خبر التفكجي: الخطط الاستيطانية تقضي بتقسيم الضفة لعدد من الكانتونات الممزقة

الساعة 01:50 م|01 أغسطس 2009

فلسطين اليوم – القدس المحتلة

أكد خليل التفكجي الباحث المقدسي المختص في شؤون الخرائط والاستيطان، أنّ المخطط الاستيطاني الإسرائيلي مستمر، برغم كل ما يقال عن وقف للاستيطان، قائلا:" إنّ ما يجري الآن هو خطة استيطانية تقضي بتقسيم الضفة لعدد من الكانتونات الممزقة دون تواصل جغرافي".

 

وقال التفكجي في مداخلته المدعومة بعدد كبير من الخرائط التفاعلية:" لخصت ماضي وواقع الاستيطان ومخططاته المستقبلية حيث أن الحديث عن دولة فلسطينية هو في واقع الأمر حديث عن عدد من الكانتونات التي ستتواجد بجانب دولة أخرى في الضفة الغربية، هي دولة المستوطنين والمستوطنات"، مشيرا الى أنّ العمل جاري الآن على الربط بين المستوطنات لتكون دولة مترابطة جغرافيا، فيما يتم العمل لبناء ما قد يسمى دولة فلسطينية، متواصلة "مواصلاتيا"، أي عبر بعض الأنفاق والطرق، منوهاً أنّ هناك أنفاق يتم إنشاءها بالفعل بين الكانتونات.

 

وفيما يتعلق بالقدس أوضح التفكجي أنّه تم مصادرة نحو 35% من أراضي القدس ، مشيراً إلى انّ جدار الضم والتوسع أخرج نحو 125 ألف من سكان القدس العرب من شرق القدس.

 

وأوضح أنه إضافة إلى تغيب القدس كعاصمة لفلسطين فإن الوضع الصحي سيئ والتعليم في المدارس بسبب إغلاق مناطق الضفة " الرام والعيزرية وأبو ديس" أدى الى هجرة طلابية مما رفع نسبة الطلاب في نفس الصف وأثر على التعليم ومستوى الثقافة.

 

وأشار التفكجي أنّ إسرائيل تنفق مبالغ كبيرة تصل إلى 1.5 مليار دولار سنويا لفرض أمر واقع جديد في القدس، بما في ذلك مخطط من الأنفاق والإنشاءات في القدس القديمة، وبما يتضمن إخراج عدد كبير من سكان البلدة القديمة في القدس عام 2020 ، حيث أعطى تصورا إسرائيليا للقدس كما يراه مخططين إسرائيليين وهو تطوير المدينة وتقوية مركزها باعتبارها عاصمة الدولة العبرية ومركزا للشعب اليهودي ومدينة مقدسة، وكذلك تقوية مركزها الاقتصادي والاجتماعي وخلق احتياطي أراضي للبناء السكني، وهذا يعني أن محاولة إسرائيل السيطرة على المدينة قد اتخذت منحى جديد وهو الصراع الديمغرافي.

 

وأكد على أن المؤسسة الاسرائيلية تنفذ مشروعاً شاملا لإحداث تغير جذري لمشهد البلدة القديمة والمقدسات والمعالم الإسلامية في مدينة القدس المحتلة ، مشيرا الى أن هناك مدينة سياحية اسرائيلية تحت البلدة القديمة فالأنفاق جزء من السياسة اليهودية المتبعة في مدينة القدس ، ومعروف أن هناك مجموعة من الأنفاق التي تم فتحها عام 1996م ومشروع النفق الذي يمتد من سلوان تجاه البلدة القديمة وهو تحت الإنشاء ومشروع نفق مقترح ما بين باب العمود باتجاه الحرم القدسي الشريف.

 

وأشار إلى أن كل ذلك يندرج ضمن السياسة الاسرائيلية في عملية تهويد المدينة وعملية مشروع "إسرائيل" اتجاه مدينة القدس لعام 2020 الذي يهدف إلى تقليص حجم السكان الفلسطينيين ، وأيضا عملية تغيير جذري لقضية المشهد في البلدة القديمة.

 

وبخصوص استمرار سلطات الاحتلال في الاستيطان والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية في القدس ، قال التفكجي :" في الفترة الحالية سلطات الاحتلال تنفذ خطتين رئيستين لتكثيف عمليات الاستيطان داخل القدس : الأولى، توسيع المستوطنات القائمة، والشق الثاني هو إقامة وحدات سكنية في داخل التجمعات الفلسطينية"، مؤكدا وجود تزايد وتسارع النشاطات الاستيطانية في المدينة المقدسة.

 

وأوضح التفكجي أن التوسع الاستيطاني في القدس ، يندرج ضمن إطار أكبر من ذلك بكثير وهو حدود بلدية القدس ، بمفهوم اسرائيلي واضح تماما وهي القدس الكبرى، التي تشمل منطقة "معاليه أدوميم" التي تقع في الشرق باتجاه غور الأردن، والجزء الثاني ويمتد باتجاه الشمال الغربي وهو "جيفعات زئيف" ، والجزء الثالث وهو يمتد نحو الجنوب الغربي وآخر ما تم الإعلان عنه 282 وحدة سكانية في "غوش عتصيون".

 

وتابع:" ان الجانب الاسرائيلي يسعى في هذا الاتجاه إلى إحداث تغيير ديمغرافي للصالح الإسرائيلي وفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها ، لأن الكتلة التي تمتد باتجاه الشرق كتلة "معاليه أدوميم" مكونة من 8 مستوطنات بعرض حوالي 15 كيلو متر وبعمق يصل حتى منطقة غور الأردن، وبالتالي الشمال والجنوب الفلسطيني سيكون تحت السيطرة الإسرائيلية.

 

وحول قضية "أسرلة القدس" وتهجير سكانها ونزع الهوية المقدسية من المواطنين الفلسطينيين ، أكد التفكجي أن الإسرائيليين يحاولون وضع المواطن الفلسطيني المقدسي أمام خيارات عديدة : إما أن يأخذ الجنسية الإسرائيلية أو يرحل لأنه حسب اتفاقية "أوسلو" لا يسمح لنا بحمل الهوية الفلسطينية، وحسب فك الارتباط نحن نحمل الوثيقة الأردنية وحسب الدخول للكيان الإسرائيلي نحن نحمل المقيمين وليس المواطنين.

 

وأوضح أن هناك عملية استغلال للوقت من أجل عمليات التهويد وبالتالي فقد خصصت الحكومة الاسرائيلية السابقة مليار ونصف المليار، من اجل تعميق الاستيطان داخل مدينة القدس وإقامة المشاريع سواء أكانت البنية التحتية أو المصادقة على مشاريع جديدةن ويضاف إلى ذلك ما خصصته بلدية القدس بحدود 50 مليون دولار ، من أجل إقامة البنية التحتية وكان آخرها الشارع الذي يلتهم حوالي 1250 دونما من أراضي القدس لربط مستوطنات الواقعة في الجنوب الغربي مع الشمال الشرقي.

 

وقال التفكجي:" إن هناك رؤية اسرائيلية مفادها أن الهيكل موجود قرب منطقة الكأس، ما بين المسجد الأقصى وقبة الصخرة. وبالتالي فالجانب الاسرائيلي سيستغل ظروف دولية ومحلية من اجل أن يقوم بوضع الحقائق على الأرض، خاصة في ظل الانقسام الفلسطيني الداخلي" ، مؤكدا أن التفريغات والحفريات التي تجري تحت ساحات المسجد الأقصى ، ستعرض الحرم القدسي للانهيار في أية لحظة.

 

وتحدث التفكجي عن المفهوم الإسرائيلي للقدس الكبرى حيث بدأ عام 1993 التخطيط للقدس الكبرى ضمن خطة هدفها جلب مئة ألف يهودي علماني في كل عام، الأمر الذي يعني استيعاب 500 ألف مستوطن بالقدس عام 2010.

 

وضمن سياسة التهويد، تحدث عن مشروع رئيس الحكومة الاسرائيلية السابق ارائيل شارون الذي أطلق عليه "البوابات"، وهو إقامة بؤر استيطانية داخل البلدة القديمة في القدس ، موضحا ان خطة عزل القدس وجدار الفصل ورسم حدود جديدة للقدس تتضمن : تقوية وتعزيز الوجود الإسرائيلي الأمني والاستيطاني خارج حدود بلدية القدس، وتقليص الوجود السكاني الفلسطيني في منطقة القدس، وربط حزام القدس الشرقية بالقدس الغربية عن طريق الأنفاق التي تم فتحها.

 

وتحدث أيضا عن تأثيرات جدار العزل على الأوضاع بالمدينة المقدسة الذي يتيح للقيّم على أملاك الغائبين أن يستولي على أملاك الفلسطينيين الذين يسكنون خارج الجدار، وهذا أدى على استلاء حق الفلسطينيين في الحركة وحرمانهم من حقوقهم المقدسية وذلك لعزل القدس بكل ما فيها من أحياء وقرى محيطة عن الضفة الغربية.

 

واستعرض التفكجي المشاكل الاجتماعية التي أوجدها الجدار نتيجة لمصادرة الأراضي وعدم السماح بالبناء والزيادة السكانية، وحيث انه يحتاج لبناء سكن جديد أدى ذلك الى هجرة من داخل القدس الى خارج حدودها لان البناء مريح ورخيص، كما في الرام والعيزرية وغيرها، وتزايدت الهجرة العكسية الى داخل القدس بعد بناء الجدار كما أدى ذلك الى زيادة الضغط بالوحدة السكنية الواحدة، واكتظاظ خلق مشاكل اجتماعية فارتفعت نسبة الطلاق وظاهرة المخدرات والاعتداءات الجنسية بين الأقارب ، لدرجة أنّ حالات الزواج باتت محكومة بالجدار، بمعنى أنّ من الصعب أن يحدث زواج بين من يسكنون على طرفي الجدار،موضحا أنّ من النتائج لذلك ارتفاع نسبة العنوسة وارتفاع نسب الطلاق على نحو غير مسبوق حيث تضطر العائلات الفلسطينية بسبب منع البناء للفلسطينيين للحياة في منازل مكتظة وأن تعيش عدة أسر في ذات المنزل ما يسبب الكثير من الإشكاليات.

 

وقال:" يجب أن نسأل أنفسنا لماذا البناء غير المرخص في الأساس، والجواب أنه بسبب مصادرة الأرض وبسبب الحد من البناء كان الحل عند المواطنين المقدسيين إما الخروج من حدود البلدية والبناء هناك أو البناء غير المرخص في داخل القدس وتحمل نتائجه"، موضحا أنه حتى عام 1967 كان للعرب 12000 وحدة سكنية ولليهود صفر، أما اليوم فيوجد 64 ألف وحدة سكنية لليهود مقابل 38 ألف وحدة للعرب فالقضية ديمغرافية .

 

وذكر أنه وخلال 5-10 سنوات لن تبقى قدس وهم يحاولون طمس هويتها العربية والإسلامية، كذلك المواطن المقدسي سيكون أمام خيارين أحلاهما مر ويؤثر تأثيرا تاما على الوضع النهائي لمدينة القدس: إما حمل جواز السفر الإسرائيلي وسوف يعتبرون إسرائيليين كما هو الحال مع عرب 48 أو حمل جواز سفر أجنبي فيعتبر أجنبي بلا حقوق مواطنة إما أن يحمل جواز سفر إسرائيلي يفقد فلسطينيته أو أن يحمل جواز أجنبي ويفقد حقه في الإقامة داخل أرضه ويتعرض للطرد.

 

واختتم التفكجي حديثه بالقول:" أهل القدس اليوم لا هم فلسطينيون لأنهم ليس معهم هوية فلسطينية ولا هم أردنيون لأنهم معهم وثيقة سفر أردنية ولا هم إسرائيليون لأنهم يحملون وثيقة إقامة وليسوا مواطنين".