خبر الحوار الغربي مع حماس...أبعد من مجرد رحلة استكشاف ؟ ..كتب: عريب الرنتاوي

الساعة 10:21 ص|29 يوليو 2009

الحوار الغربي مع حماس...أبعد من مجرد رحلة استكشاف ؟

كتب: عريب الرنتاوي

بات الغرب عموما، بجناحيه الأوروبي والأمريكي، أكثر اقتناعا بالحاجة إلى إدماج حركة حماس في صلب حراكه السياسي الرامي حل المشكلة الفلسطينية من مختلف جوانبها، وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة، فضلا عن التقدم على خط مواز على المسارين السوري واللبناني، ومن الواضح تماما أن ذرائع بعض العرب والفلسطينيين وحججهم الدافعة باتجاه عرقلة الحوار الغربي / الحمساوي، لم تعد تجد آذانا صاغية في عواصم ومراكز صنع القرار الدولي، التي بات من المؤكد أنها أعطت الضوء الأخضر لا لاستطلاع فرص الحوار فحسب بل ولسبر غبر احتمالات التوصل لصفقات وتسويات.

 

ويبد للمراقب عن كثب للموقف الأوروبي / الأمريكي من عموم قضايا المنطقة، أن ثمة إحساسا عميقا بالفشل يطارد السياسات الغربية حيال ملفاتها وأزماتها المختلفة، وأن عواصم القرار الأوروبي – الأمريكي، باتت مؤمنة بضعف قدرة الكثير من حلفائها على تلبية المطلوب منهم سواء فيما يخص عملية السلام أو على مستوى التحولات السياسية والديمقراطية المطلوبة في دولهم ومجتمعاتهم، إن لغياب الإرادة أو لنقص في "الشجاعة" على حد تعبير الرئيس أوباما، فبدأت تستطلع فرص البحث عن تحالفات جديدة، موازية وليست بديلة، للتحالفات القائمة، أقله في هذه المرحلة.

وفقا لمصدر أوروبي فإن الغرب يقف حائرا أمام عدد من الظواهر والأسئلة، منها على سبيل المثال: إلى متى ستبقى السلطة والحكومة في رام الله ممددة في غرف العناية الغربية الحثيثة، ومتى تستيطع أن تقف على أقدامها، وأن تظهر أنها قادرة على استعادة ثقة شعبها بها، فحكومة السيد فيّاض وفقا للمصدر، بالكاد تقوى على البقاء والاستمرار برغم مئات ملايين الدولارات التي تضخ في عروقها سنويا، وبرغم كل الحماية والإسناد والتأييد الذي تحظى به من قبل المجتمع الدولي، في حين ما زالت حكومة حماس في غزة، قائمة ومنافسة وتعمل ميدانيا وعلى الأرض، برغم الحصار البري والبحري والجوي المضروب على القطاع، فما الذي كان بمقدور حكومة كهذة أن تفعله – يتساءل المصدر - لو أنها تلقت نصف الدعم الذي حظيت به حكومة فيّاض وسلطة رام الله ؟!

 

والحقيقة أن الغرب وفقا لمصادر متطابقة، بات شديد الضيق بشروط "الرباعية الدولية"، وهو يريد أن يكسر الطوق الذي ضربه على نفسه ودبلوماسيته عندما فرض شروطا ثلاث مسبقة للحوار مع حماس، لكنه في الوقت نفسه، ينتظر أن تقدم الحركة على الخطوة الأولى، وأن ترفع الحرج الذي تجد واشنطن وعواصم أوروبية عدة نفسها عالقة فيه، الأمر الذي يملي على الحركة البحث عن إجابة على سؤال: ما الذي يتعين فعله، من أجل تسريع حلقات الحوار ومحطاته، وهو سؤال من غير المتوقع أن تجيب عليه دفعة واحدة، وبصورة ترضي تماما الجانب الآخر، ولهذا فإن من المتوقع أن تأتي الإجابات بالتوالي والتقسيط، على دفعات ومقابل أثمان مقبوضة كذلك، وهذا ما لمسنا "أول غيثه" في خطاب رئيس المكتب السياسي للحركة في دمشق مؤخرا.

 

جديد الحوار الغربي – الحمساوي في جولاته الأخيرة، أنه يلتئم بعد أن  أنجزت الحركة سلسلة من التكيفات الضرورية التي من شأنها تخفيف وطأة الحرج عن الحوار والمتحاروين، بل وتشجع أطرافا عدة على خوض غمار التجربة، وإلا كيف نفسر اجتماعات جنيف يومي 16 و17 حزيران (يونيو) الماضي بين وفد رفيع وواسع من قادة حماس من جهة ومسؤولين ونواب أميركيين وأوروبيين حاليين وسابقين من جهة ثانية، برعاية وتمويل من وزارة الخارجية السويسرية وبمشاركة مبعوث سويسرا إلى الشرق الأوسط جان دانيال روخ.

 

ولا أحسب أن لقاءا ضم كل من وكيل وزارة الخارجية الاميركي السابق توماس بيكرنغ، ومسؤول برنامج الشرق الاوسط في "مجموعة الازمات الدولية" روبرت مالي، والسفير البريطاني السابق في نيويورك وفي بغداد جيرمي غرينستوك، ووزير الخارجية الفرنسي السابق هوبير فيدرين، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الالماني روبرت بولينز، وغيرهم من الباحثين والمختصين والدبلوماسيين – وفقا لجريدة الحياة - يمكن أن يكون قد التأم على عجل، ومن دون ترتيب مسبق، وبلا ضوء أخضر من عواصم دولية عدة.

 

كلما زاد "التورط" الغربي في السعي لحل المسألة الفلسطينية وإطلاق عملية التفاوض والسلام من جديد، كلما أدركت هذه الدوائر حاجتها لإدماج حماس في هذه العملية، وكلما اتخذ الحوار معها طابعا متقدما من حيث مضمونه ومستوى المتحاورين وكلما تعددت أماكن التئام موائد الحوار وزادت درجة اقترابه من المواضيع الأكثر حساسية.