خبر « خد ».. وتعود على اللطام !!

الساعة 08:27 ص|30 يوليو 2009

"خد".. وتعود على اللطام!!

فلسطين اليوم- غزة (تقرير خاص)

"خد وتعود على اللطام".. بهذه الكلمات يعزي الغزيون أنفسهم وليتمسكوا بصبرهم وجلدهم على مايواجهونه في مسيرة حياتهم من ألم ومعاناة ليست بقليلة، حتى عرف عنهم أنهم من أكثر الشعوب نضالاً وصبراً في تاريخ مقارعة المحتل الإسرائيلي واحتمال تبعات الانقسام الداخلي الذي فتك بهم وأوصلهم لمرحلة لم يعودوا قادرين فيها على اللطام.

 

شهداء وجرحى وأسرى وحصار وإغلاق وفقر وبطالة ومستوطنات وخلافات داخلية وانقسامات سياسية، وموت بطئ في المستشفيات، وحرق واختناق في الأنفاق، وكبت للحريات وسكوت عن كلمة الحق.. وهل من مزيد للطام؟

 

فالشكوى من سوء الأوضاع باتت لا تجدي نفعاً، فكما قال الحاج الستيني أبو محمد ماضي "الشكوى لغير الله مذلة، وشعبنا تعود على المصايب ومن يوم نكبتنا وإحنا منكوبين"، أما زوجته التي ترافقه إلى مجمع الشفاء الطبي لعلاجه من أوجاع في ظهره، فتعتقد أن خدها لم يحتمل لطامها وقلبها يعتصر منذ أن فقدت ابنها الذي استشهد في السنة الأولى لانتفاضة الأقصى.

 

أما الطالب الجامعي أحمد الزرد، فيرى أن الشعب الفلسطيني يتميز بصبره وقوة احتماله، ومايعانيه جزء من التضحية التي يقدمها من أجل نصرة قدسه والحفاظ على المسجد الأقصى المبارك، وإن كان الثمن كبيراً كما يقول.

 

فالزرد، يؤكد أن كل مايتعرض له الشعب الفلسطيني تقويه على مستقبله الذي لا ملامح له، مستدركاً قوله أن أكثر المعضلات صعوبة التي يتعرض لها الغزيون هو الفتنة الداخلية والانقسام الذي يؤدي إلى قتل الإنسان لأخيه الإنسان، ونوه إلى أن هناك أشخاص ضعاف نفس لا يحتملون ما يتعرضون لها من مصائب فهناك أمهات صابرات وأخريات لا يحتملن فراق واستشهاد أبنائهن، ولهن الصبر.

 

والدة الشهيد شادي مصطفى والأسير جلال، توصف حال الشعب الفلسطيني بالمؤلم، وتقول أنه ليس ذنبها أنها تشتاق لأبنائها وتبكي على حالها وحال كل أمهات وزوجات وأبناء الشهداء والأسرى، ومعاناة كل أبناء الشعب الفلسطيني التي تتنوع مابين الحصار والخناق والإغلاق، فضلاً عن استمرار الخلافات وعدم التوصل لوفاق وطني بين الإخوة.

 

أما الباحث الإعلامي محمد داود فقال:"بدأنا اللطام منذ عام 1948 عندما احتلت فلسطين بل قبل ذلك بكثير منذ أن بدأ الاستعمار يؤسس للمشروع الصهيوني على أرض فلسطين ومع كل مجزرة ترتكبها تلك العصابات الصهيونية نجدد العهد مع هذا اللطام والنواح والبكاء، مروراً بعام 1967 حتى احتلت فلسطين بالكامل، وهكذا لسان حالنا نحن الفلسطينون سرعان ما نفيق من نكبة حتى ندخل نكسة جديدة وهم أخر، فمن أيلول مروراً ببيروت وغزة أخيراً.

 

واعتبر داوود، أن الشعب الفلسطيني قبل بظلم العدو لأنه عدوه لكنه لا يقبل ظلم ذوي القربى فقد يكون اللطام أشد والجرح أعمق، إذا استمر الانقسام الفلسطيني وقتل الأبرياء".

 

أما الأخصائية الاجتماعية مريم طبيلة، فتؤكد أن الشعب الفلسطيني بات معتاداً على المآسي التي يعاني منها فما أن يخرج من مأزق حتى يدخل في مأزق آخر أشد ضراوة وقوة ويخرج منها صلباً وقوياً.

 

وأضافت طبيلة، أن شعبنا تعرض لحرب إسرائيلية شرسة ولكن قام منها الغزيون بشجاعة وأصبحوا يمارسون حياتهم بشكل طبيعي ويقيمون أفراحهم، ويعيشون كل الظروف المختلفة من فرح وحزن، في حين أن لو هذا حدث مع أي شعب آخر فتقوم الدنيا ولا تقعد ولا يحتملون ما يجري ويتأثرون بسهولة.

 

وعن سلبيات ذلك، نوهت طبيلة، إلى أن اعتياد الإنسان الفلسطيني على آلامه ومشكلاته يجعلها جزء من حياته وشخصيته فيصبح الفرح والحزن عنده سيان، وتأقلمه يفقده الإحساس بطعم الحياة، وتصبح حياته مجرد أيام يعيشها لا يبحث عن سعادة أو شئ جديد.

 

أما ما يميز ذلك، فاعتبرت الأخصائية الاجتماعية تحمل الإنسان الفلسطيني لمشكلاته هو ما يزيده صلابة وقوة وتحمل أي أمر للوصول لأهدافه خاصةً الوطنية وما يتعلق بقضيته الفلسطينية.

 

ولا شك، أن ما يواجهه شعبنا من مشكلات ومصائب هي قوة تدفعه للأمام للوصول لأهدافه الوطنية ولكن دون التنازل عن حقه في العيش في حياة كريمة كسائر شعوب العالم، ودون أن يتوقف عن انتظار المجهول.