خبر لماذا لا يتحدث أوباما إلى إسرائيل؟ ..ألوف بن

الساعة 11:15 ص|30 يوليو 2009

لماذا لا يتحدث أوباما إلى إسرائيل؟ ..ألوف بن

 

ـ الشرق الأوسط

في جولته العالمية وفي خطاباته التلفزيونية، تحدث الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى العرب وإلى المسلمين وإلى الإيرانيين والأوروبيين الغربيين والشرقيين وإلى الروس والأفارقة. وقد أثارت كلماته المشاعر وتلقتها الجماهير بالقبول في كل مكان.

لكنه لم يأبه بالحديث مباشرة إلى الإسرائيليين.

فما أثر ذلك؟ بعد ستة أشهر من رئاسته، يشعر الإسرائيليون بمزيد من الشك تجاه أوباما. فكل ما يرونه هو الضغط الأميركي على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتجميد المستوطنات، وهو الطلب الذي يُنظر إليه هنا على أنه ليّ ذراع سياسي يهدف إلى إسعاد الشارع العربي على حساب إسرائيل ـ أو ببساطة فإنه يعبر عن عدم حب الرئيس لنتنياهو.

وقد يبدو ذلك غير ذي جدوى، نظرا إلى الأهمية التي يضعها الرئيس على حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وإذا كانت إسرائيل جزءا من المشكلة، فإنها جزء من الحل كذلك. وحتى الآن، لم يدلُ الرئيس أو أي من كبار المسؤولين في إدارته بخطاب ولم يقم بعمل مقابلة تستهدف الجمهور الإسرائيلي، إلا ما يقال من بيانات موجزة في أثناء التقاط الصور الدبلوماسية.

فقد حصل العرب على خطاب القاهرة، وحصلنا نحن على الصمت.

إن سياسة تجاهل إسرائيل لها ثمن. فعلى الرغم من نجاح أوباما في الضغط على نتنياهو لقبول فكرة الدولة الفلسطينية بجانب الدولة الإسرائيلية، فإنه فشل في استمالة إسرائيل لتجميد المستوطنات. وفي حقيقة الأمر، فقد فشل حتى في إثارة الشك في حقيقة واحدة هي أنه لم يحدث أن عارض أحد السياسيين في إسرائيل نتنياهو وطالبه بدعم أوباما، ولو كان ذلك السياسي ينتمي إلى اليسار الإسرائيلي الذي يتشوق إلى أجندة جديدة ويتخذ من أوباما رمزا له.

ونتيجة لذلك، فإن نتنياهو ينعم بإجماع قومي ظاهر لمعارضته تجميد المستوطنات. وبالإضافة إلى ذلك، فقد نجح في تصوير أوباما على أنه حليف غير جدير بالثقة. فمن وجهة نظر نتنياهو، فشل الرئيس تحت تأثير كبار مساعديه ـ في قضية راهم إمانويل وديفيد أكسلرود ـ واللذين وصفهما رئيس الوزراء بأنهما «يكرهان اليهود». وفي الوقت نفسه، فإن نتنياهو هو المدافع عن المجد القومي في وجه الضغط غير العادل، وهو شخص يتقيد بالوصية الأولى في الثقافة الإسرائيلية، وهي أن لا يكون مغفلا. وحتى الآن، فإن الإسرائيليين قد أخذوا برسالة نتنياهو.

وقد أشار اقتراع أجرته «جروساليم بوست» على اليهود في إسرائيل خلال الشهر الماضي إلى أن 6 في المائة من المقترعين يعتبرون أن أوباما حليف لإسرائيل، بينما ترى نسبة 50 في المائة أن سياساته تنحاز إلى الفلسطينيين عن الإسرائيليين. والأقل أهمية من ذلك أن اليمينيين من الإسرائيليين ـ في أعمدتهم ومقالاتهم وبياناتهم العامة ـ قد اعتادوا مناداة الرئيس باسمه الأوسط حسين كدليل على أن له ميولا نحو العرب.

فما الخطأ الذي حدث؟ هناك عدة تفسيرات تتراءى لي.

أولها، أنه خلال الأعوام الوردية خلال فترة ولاية بيل كلينتون وجورج دبليو بوش والتي وصلت إلى 16 عاما، أصبح الإسرائيليون يعتمدون على الانتباه الرئاسي الشديد لهم. وقد مُحيت الذكريات التي كانت تقول إن العرب كانوا يقودون السياسة الأميركية في الشرق الأوسط. وقد نسق البيت الأبيض سياسته مع القدس وبقي بعيدا عندما بدأت إسرائيل عدوانها العسكري على لبنان وغزة. فهذا التوجه قد أغاظ حلفاء أميركا من العرب والأوروبيين، الذين ألقوا باللائمة على واشنطن لانحيازها التام إلى إسرائيل ـ وهو شيء كانوا على استعداد لغفرانه في أثناء فترة ولاية بيل كلينتون ولكن ليس في ولاية جورج دبليو بوش.

وقد تولى أوباما الرئاسة عازما على إصلاح التحالف الأميركي في أوروبا والشرق الأوسط. ولكي يفعل ذلك، ولكي يثبت أنه عكس سابقه، فقد كان عليه أن يحتفظ بمسافة بينه وبين إسرائيل.

ثانيا، بدا التوجه السياسي لأوباما بالنسبة إلى الإسرائيليين وكأنه سذاجة أميركية خطيرة. فقد مد الرئيس يده إلى الإيرانيين ولم يحصل على شيء، وقد منحهم مزيدا من الوقت للتقدم في برنامجهم النووي. ومن وجهة النظر الإسرائيلية فإنه قد ذاق الذل على يدي كوريا الشمالية بإجرائها اختبارات لصواريخها النووية. كما فشل في تحريك الحكومات العربية في طريق تطبيق العلاقات مع إسرائيل. والنتيجة: أن أوباما أبله ويتشوق إلى إرضاء المستمعين له ويتجنب المواجهة مع أي شخص ليس نتنياهو.

ثالثا، يبدو أن الأمر قد اختلط على أوباما بين اليهود الأميركيين والإسرائيليين. فنحن متقاربان عاطفيا وسياسيا لكننا مختلفان. ونحن نتكلم العبرية وليس الإنجليزية. ونحن نعيش في الشرق الأوسط ولنا تاريخ مختلف. فاستنكار أوباما الشديد لإنكار محرقة اليهود قد لقي صدى بين اليهود الأميركيين لكنه لم يكن له معنى في إسرائيل. ونحن نعلم أن التصميم والصراع الصهيوني ـ لا الشعور بالذنب للمحرقة ـ هو الذي جلب لليهود وطنا لهم. وقد غاظ خطاب أوباما الذي ربط بين وجود إسرائيل والمأساة اليهودية، العديد من الإسرائيليين الذين شعروا بأن بين ذلك الخطاب وخطاب الأعداء مثل محمود أحمدي نجاد تشابها.

رابعا، لقد أخطأ أوباما عندما ركز على قضية تجميد المستوطنات. فمعظم الإسرائيليين العاديين لا يستطيعون فعل شيء حيال هذه المستوطنات والعديد منهم ليست لديه فكرة عن مكان وجودها حتى وإن كانت على مسيرة نصف ساعة بالسيارة من تل أبيب.

والأكثر أهمية: أنه في العقد الأخير، أشارت مفاوضات السلام والبيانات الدبلوماسية المتكررة إلى أن المستوطنات الكبرى سوف تبقى في أيدي الإسرائيليين تحت حل الدولتين. لماذا إذن هذا الإصرار على تجميد المستوطنات في كل مكان؟ ولماذا إنكار وجود تفاهمات سابقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن البناء المحدود للمستوطنات؟ لا شك أن هناك الكثير من الأدلة التي تثبت وجود مثل هذه التفاهمات. وبالنسبة إلى الإسرائيليين، فإن هذا الادعاء قد قلل من مصداقية أوباما وقوّى من موقف نتنياهو.

وقد تكون هناك أسباب قوية لسياسة أوباما في الشرق الأوسط. وقد يكون تجميد المستوطنات في صالح إسرائيل. وقد يكون الرئيس ملتزما بالفعل بأمن ورفاهية إسرائيل على المدى البعيد. وقد تكون شعبيته في الشارع العربي هي المكون المفقود لصنع السلام.

ولكن حتى يتحدث الرئيس إلينا، فإننا لن نعرف. وفي المرة التالية التي تأتي فيها أيها الرئيس إلى بلد مجاور، نرجو أن تتحدث إلينا مباشرة. وسوف نستمع إليك بلا شك.

ـــــــــــــــ

*محرر غير متفرغ في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية ـ خدمة «نيويورك تايمز»