خبر المشكلة السورية هم يجفون..يديعوت

الساعة 08:18 ص|30 يوليو 2009

 بقلم: غي بخور

تعيش سوريا كارثة اقتصادية. لا سبيل آخر لوصف ما يجتهد النظام السوري جدا لاخفائه. الدولة تجف، وليس أقل من ربع مليون مزارع اضطروا في السنوات الثلاث الاخيرة الى هجر اراضيهم والهجرة الى المدن الكبرى. هناك يعيشون في الخيام، مهملين تماما من السلطة. هذه المعطيات ظهرت في بحث خاص أجرته الامم المتحدة ونشر في موقع القناة "العربية".

نهر الفرات العظيم، مصدر المياه الرئيس لسوريا، آخذ في الجفاف. الاتراك يوقفون مياهه في اراضيهم، بحيث أن سوريا، وبعد ذلك العراق يصل اليهما قسم آخذ في التناقص. وفي غضون عشر سنوات سيجف النهر تماما ما أن يغادر تركيا. اليوم ايضا يصل الى سوريا بمياه ملوثة وعليه فسمكه، المصدر المعيشي الهام آخذ في الانقراض. ملوحة المياه ازدادت بل وفي أحيان لم تعد الماء صالحة للشرب. بعض من جداول النهر لم تعد قائمة، مثل نهر خابور، الذي جف تماما، حيث بات الان مسار رملي جاف.

بسبب الجفاف الذي يتواصل منذ بضع سنوات، فان نهر العاصي، مصدر المياه الهام الاخر في سوريا يجف هو ايضا. مياهه تملح وتتلوث وسمكه يموت. لا وجود للسمك، لا رزق. قرى باكملها تغذت بمياهه مئات السنين ببساطة تهجر.

المياه الجوفية في الدولة هبطت الى درجة الدرك الاسفل، ولم يعد ممكنا استخدام نحو 420 الف بئر عشوائي حفرها السكان على مدى السنين. واذا لم يكن هناك ماء، فلا زراعة، والناس يغادرون القرية وينتقلون الى المدينة. ولما لا يوجد هناك ايضا عمل، فان الازمة تكون رهيبة والضغط السياسي يرتفع.

قسم كبير من المزارعين الذين يهجرون القرى هم اكراد، الامر الذي يخلق مشكلة طائفية. اللاجئون الاكراد يتهمون النظام بانه لا يفعل شيئا لهم. وهم يسكنون منذ سنوات في الاف الخيام بمحاذاة المدن الكبرى، ولا يوجد لهم حل.

يتبين أن كل الذنب يقع على حزب البعث الحاكم. في الستينيات قرر الحزب تحويل سوريا الى دولة تصدر الحبوب. وقد رأوا في ذلك نصرا للثورة الزراعية السورية. ولهذا فقد اجبروا المزارعين الى الانتقال من المرعى، في ارض شبه جافة، الى زراعة الحبوب . وغض النظام النظر عن حفر مئات الاف الابار، التي نهلت المياه لغرض زراعة الحبوب . كل اقتصادي تجرأ على الخروج ضد هذه السياسة القي به في السجن.

والان، مع الجفاف الفظيع يحصدون الثمار الجافة في دولة تعد 20 مليون نسمة، نصف مواطنيها هم مزارعون. وبدلا من 1.9 مليون طن من الحبوب توقعوها هذا العام، نجح المزارعون بتوفير 892 الف فقط. وهذا خراب بالتعابير السورية. المعنى: سوريا تستورد اليوم الحبوب وليس لديها مال.

لسوريا مصلحة وجودية لوضع اليد على مياه بحيرة طبريا كي تنهل منها لسقاية الحقول في منطقة دمشق، حلب وحمص. بحيرة طبريا المسكينة خاصتنا، والتي مياهها منذ الان تصل الى اسرائيل والاردن (نحن نوفر كمية دائمة كل سنة بفضل اتفاق السلام). اذا وصلت سوريا الى بحيرة طبريا، فان النهل منها سيكون هائلا. ومثلما خربت الانهار والمياه الجوفيه لديها، هكذا ستخرب ايضا مصدر المياه الرئيس لدينا. وهي تتطلع اليه بعيونها، رغم أنها غير معنية بالسلام مع اسرائيل.

هل ينبغي لاسرائيل أن تدفع ثمن القصورات والمهانات من حزب البعث السوري؟ بل وأكثر من ذلك: عندما نفهم كم تستغل تركيا سوريا، هل ينبغي ان نختار الاتراك بالذات كوسطاء بيينا وبين السوريين؟ إذ ان لتركيا مصلحة وجودية في أن يحصل السوريون على بحيرة طبريا، وهذا يخفف الضغط عنهم.

قبل البدء المحتمل للمفاوضات مع سوريا مرغوب فيه أن نعرف هذه المعطيات وان نحذر، ينبغي الامل في أن يكون الامريكيون، الراغبون في دفع المفاوضات في القناة السورية الى الامام، يعرفونها هم ايضا.