خبر لا أريد أن أعرفهم- معاريف

الساعة 08:49 ص|02 أغسطس 2009

بقلم: ياعيل باز ميلميد

 (المضمون: كلما تعرفنا على طائفة الاصوليين ازداد الشرخ بيننا وبينهم. نعم للفصل المطلق. لا مفر من التخلي عن حلم الشعب الواحد - المصدر).

"إعرفهم وستحبهم"، تقول جملة قصيرة وموجزة في معظم الحالات ليس هناك أصح منها. وهي تنطوي على افتراض بأن المعرفة الاكثر وثوقا بشخص ما، او مجموعة من الناس، تعرضوا للوصمات المسبقة دون معرفتهم حقا، ستؤدي الى شطب جزء من تلك الوصمات والى رؤية مغايرة، اكثر عطفا.

كل هذا، لاسفي، ليس صحيحا عندما يدور الحديث عن اجزاء معينة من المجتمع المنسجم جدا للاصوليين، والذي واضح مسبقا بان كل تعميم بشأنهم يوجد فيه نوع من التشويه. ومع ذلك، من الصعب على المرء الا يعمم. لعشرات السنين وهم يعيشون معنا ظاهرا، وبين ظهرانينا ظاهرا، اما عمليا فليست لدينا أدنى فكرة عمن هم وما هم. نحن نعرف بضع حقائق أساس، مثل تلك، المثيرة على نحو خاص للحفيظة بأن الكثيرين منهم لا يخدمون في الجيش، وان عائلاتهم كبيرة جدا، وان جزءا من الرجال لا يعملون الا في تعلم التوراة ولا يخرجون الى العمل كي يعيلوا عائلاتهم الكبيرة. وهم يعتقدون عنا نحن العلمانيين، امورا أشد وأقسى بكثير. وهذا ليس موقفا استهلاليا مناسبا للتقارب حقا.

في الاسابيع الاخيرة كانت لنا فرصة للتعرف عليهم بشكل افضل. فقد بدأ هذا بالاضطرابات الشديدة في القدس على فتح موقف سيارات كارتا في ايام السبت، وتعاظم الى حجوم مخيفة في اعقاب ما سمي بقضية "الام المجوعة". بعض من الاهتمام الذي يبديه الجمهور لمصير طفل صغير ابن ثلاث سنوات ونصف، جوع حتى الموت تقريبا، وأمه، التي حسب الاشتباه بذلك كل جهد مستطاع كي لا يتحسن وضعه الصعب، ينبع ايضا من الفرصة التي اعطيت للجمهور الغفير للاطلاع للحظة على العالم الغريب وغير المعروف لطائفة مثل "تولدوت أهران".

بعض المعرفة ليس فقط لا تجلب المحبة، بل العكس بالضبط هو الذي حصل. قشعريرة تملكت الكثيرين لمشهد مئات من اهالي "تولدوت" هذه، ممن يحمون بتفانٍ أما مشبوهة بفعل على هذا القدر من الفظاعة. كما أن مئات الشبان والاطفال الذين خرجوا في ايام السبت ليرشقوا الحجارة ويعربدوا في القدس لم يحدثوا محبة كبيرة، بل فهما في أن الشرخ أعمق بكثير مما كنا نعرف، وكلما عرفنا – هكذا يتعمق.

اين يمكن ان يمر الخط الذي يربط بين مجتمع علماني، يؤمن بقيم الديمقراطية، المساواة والليبرالية، وبين مجتمع منعزل كل رغبته هي ان يقيم هنا دولة "شريعة"؟ لماذا سنرغب على الاطلاق في أن نتعرف على طائفة تطلب بكل القوة ضد اطباء يحاولون انقاذ طفل واحد صغير عديم الحيلة. لماذا سنرغب في أن نتحدث وان نكون "شعبا واحدا" مع كل اولئك الطلاب الدينيين العنيفين؟

لا توجد أي مواساة في أن ما نحن نفكر به عنهم، يفكرون به عنا، وبتطرف اكبر. يكفي أن نسمع الوزير السابق شلومو بينزري يستخرج من المخزن العفن الادعاء الممجوج بشأن تنطح الاشكنازيين للشرقيين المساكين، والذي هو فقط، وليس افعاله، هو الذريعة لتشديد عقابه ورفعه الى أربع سنوات. ها هو وجه آخر للصدع الكبير، غير القابل للجسر.

احصاء مخزون عدد "الشعوب" التي يتشكل منها المجتمع الاسرائيلي بشع جدا، وهو اغلب الظن لا يسير نحو التغير. وعليه، لاسفنا، ملزمون بان نحافظ على فصل القوات. فليعيشوا هم حياتهم ونحن حياتنا دون أن "نعرف" الواحد الاخر. ومن هنا، فان كل كفاح لسكان حي ما، مثل كفاح سكان حي رمات افيف، ممن يحاولون منع سيطرة الاصوليين على اجزاء من حيهم الهادىء، محق وسليم. فليس لنا ما نبحث عنه في بني براك ومئة شعاريم وليس لهم ما يبحثون عنه في رمات افيف واحياء مشابهة له. نعم، فصل مطلق. لا مفر من التخلي عن حلم شعب واحد.