خبر اذا فقدت الشعب فقدت الحكم.. معاريف

الساعة 09:38 ص|05 أغسطس 2009

بقلم: نداف ايال

تبدو لنا نحن الاسرائيليين، معارضة نظام آيات الله في ايران شبه مفهومة ضمنا. نحن نرى طهران بادئة بدء بمنزلة قلب نظام يلتزم العمل لمواجهة اسرائيل. ان الاحتجاج على نتائج الانتخابات يخدم الزعم الاسرائيلي الغربي الذي يرى ايران حكما دينيا شموليا تقوده نخبة ثورية.

على مدى سنين، ولا سيما منذ 1997، كانت ايران الحقيقية بعيدة عن هذه الصورة الصارمة. كان من المعتاد في واقع الامر القول في الجامعات عن ايران انها الدولة الاكثر حرية في المنطقة شرقي اسرائيل.

وعلى رغم انها لا تعرف قط على انها ديمقراطية، فان الجمهورية الاسلامية امتازت بمميزات عدة لم توجد لاي دولة مسلمة اخرى في الشرق الاوسط الا وهي وجود احزاب، وامكان تبادل الحكم بانتخابات ووسائل اعلام نقدية (نسبيا). تنشر في ايران على نحو ثابت صحف معارضة، ويتم بينها وبين شعب من النظام لعبة القط والفأر: فمرة تغلق واحدة واخرى تفتح ثانية. لم تكن ايران – وما تزال – ديكتاتورية مثل سورية لعائلة الاسد. وبخلاف مصر، يستطيع الحكام ان يتبدلوا فيها.

لا داعي الى تجميل الواقع: ان علامات الحرية السياسية وجدت دائما داخل اطار الجمهورية الاسلامية والعقيدة الثورية. عندما تدخل موقع انترنت موسوي، زعيم المعارضة الحالي، توجد فقط صورة واحدة في صفحة الموقع هي صورة آيات الله الخميني. وعندما يدعو حيلفه خاتمي للديمقراطية فانه يستعمل مقتبسات من اقوال الخميني.

لا مكان في السياسة الايرانية لحزب ليبرالي يتكلم على فصل الدين من الدولة، وعلى حقوق الانسان والمواطن التي تقف فوق الاحكام الدينية.

بعبارة اخرى كانت ايران مخلوقا مسخا على المحور بين الديكتاتورية الشمولية والديمقراطية. مزية الجمهورية الاسلامية الكبرى، بالقياس على دول مثل مصر وسورية انها مكنت الجمهور من التمثيل والمشاركة في لعبة الحكم، وبهذا استطاعت ان تثبت اركان دولة قوية. اعتاد نظام الحكم في طهران ان يقذف الدول العربية بالعيب لصورة الحكم الملكية – الديكتاتورية التي تميزها، وعرض نفسه على انه بديل عدل. لكن اللعبة الديمقراطية في ايران كانت محدودة بصرامة (رفض نصف المرشحين في الانتخابات الاخيرة من اجل مواقف اصلاحية) لكنها على الاقل اثارت انطباع وجود نظام تعتمد قوته على مواطنيه. بل وجد باحثون ظنوا ان ايران تجسد وعد اقامة ديمقراطية اسلامية حقا.

من هذه الجهة، تلقت ايران ضربة استراتيجية شديدة في احداث الانتخابات الاخيرة. فقد تبين لاول مرة على نحو جلي علني ان نخبة نظام الحكم الثوري تحاول ان تحتفظ بقوتها على حساب الدستور الاسلامي والقواعد الاساسية التي ميزت نظام الحكم في ايران منذ موت الخميني. تدل المظاهرات الضخمة في طهران وقمعها على ضعف عظيم لزعماء طهران، ضعف يميز كل نظام غير ديمقراطي على نحو واضح: عدم الاعتماد على مشاركة الشعب وفتح ثغرة مدمرة نتاج ذلك بين الحاكم والمحكوم. من هذه الثغرات تنشأ الثورات.