خبر أسواق غزة تعج بالفقراء بحثاًًً عن صدقات الـميسورين والتجار

الساعة 05:25 ص|04 أغسطس 2009

 

فلسطين اليوم-غزة

"لن أجد مكانا أفضل من السوق للحصول على المساعدات سواء من أصحاب المحال أو الميسورين الذين يأتون للتسوق، خصوصا في أيام الإجازات"، هذا ما قاله المواطن الأربعيني الذي يجد في تواجده الدائم في الأسواق ملاذا للهروب من الفقر والعوز.

وشكلت الأسواق رافعة وإنقاذاً للمواطن الذي رفض الكشف عن اسمه الحقيقي، مفضلا بمناداته باسم "أحمد"، من الفقر المدقع الذي يتعرض له منذ سنوات عدة بسبب عدم مقدرته على العمل.

ويعترف أحمد بارتياده الأسواق، خصوصا سوقي الشيخ رضوان وفراس، منذ أكثر من عامين للحصول على مساعدات عينية يمنحها له البائعون وبعض الميسورين الذين تعودوا على رؤيته بجانب البسطات والمحال.

ويضطر أحمد لمساعدة الكثير من أصحاب البسطات الذين يبسطون بأريحية يوم الجمعة فقط في الساحة الخلفية للسوق من أجل الحصول على كميات وفيرة من الخضراوات والفواكه التي لا يستطيع شراءها.

وفعلا يتمكن أحمد بعد الساعة الثانية ظهرا من الحصول على كميات كبيرة ووفيرة من الخضار والفواكه وحتى بعض اللحوم المجمدة، فقد شوهد وهو يحمل كميات كبيرة من المساعدات العينية.

ويبرر ما يقوم به بفقره الشديد وعدم مقدرته على القيام بأشغال متعبة كما هو متوفر الآن في القطاع، مشيرا إلى أن عائلته أضحت منذ ثلاث سنوات تعيش على المساعدات التي تتلقاها من منظمات أممية ومساعدات أخرى تقدمها مؤسسات وبعض صدقات المحسنين، إضافة إلى المردود اليومي لما يقوم به.

وأبدى رضاه عما يجنيه ويحصله يوميا من المساعدات العينية من السوق، مؤكدا أنه يوفر الخضار والفواكه، وفي الغالب اللحوم.

ويؤكد أحد الباعة في السوق أن أحمد والعشرات من المواطنين والأطفال يجوبون السوق يوميا لنفس الغرض، حيث يعرض غالبية هؤلاء خدماتهم ومساعداتهم للتجار مقابل بعض المساعدات العينية.

ويشير التاجر ماهر عوض الذي يبيع في السوق منذ ست سنوات، إلى أنه يرى أشخاصا يترددون على السوق لنفس الغرض الذي جاء إليه أحمد، مؤكدا أنه والكثير من التجار لا يبخلون على هؤلاء بأي شيء يستطيعون تقديمه.

وإذا كان أحمد يبرر ما يقوم به بضعفه، فإن الشاب روحي في التاسعة عشرة من عمره، برر ما يقوم به بإسكات والده الذي يلح عليه ويطلب منه باستمرار العمل من أجل الإنفاق على أسرته.

وقال روحي الذي يحاول أن يقايض عمله بأجر مادي حتى يمنحه لوالده إنه يضطر إلى المكوث في السوق وعرض خدماته بعد أن تقطعت به السبل ولم يعد يجد عملا.

ويفشل روحي صاحب الجسد الممتلئ في الحصول على النقد مقابل عمله ويقبل في النهاية بعض أكياس الخضار والفواكه من قبل عدد من التجار وأصحاب البسطات الذين تحولوا إلى شبه أصدقاء له.

ويشير روحي الذي يبحث يوميا عن عمل إلى أن الكثير من الأصدقاء يعرضون عليه العمل ولكن بسعر زهيد جدا لا يتناسب مع قوته والمردود المتوقع، فيرى في استمرار عمله بمساعدة أكثر من تاجر أفضل من الالتزام مع أحد التجار الذين يريدون العمل معهم طيلة اليوم لقاء خمسة عشر شيكلا يوميا.

ويؤكد التاجر بلال إسعيد أن قدرة تجار الخضار على الدفع محدودة إذ يفضل أن يمنح العامل أو المساعد له كميات من الخضار التي تتبقى حتى آخر النهار.

واشتكى من ضعف الحركة الشرائية وانخفاض المردود والأرباح، مشددا على أن التجار لا يبخلون على من يطلب المساعدة في حال كان البيع جيدا.

المواطن أبو أنس يبيع بعض أنواع المنظفات للحصول على المساعدات، ويعترف بأنه يمارس البيع حتى يحفظ مكانه في السوق وبين التجار الذين يمدونه ببعض الحاجيات الفائضة آخر النهار.

وبلغت نسبة الفقر والبطالة في صفوف المواطنين والشباب في قطاع غزة ذروتها خلال السنة الأخيرة بسبب اشتداد الحصار وتوقف المصانع عن العمل، حيث بلغت نسبة البطالة بحسب تقارير دولية ومحلية أكثر من 70% فيما تعدت نسبة الفقر 80%.

وتبقى أوضاع المواطنين في القطاع مرشحة للمزيد من الفقر والعوز في ظل استمرار الحصار وانحسار المساعدات وعدم وجود أفق سياسي لحل مشكلة الانقسام.