خبر نقاط اللا عودة -يديعوت

الساعة 08:57 ص|29 يوليو 2009

بقلم: اسحق بن - اسرائيل

نهض رجل في صباح يوم ميلاده الستين وهو مفعم بالقلق. الصحف مليئة بسيناريوهات الرعب والمخاطر، وفوق كل شيء يحوم ظل القنبلة الايرانية. "اذا كان لايران سلاح نووي، فان اسرائيل ستباد في ثوان"، يشرح سفيرنا في الولايات المتحدة. "كارثة ثانية"، يقضي رئيس الوزراء. وعنوان رئيس آخر "مهدىء": يطورون منذ الان لعلاج ضد الاشعاع النووي.

وماذا عن حزب الله الاخذ في التعزز في الشمال؟ وحماس في الجنوب؟ الديكم منذ الان مجال محصن ضد الصواريخ التي توشك على أن تسقط على رؤوسنا؟ الصواريخ السورية، كما تعرفون، ثقيلة وخطيرة أكثر بكثير من تلك التي سقطت علينا حتى الان.

وكل هذا فقط في المجال الامني. في المجال السياسي ايضا آخذة السماء بالاقتراب. حتى لو لم يكن هناك شرخ مع الامريكيين حول المسألة الفلسطينية، فكيف وصلنا الى وضع انضمت فيه القدس ايضا ضمن "المستوطنات"؟ والاقتصاد؟ نحن في ذروة أزمة عالمية. اقالات، بطالة وتجميد النمو لم تعد مخاوف غامضة. باختصار، مثلما يقول لي ابنائي، الوضع سيء للغاية.

ولكن يمكن ان نرسم الصورة ايضا بالوان اخرى، مغايرة تماما. صحيح، ايران تتقدم في تحقيق قدرتها على بناء قنبلة، ولكن ليس لديها قنبلة بعد، وحتى عندها لن يكون بوسعها ان تبيدنا. العالم، وعلى رأسه الامريكيون "يتقدمون" في فهم التهديد الايراني وينتظمون لصده. العالم العربي السني، وعلى رأسه مصر، يقترب منا بشكل قبل بضع سنوات فقط كان خياليا، الى انتظام مشترك ضد التهديد الايراني، حتى وان لم يكن انطلاقا من "محبة مردخاي" بل من "كراهية هامان". وفي هذه الحالة احمدي نجاد. ويشارك في هذا الجهد الرئيس الامريكي الجديد، الذي يرى هنا فرصة لانهاء النزاع بين اسرائيل وجيرانها.

حماس وحزب الله يتصرفان كجهتين ضربتا بشدة. حرب لبنان الثانية وحملة "رصاص مصهور" حققتا نتائج مشابهة على مستوى الردع. ولا يبدو أن منظمات الارهاب تسارع الى تكرار نمط عملها السابق. وحتى الازمة الاقتصادية مستنا "برقة"، بالنسبة لباقي العالم المتطور.

ماذا إذن، الوضع جيد أم سيء؟ النظرة الواعية يجب أن تكون متوازنة. التهديدات الاستراتيجية ليست كبيرة او صغيرة حسب حجم الضجيج الذي تثيره. عندما اجند تجربتي في مجال الامن، الاستخبارات، السياسة والاكاديميا، اجدني مقتنع بان التهديدات التي ذكرت اعلاه قابلة للمعالجة الواعية، وانه بسلوك سليم سيتوفر لها حل.

التهديدات الاستراتيجية الخطيرة حقا توجد في مكان آخر. وهي تهديدات "هادئة". من الاصعب علينا وصفها، واصعب بقدر اكبر التصدي لها، وهي اكثر خطورة بكثير. في رأس القائمة يقف فقدان ثقة الجمهور بالساحة السياسية وتهاوي جهاز التعليم بشكل عام والتعليم العالي بشكل خاص.

الساحة السياسية عندنا توجد في حالة تدهور مستمر وعدد الاشخاص الطيبين المستعدين للانضمام اليها آخذ بالتضاؤل. هذه كرة ثلج تغذي نفسها. ايا من المشاكل التي احصيت آنفا لن تجد لها حلها اذا لم تحظى الساحة السياسية بدعم الجمهور بدلا من تحقير الجمهور.

ومن جهة اخرى، كل الحلول التي وجدناها حتى اليوم لمشاكلنا الامنية، السياسية او الاقتصادية، استندت الى تفوقنا في العنصر البشري، الى كوننا شعبا ذا تقاليد وثقافة تعلم، سعي نحو التميز والاحترام للعلم. كل هذا آخذ في الاختفاء. اسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي ليس مائة في المائة من اليهود فيها هم اصحاب شهادات بجروت (ثانوية). جهاز التعليم العالي يوجد في وضع من الانهيار، بعد قليل سيتجاوز نقطة اللا عودة.

نهض رجل في صباح يوم ميلاده الستين وهو مفعم بالقلق، ليس من نقطة اللا عودة في ايران، بل من تلك التي عندنا.