراء الحوار لا يترافق والتفاصيل عن الاهداف التي تسعى الولايات المتحدة الى تحقيقها من خلاله. وهكذا تبقى عدة مسائل اساس دون جواب – هل الهدف هو وقف تخصيب اليورانيوم؟ ام ربما يدور الحديث عن الوقف الشامل للبرنامج النووي؟ هل سيسمح لايران بتطوير تكنولوجيا نووية لاغراض سلمية، مثلما اوضح اوباما في خطابه، وما هي رزمة الامتيازات التي ستكون الولايات المتحدة مستعدة لان تعطيها لايران بالمقابل؟

المشكلة الثانية تكمن في القدرة على تطبيق العقوبات المقترحة. فليست هذه هي المرة الاولى التي تفهم فيها واشنطن بان استيراد الوقود هو رافعة حيوية للضغط على ايران. فايران تستورد 20 – 25 مليون لتر من الوقود يوميا. ويزود الوقود المستورد نحو 40 في المائة من الاستهلاك المحلي، وليس لدى ايران القدرة على تصفية ما يكفي من الوقود لذاتها كي توفر هذه الكميات.

خمس شركات، أربعة اوروبية وواحدة هندية،  تزود ايران بوقودها. واشنطن وان كان بوسعها أن تفرض العقوبات على هذه الشركات، ولكن في هذه النقطة من شأن اوباما أن يصعد الى مسار صدام مع نظرائه الاوروبيين. هكذا كان في عهد بيل كلينتون. فقد شرح الاوروبيون للرئيس الامريكي بان الرد على عقوبات ضد شركات اوروبية ستكون عقوبات اوروبية على شركات امريكية. فهل ينجح اوباما في اقناع زعماء اوروبا بالتخلي عن هذا التهديد والانضمام الى العقوبات؟ وحتى لو نجح في ذلك، تبقى في مكانها مسألة قانونية واقتصادية جسيمة. شركة توتال الفرنسية، احدى مزودات الوقود لايران، تملك ايضا امتيازات بالتنقيب عن حقل غاز جنوبي فارس في ايران. اذا توقفت صفقاتها مع ايران، فان الشركة ستطالب بتعويضات عالية. الشركة الهندية ريلينس، التي تزود ايران بالوقود تتطلع الى نقل الغاز من حقل فارس الى الهند عبر الباكستان. ومن الصعب توقع ان توافق الشركة الهندية على التخلي عن هذه الصفقة الكبرى.

شركة اخرى تستثمر في مشاريع كبرى في ايران هي فيتول السويسرية. يمكن لواشنطن ان تمنع فيتول من الحصول على عقد لتزويد الوقود الى مخزون الاحتياط الامريكي. الشركة الهندية من شأنها ان تتعرض للمصاعب اذا واصلت تزويد ايران بالوقود، ولكن خلفها تقف حكومة الهند التي تعارض فرض العقوبات على ايران. الاقتراح بفرض قيود ابحار على السفن الايرانية ليس جديدا. مثل هذه القيود سبق أن فرضها الرئيس السابق جورج بوش، دون نجاح. تطوير النووي الايراني لم يتوقف.

حيال الضغط الامريكي فان المجلس الايراني للامن القومي يعد سلسلة من الاقتراحات التي يفترض ان تقدم جوابا على مطلب الحوار. ضمن امور اخرى علم أن ايران ستكون مستعدة لان تشدد الرقابة على منشآتها ولكنها لن تتنازل عن حقها في مواصلة تخصيب اليورانيوم.

المعادلة الامريكية، التي تأمل في الحصول على وقف التخصيب مقابل رزمة امتيازات في المجال الاقتصادي، لم تتبناها ايران في عهد بوش ويبدو أنها لن تتبناها ايضا في عهد اوباما. ومع ذلك، يبدو أن ايران ستبدأ بالحوار كي تزيل عنها تهديد العقوبات، ولكنها ستمتنع عن تحديد جدول زمني لانهائه. القرار في هذا الشأن ليس في يد احمدي نجاد بل هو ضمن تفكر خمينئي الذي حتى الان لم يظهر بوادر تأييد لهذا الحوار. ولكن ليس فقط بانتظار اوباما منافسة مضنية مع النظام الايراني. بل ان لاحمدي نجاد ايضا من غير المتوقع ان تكون له ولاية ثانية سهلة. وترسيم حكمه يوم الاربعاء بالذات اوضح بان القيادة الايرانية تجد صعوبة في رأب الصدع في صفوفها. فقد تغيب عن الاحتفال لدى خمينئي مثلا الرئيسان السابقان محمد خاتمي وهاشمي رفسنجاني. وفي البرلمان يزعج النواب احمدي نجاد.

على رأس البرلمان يقف علي لاريجاني، خصم احمدي نجاد. وفي الايام القريبة سيطلب الرئيس اقرار البرلمان لسلسلة تعيينات في حكومته، في اطار اعادة التنظيم التي وعد بها. وينتظر البرلمان هذه الخطوة التي ستوفر له الفرصة لاظهار قوته امام الرئيس.

مسار العراقيل السياسية ظاهرا لا ينبغي أن يقلق احمدي نجاد، الذي دخل الى فترة رئاسية ثانية واخيرة، ولكنه يثير المخاوف الكبيرة في قلب المواطنين الايرانيين، الذين لا يزالون لا يرون كيف ستحل الحكومة المشاكل الاقتصادية العسيرة. كما أن خمينئي قلق. فالاخفاقات الاقتصادية لاحمدي نجاد ستوضع في النهاية امام باب خمينئي الذي سيضطر الى ان يتخذ لنفسه قرارات صعبة. وسيكون خميئني مطالبا بان يتحمل المسؤولية المباشرة عن الوضع، ومن هذه المسؤولية تمكن من الافلات حتى الان.